10-04-2023 11:59 PM
سرايا - قال تقرير صادر عن البنك الدولي أنّ الزيادات في أسعار المواد الغذائية لم تلعب دورًا كبيرًا في التضخم الحاصل في الأردن خلال العام الماضي على عكس دول كثيرة في المنطقة، وذلك بعد أن قام الأردن بفرض ضوابط على أسعار الغذاء والطاقة، وخفف قيود الاستيراد على منتجات معينة للتقليل من اختناقات العرض المحلي وبالتالي تخفيف التضخم المحلي.
ووفقا للتقرير فإنّ هذا ينطبق على الفترة الواقعة ما بين آذار (مارس) 2022 وكانون الأول (ديسمبر) من العام ذاته.
وذكر التقرير الذي حمل عنوان “المصائر المتغيرة: الآثار طويلة المدى لارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” أنّ الأردن يعاني من الجفاف، ما قلل من إنتاج الغذاء المحلي، كما تسبب الوباء في حدوث طفرات في انعدام الأمن الغذائي في المملكة وغيرها من الدول كالمغرب وتونس.
وفي الوقت الذي ستكون فيه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحاجة إلى ما بين 27.73 مليار دولار إلى 38.05 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الغذائية للسكان الذين يعانون من انعدام الأمن الشديد في عام 2023، قدّر التقرير متطلبات تلبية هذه الاحتياجات في الأردن للعام ذاته بين 620 و850 مليون دولار، فيما كان قدرها للعام الماضي 2022 بحوالي 720 مليون دولار.
ووفقا للتوقعات فإنّ تلبية هذه المتطلبات في المملكة سترتفع مع 2027 لتقدر ما بين 520 مليون إلى حوالي مليار دولار.
وركز التقرير على تأثير صدمات أسعار الغذاء على الأطفال من حيث الصحة والتعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال الفترة الواقعة بين آذار (مارس) – وحزيران (يونيو ) 2022 حيث أشار إلى أنّ هذا سيزيد من عدد الأطفال المعرضين للتقزم في الأردن والمنطقة.
وقدر عدد الحالات المعرضة للتقزم بـ875 حالة بحسب أسعار التضخم للعام 2022، مقارنة مع 580 حالة وفقا لأسعار التضخم في العام 2021.
وحول الآثار طويلة المدى لارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أشار التقرير إلى أن الزيادة المتوقعة في عدد الأطفال الذين يعانون من التقزم بسبب انعدام الأمن الغذائي الذي يسببه ارتفاع الأسعار في الشهور الأربعة الأخيرة ما قبل الحرب الأوكرانية نحو 875 طفلا.
وقال التقرير إنّ ارتفاع أسعار المواد الغذائية يجعل من الصعب على العائلات وضع وجبات الطعام على المائدة، موضحاً أنّ التضخم يؤثّر على الفقراء أكثر من الأغنياء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سواء في الاقتصادات الناشئة أو النامية، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى الحصة غير المتناسبة من ميزانيات الأسرة التي يخصصها الفقراء للغذاء والطاقة.
وبلغ متوسط تضخم أسعار الغذاء على أساس سنوي بين آذار (مارس) وكانون الثاني (ديسمبر) 2022 حوالي 29 % في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو أكبر بكثير من (19.4 %) معدل التضخم الكلي. وهذه الزيادات الضخمة في أسعار المواد الغذائية، حتى لو كانت مؤقتة، يمكن أن تكون لها آثار طويلة الأمد.
وأشار التقرير إلى أنّ الزيادة في أسعار المواد الغذائية المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانيّة زادت من خطر التقزم بنسبة 17-24 % في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا النامية، وهو ما يترجم إلى حوالي 200 ألف إلى 285 ألف طفل حديثي الولادة سيعانون من التقزم.
وبين التقرير أن سوء تغذية الأطفال يمكن أن يؤدي إلى الأداء الضعيف في التعليم، إضافة نتائج صحية سيئة في مرحلة البلوغ.
