بقلم : د. حمزه العكاليك
الاقتصاد الأردني اقتصاد متنام يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا والابتكار ، حيث بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي حوالي 2٪ سنويًا. ومع ذلك ، لا يزال الأردن يواجه العديد من التحديات التي قد تعيق نموه الاقتصادي. لذلك ، أصبحت الهجمات الإلكترونية مصدر قلق كبير للحكومة والشركات على حد سواء. حيث شهدت البلاد العديد من الهجمات الإلكترونية البارزة في السنوات الأخيرة. ولقد كان لهذه الهجمات تأثير كبير على الاقتصاد الأردني ، حيث أثرت على الشركات والأفراد على حد سواء.

في السنوات القليلة الماضية ، تعرض الأردن للعديد من الهجمات الإلكترونية البارزة. ففي عام 2018، استهدفت مجموعة من المتسللين عدة مواقع حكومية، بما في ذلك مواقع وزارة الخارجية ووزارة الداخلية. حيث أسفر الهجوم عن سرقة معلومات حساسة وتسبب في تعطيل كبير للعمليات الحكومية. أيضًا في عام 2019 استهدفت مجموعة أخرى من المتسللين عدة بنوك في الأردن، حيث تم تنفيذ الهجوم باستخدام برمجيات خبيثة متطورة سمحت للمتسللين بتجاوز الإجراءات الأمنية والوصول إلى المعلومات المالية الحساسة.

ومن اجل ان نكون اكثر وضوحا إن الهجوم الإلكتروني يمكن أن يتسبب في اضطراب كبير في العمليات التجارية من خلال تعطيل الأنظمة المهمة أو سرقة المعلومات الحساسة. ويمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى فقدان الإنتاجية وزيادة التكاليف والإضرار بسمعة الشركات والدولة بشكل عام. علاوة على ذلك ، يمكن أن يؤدي ذلك إلى فقدان ثقة العملاء والمستثمرين؛ فمن الممكن أن تؤدي الهجمات الإلكترونية إلى تآكل ثقة العملاء في الشركات من خلال كشف معلومات حساسة أو التسبب في تعطيل الخدمات و يمكن أن يؤدي فقدان الثقة هذا إلى انخفاض الإيرادات وإلحاق الضرر بسمعة الاعمال على المدى الطويل.


كما ان الأمن السيبراني سيزيد من التكاليف فنتيجة للهجمات الإلكترونية قد تحتاج الشركات إلى الاستثمار في تدابير إضافية للأمن السيبراني لحماية أنظمتها وبياناتها. ويمكن أن تكون هذه التكاليف كبيرة خاصة بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم (SMEs) التي قد لا تمتلك الموارد اللازمة للاستثمار في تدابير قوية للأمن السيبراني.


وعليه فانه وللتخفيف من تأثير الهجمات الإلكترونية على الاقتصاد الأردني يمكن وضع العديد من الحلول المحتملة قيد التطبيق. فالحكومة الأردنية تستطيع زيادة الاستثمار في البنية التحتية للأمن السيبراني. على أن يشمل هذا الاستثمار تمويل البحث في تقنيات الأمن السيبراني الجديدة وزيادة الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة التي قد لا تمتلك الموارد اللازمة للاستثمار في تدابير قوية للأمن السيبراني. يمكن أن توفر إستراتيجية قوية للأمن السيبراني العديد من الفوائد للاقتصاد الأردني مثل تعزيز ثقة المستثمرين. إلى حد كبير ، فالاستراتيجية القوية للأمن السيبراني تساعد في تعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأردني. فالمستثمرون يتوجهون الى دولة لديها تدابير قوية للأمن السيبراني. وعلية يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الاستثمار في الاقتصاد الأردني، مما يساعد أن يساعد في خلق المزيد من فرص العمل وتحفيز النمو الاقتصادي.


علاوة على ذلك ، يجب على السلطات الأردنية تحسين التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص. يحيث تعمل الحكومة بشكل أوثق مع القطاع الخاص لتطوير استراتيجيات فعالة للأمن السيبراني تلبي الاحتياجات الفريدة للصناعات المختلفة. ويمكن أن يشمل هذا التعاون تبادل المعلومات حول التهديدات ونقاط الضعف، بالإضافة إلى تطوير مبادرات مشتركة لتعزيز الوعي بالأمن السيبراني. فجوهر هذه المبادرة هو حماية البنية التحتية الحيوية. وهذا يشمل شبكات الطاقة وأنظمة النقل وشبكات الاتصالات. من خلال حماية هذه الأنظمة من التهديدات الإلكترونية ويمٌكن الأردن من ضمان عدم تعطيل أنشطته الاقتصادية بسبب الهجمات الإلكترونية.

لذلك من الضروري للأردن تطوير استراتيجية قوية للأمن السيبراني يمكنها حماية اقتصاده من التهديدات السيبرانية. والهدف من هذه الاستراتيجية هو حماية البيانات الحساسة. حيث تتضمن تلك الاستراتيجية حماية المعلومات الشخصية والبيانات المالية والملكية الفكرية. ومن خلال حماية هذه البيانات، يمكن للأردن ضمان عدم تعرض مواطنيه وشركاته لخطر سرقة الهوية أو الاحتيال المالي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الاستراتيجية أن تعزز السمعة الدولية؛ فيمكن لاستراتيجية قوية للأمن السيبراني أن تعزز سمعة الأردن الدولية كدولة آمنة ومأمونة لممارسة الأعمال التجارية. هذا يمكن أن يجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي ويساعد على زيادة الصادرات مما يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي للبلاد.

في الختام ، تعتبر استراتيجية الأمن السيبراني القوية ضرورية لحماية الاقتصاد الأردني من التهديدات السيبرانية. فمن خلال تطوير استراتيجية قوية للأمن السيبراني يمكن للأردن حماية بنيته التحتية الحيوية وتعزيز ثقة المستثمرين وحماية البيانات الحساسة وتعزيز سمعته الدولية. لذلك ، من الأهمية بمكان أن تستثمر الحكومة الأردنية في تطوير استراتيجية قوية للأمن السيبراني يمكنها حماية اقتصاد البلاد من الهجمات الإلكترونية والتهديدات الأخرى عبر الإنترنت.