حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,8 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1669

((( العولمة . . والأمن الفكري العربي )))

((( العولمة . . والأمن الفكري العربي )))

((( العولمة . . والأمن الفكري العربي )))

16-04-2023 11:22 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور الشاعر طارق فايز العجاوي
مواضيع وابحاث سياسية

في الواقع أن عمليات التثاقف بين المدنيات والشعوب على امتداد سطح الكوكب أصبحت مهددة وذلك ضمن أهداف وأسس ومعايير تتداخل فيها كافة مكونات أمم الأرض وذلك نتيجة حتمية للتطور الهائل الذي حصل في تقانات الاتصال والمعلومات والزيادة في نفوذ أولئك المتلاعبين بمصالحنا وعقولنا فباتوا يملكون الهيمنة الفكرية ونضيف لها الهيمنة اللغوية على اعتبار أنهم يملكون الرأس مال التقني والفكري الذي قطعاً تحول وسيتحول إلى رأس مال مادي يؤدي حكما إلى هيمنة الأقوى على الأضعف تقانياً وثقافياً وفكرياً وذلك بحكم القاعدة التي تقول بأن الضعيف يخلق القوي فان من يملك القوة قادرا قطعا على الهيمنة على الأضعف –الطرف الضعيف وهي معادلة منطقية في عرف التحول الاجتماعي الذي يعيه الجميع- ولذلك ففي أجواء المنافسة غير المتكافئة بين من يملك أدوات القوة من معرفة فائقة ومتفوقة مضافا لها التطبيقات التقنية أضحت القضايا المثارة حول العيش لسكان الأرض قاطبة قائمة على هيمنة القوي وتبعية الضعيف في شتى السبل والمجالات ولابد من الإشارة إلى نقطة غاية في الخطورة ونحن بهذا الصدد ألا وهي أن هذا الأمر لم يتوقف فقط على محاولات المالكين الجدد لمصادر القوة والقادرين على الهيمنة على مصير المناخ والبشر على سطح الكوكب بل إن حالة ووضع منطقتنا العربية جعلت القوى الإقليمية تطمع وتطمح في الوقت ذاته في الهيمنة على العقول بل أقول مصير ومذاهب الشعوب العربية التي تدور في حلقة مفرغة غائبة بل مغيبة كونها تهتم بقضايا هامشية صغيرة وإنها تلتف وتتمحور حول وضعها القائم من دون النظر والاستعداد لوضع استراتيجي خطير وقادم لا محالة وهذا الامر بحد ذاته يعظم بل يكرس عوامل الفرقة والتفرقة فيما بيننا –نحن أبناء الأمة- ذلك بدلا من اعتمادها الجماعي على الذات ناسية بل أقول متناسية ذلك الخطر الداهم الذي لا يبقي ولا يذر.
حقيقة هذا الوضع الشائك يجب أن يجعل المفكرين العرب أن يدقوا أجراس الخطر في حمانا العربي بكافة شرائحه وأنا أرى أن الجيل الصاعد يجب متابعته حثيثة كونهم في هذه المرحلة هم الهدف وهو المعرضون للاستقطاب خصوصا أنهم مغيبون جهلا ام قصدا عن هذا الواقع وهو أيضا الأكثر اتصالا بكل وسائل التواصل الحديثة أضف إلى ذلك ضعف الآليات الموجِّهة لهم وخاصة في مجال تنمية الفكر النقدي المحصِّن للفرد من الميل والغواية العولمية الالكترونية الأمر الذي يدعهم لقمة صائغة وهدف سهل قد يوقعهم في شراكٍ وفخاخ (الدوجماطيقية المذهبية ) التي قد تعصف بهويتهم وانتماءاتهم بحضاراتهم وهويتهم ومجتمعهم الذي تربوا وترعرعوا في كنفه تحت مسميات ودعاوى مذهبية أو تحت دعاوى العولمة وما بعد الحداثة وأيضا ما بعد الذكورية التي تتطلب قطعا الكيانات متعددة ومتعدية الجنسيات تنمية الفردية والمشروع الخاص ويليها تفكيك المؤسسات التي تقوم عليها الدول الحداثية وأهمها وأخطرها هي مؤسسة الأسرة الحلقة الأولى في التكوين البشري.
وارى في ظل غياب الأسرة وضعف الاهتمام بالتفكير النقدي في مؤسسات التعليم ومع انتشار تقانات الاتصال والمعلومات الحديثة التي أرى أنها يسَّرت ديمقراطية المعرفة وتشظِّي الثمن والغث من المعلومات ومع تعاظم وتنامي الكيانات متعددة ومتعدية الجنسيات وأيضا انتشار القيم الفردية هشاشة الدولة القومية الحداثية نمت وترعرعت الاتجاهات العرقية المذهبية أضف إلى ذلك أيضا ضعف الاهتمام بقضايا الانتماء القومي هذا حقيقة مدعاة لأني يصبح الاهتمام بقضايا توعية وتعليم جيلنا الصاعد وهم أمل المستقبل وقادته يجب أن تكون من المسائل الهامة والمفصلية التي تدخ ضمن إطار الأمن القومي لبلادنا العربية وكما هو معروف لدينا ان العولمة منطقها يقتضي الاعتراف بالتنوع الخلَّاق بين الثقافات فان الحقيقة والواقع يشهد هيمنة المالكين الجدد للمعرفة التقانية عالية الدقة الى المدى الذي يعيق تكوين مواطن منتمٍ لمجتمعه يفاخر بتراثه وقيمه ولغته ليحل بدلا منها إنسان كوكبي مجرد من هويته يفكر ويسلك وفق التوجهات الكوكبية لا يملك خياره بل تابع لا حول له ولا قوة.