ويحذّر التقرير من التأثيرات الوراثيّة بين الأجيال- فقد يتأثر أبناء البالغين الذين تعرضوا للتقزم سابقا إلى نفس مشكلة التقزم عند الولادة أيضًا.
وذكر التقرير أنّ تضخم أسعار الغذاء تضاعف في معظم اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ذات الدخل المتوسط والمنخفض في 2022.
وبالنسبة لمعظم اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يعد تضخم أسعار المواد الغذائية أعلى بكثير من التضخم الكلي، حيث شكل تضخم الغذاء حوالي نصف أو أكثر من التضخم الرئيسي في العديد من البلدان في المنطقة، على الرغم من أن وزن الغذاء في مؤشر أسعار المستهلك (CPI) يبلغ عادة حوالي 25 %.
وأشارت البيانات إلى أنّ الأسر الأفقر في ديسمبر 2022 عانت من تضخم أعلى بنحو 2 نقطة مئوية (على أساس سنوي) من الأسر الغنية في المتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وحذر التقرير من أن يؤدي تضخم أسعار الغذاء، حتى لو كان مؤقتًا، إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي مع تأثير دائم، مشيرا إلى أنّ الزيادات المؤقتة في أسعار المواد الغذائية يمكن أن تتسبب في أضرار طويلة الأجل لا رجعة فيها، خاصة للأطفال، ومؤكدا أنّ الصدمات السلبية يمكن أن تكون لها آثار متعددة على نتائج التنمية في مجالات التعليم والصحة والدخل.
وبالإضافة إلى ذلك يمكن للتغذية غير الكافية أن تعطل مصائر الأطفال، وتؤثر على وضعهم على مسارات الازدهار المحدود.
وأضاف أن انعدام الأمن الغذائي يفرض تحديات على منطقة كانت تعاني بالفعل من نقص التغذية والصحة للأطفال قبل الصدمات الناجمة عن جائحة COVID-19 والحرب في أوكرانيا.
وتشير التقديرات إلى أن واحدًا من كل خمسة أشخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من المحتمل أن يعاني من انعدام الأمن الغذائي في عام 2023.
وقال إنّ المعدلات الأولية للتقزم – المعترف به كمقياس للأثر التراكمي لأوجه القصور الصحي لدى الطفل منذ ما قبل الولادة وحتى سن الخامسة – تعد أعلى بكثير بالنسبة للعديد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط، وقد يؤدي انتشار الإعانات إلى تشويه نفقات الطعام المنزلية تجاه المواد الأقل تغذية.
ويتجلى ذلك في العبء المزدوج لسوء التغذية، فبدانة الأطفال ونقص التغذية منتشران جنبًا إلى جنب في العديد من اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وهذا يعني أن معالجة عدم كفاية تغذية الأطفال وصحتهم يمثل تحديًا سياسيًا بالغ الأهمية ليس فقط لأسباب إنسانية ولكن لأسباب اقتصادية أيضًا، حيث إن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يكبرون ليصبحوا عمالاً أقل إنتاجية.
ويلعب تضخم الغذاء دورًا رئيسا في زيادة انعدام الأمن الغذائي في جميع المجموعات الفرعية الأربعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (البلدان النامية المستوردة للنفط والبلدان النامية المصدرة للنفط ودول الصراع ودول مجلس التعاون الخليجي) ويمثل التضخم ما بين 24 % و33 % من انعدام الأمن الغذائي المتوقع في عام 2023.
وأشار التقرير إلى ارتفاع عدد السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسبب التضخم بنسبة 66 % بين فترة ما قبل الوباء وعام 2023، نظرًا لأن هذه المنطقة صغيرة نسبيًا مقارنة بالمناطق الأخرى.
وباستثناء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وفقًا للافتراضات المحافظة، يشير التقرير إلى أن حوالي 8 ملايين طفل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
ويرى التقرير أن التحدي المتمثل في انعدام الأمن الغذائي هائل، ووفقًا للتقديرات الواردة في هذا التقرير، تبلغ احتياجات تمويل التنمية المتوقعة لمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مليارات الدولارات سنويًا.