ولابد ونحن بهذا الصدد من الإشارة إلى الضبط الاجتماعي الذي يتضمن لمعناه العام كل مظهر من مظاهر ممارسة المجتمع للسيطرة على سلوك الناس لتجعلهم متكيفين مع ما اصطلحت عليه الجماعة من قواعد وقوالب العمل والتفكير وقطعا يتضمن ذلك وضع تصميم اجتماعي لتكييف جوانب معينة من النظام بها تغييرات غير مألوفة بحي يحثث هذا التكييف استقرار التنظيم الاجتماعي وقد يَحدث ذلك بالتغيير الجذري او من خلال تشديد بعض أساليب الضبط او اصطناع أساليب جديدة وسيق متطورة حداثية .
والثابت أن عمليات السيطرة تتم من خلال قهر سلطة العقل الجمعي الموجِّه للأطر التفسيرية والعقائد والتقاليد والعادات والقواعد التربوية والقانونية.
أما بخصوص قضية السيطرة من خارج الفرد فلها اتجاهات أخرى وهذا واضح وجلي لكل منعم للنظر فالفلاسفة المنتمون الى الفلسفة الطبيعية مثل جان جاك روسو يرى ان الإنسان خيِّر بطبيعته ويد الإنسان تفسده اماة ابن خلدون الذي يرى الطبيعة الإنسانية يلزم لها وازع ورادع يكبح جماع عدوانيتها اما فلاسفة التنوير فيرون ان لا سلطان على العقل الا العقل نفسه ومنهم فولتير مما جعل بعض الاتجاهات الوجودية ترى ان التربية يجب ان تصبح استكشافية وتنطلق من الأعماق.
وعلى الرغم من تضارب وجهات النظر واختلافها حول كيفية اكتساب المعاني والمفاهيم والمعلومات والاتجاهات والقيم التي يتشكل منها سلوك الفرد فهي في المحصلة النهائية نتاج للفكر المتجمع من الخبرات وهذا حكما يعني ان الفكر لا يمكن مواجهته الا بالفكر فلا يفل الحديد الا الحديد ومجابهة الانحرافات السلوكية تاتي من خلال التحصين الداخلي للفرد بالتفكير النقد الذي يكشف التناقضات ومن خلال تعديل ومحو الأفكار والمعرفة الموجهة للسلوك وتاتي على راس الهرم المؤسسات التعليمية في مقدمة المؤسسات التي يمكن لها تحقيقة درجة عالية من أهداف الضبط الاجتماعي اذا استهدفت التنمية المتكاملة لجوانب نمو الإنسان الاخلاقية والنفسية والعقلية والجسدية والاجتماعية.... الخ ، ذلك لان التركيز على جانب نمائي فقط يؤدي الى تمنية تربية مشوهة فالمعلم والمعلمة المختلفين ثقافيا في اسولب العقيدة واللغة والحياة هذا لو افترضنا توفر حسن النية لا يشفع له علمه الرقيع ي تكوين انسان منتمٍ لمجتمعه لديه ولاء وانتماء لمن أنجبوه وبالنتيجة تصبح هوية الشباب العربي او بالاحرى الناشئة على مر مراحلها محل تسائل في المستقبل القريب .
ولكن توجد رؤيا ما بعد حداثية رفض التنميط الذي تدعمه مؤسسات الدول وعلى رأسها المؤسسات التعليمية ترى الفرد كذات وفاعل اجتماعي طليق حر تمكنه المؤسسات من تنمية قدراته على اتخاذ قراراته واختياراته والقيام بادواره وتقرير مصيره حيث يصبح الضبط ذاتيا اكثر من كونه مجتمعيا ونتيجة قوة الوافد الذي يبدو كوكبيا وبالخصوص عندما يتعلق الامر بتقانات المعلومات والاتصلات الحديثة حيث اصبح التلاعب بالعقول اكثر سرعة ويسراً الى الدرجة التي يمكن الادعاء فيها ان العالم يقسم فيها وفق من يملك المعرفة وتقاناتها وبين من لا يملكها والثابت ان حربا الكتترونية بين امم الارض باتت وشيكة ومن الممكن ان تقوم بعض المودنات وبعض جماعات الفيس بوك باثارة النزاعات الطائفية والعرقية داخل المجتمع وبين الشعوب وربما يكون تأثيرها فاعلية من الجماعات الاخرى التي تستهدف السلم والامن وتقوية اواصر الاخاء والمساواة العدل وهذا حكما يعني ان الناشئة وشبابنا العربي اذا وقعوا خارج دائرة التحصين الداخلي –أعني قدر الاهتمام بهم وتوعيتهم كي لا يكونوا لقمة سائغة وفريسة سهلة المنال- الذي يتولائهم بالحماية الفكرية وذلك بعد تزايد اعداد مستخدمي تقانات المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة وهي واقعاً وحقيقة سلاحا ذو حدين تتوقف وظيفته على اهداف مستعملة وهنا كما قيل مربط الفرس وهنا ايضا تظهر قيمة توعيتنا لهم وتحصينهم.
وعليه اصبح الفكر المحتمعي والمكون الاصيل للهوية -اعني اللغة- والتالي الامن القومي لشعوبنا قاطبة في حالة تهديد وحالة الوقوف في مرمى الهدف.

إلى اللقاء في الجزء الثاني








طباعة
  • المشاهدات: 1669
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
16-04-2023 11:22 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
هل أنت مع عودة خدمة العلم بشكل إلزامي؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم