17-04-2023 09:49 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
يبرز مؤخراً خطاب حول وجود جيل قديم، وجيل آخر جديد، ويريد البعض بناء تجربةٍ جديدةٍ منقطعةٍ عما سبقها من تجارب.. لسنا ضد جيل صاعد، وقادر على صياغة تجربته، ولكن، هناك مفاهيم جيدة يحسن قراءتها، وتأملها، ومنها: تزايح الأجيال، الاستفادة من تجارب أو البناء عليها.
والشباب، هو مفهوم ليس مرتبطاً بعمر أو سن، بل هو على صلةٍ أكثر بالمقدرة على العطاء، ذلك أن العالم اليوم يتغير، وتناط مؤسساته باستمرارية مقدرتها على الاستمرارية بالحفاظ على قيمها، بالإضافة إلى نظمها السائدة.
ولكن البعض يريد «جلب» تجربةٍ سابقة دون تأملها، بل ويذهب آخرون من ذات المدرسة، إلى أكثر من ذلك، يريد الهدم، مكرساً رواية هدم كل شيء، والبناء على جديد، بذريعة المعاصرة، وهنا ينسى كثيرون منهم، أنّ حديث المعاصرة حين راج في بلادنا كان يصاحبه دوماً الأصالة.
حتى أننا في الأردن، كنا ريادين في فترات عدة في صياغة مفاهيم من قبيل: تأصيل المعاصر، وعصرنة الأصيل، وغيرها من المفاهيم.
إننا نحتاج اليوم، إلى تأمل تجاربنا كافة، والبناء عليها، لا القفز عنها والإتيان بالجديد فوراً، فنحن أبناء مجتمعٍ متمرسٍ في تجربته، ولدينا دولة تتجاوز في عمرها المئة عام، وأحياناً تكون الاختلالات طبيعية، والحاجة بشكلٍ أكبر للبناء عليها، وتلافي ما شابها من سلبيات.
وقد قُدر لهذا الوطن الكريم، أنّ يخوض غمار تحولاتٍ كبيرةٍ بالثقة التي تكرست، والتجربة التي تشكلت، عبر أزيد من عشرات السنين، وهذا مصدر قوة يمكن البناء عليه، وأخذه دوماً بالاعتبار لأجل أن نستطيع المواصلة، وعلى هذا المنوال تشكل هذا الوطن، ويستمر، والتجارب والأجيال الجديدة تأخذ دورها في سياقٍ طبيعيٍ، وهذا حال وقدر في كل مجتمعات الدنيا، دون أن تبقى رهينة التصنيف، أو عدم الإصغاء لأصوات الحكمة فيها.
وما نتحدث به في هذا المقال، له صدىً حتى في أدبنا العربي، فمن بين واحدٍ من الشعارات التي رفعها الأردن منتصف القرن الماضي، وفي عز تحولاتٍ كبيرة، قول: «نبني كما كانت أوائلنا تبني».
وحديث التنافس بين الأجيال، وتوظفيه في غير مكانه، أدى إلى إزاحة خبرات كبيرة من القطاع العام، ما نتج عنه تصدر صفوف متأخرة إلى الأولى منها، دون أنّ تكون صاحبة خبرة ما انعكس على مناحٍ كثيرةٍ في الإدارة العامة، وبشكل سلبي، ودون أن يكون هذا الأمر طبيعياً، كما يجري في مجتمعات الدنيا جميعها.
فمن المعروف أنّ دول العالم الأول، تقدم حتى صاحب الخبرة، والتجربة، على صاحب الشهادة الأكاديمية.. رغم حاجتنا إلى مزاوجة الخبرة بالشهادة الأكاديمية، مع التأكيد أنّ المفهوم العام للإدارة يضع الخبرة أولا.. ومؤسساتنا شكلت بيوت خبرة ليس للأردن وحسب، بل وللمنطقة.
ونعم، خيرة الأردن بشبابه، وشبابنا من يواصلون البناء، والسعي في هذا الوطن، وكلنا شباب لأجل الوطن، ولكن، علينا أنّ لا نستغرق بصياغة تجارب «سريعة التحضير»، ففي هذا الأمر تسطيح، كثيراً ما تكون أعباؤه أكثر من حسناته.
وحديث الجيل القديم والجديد.. هو محبذ في أن يأخذ الشباب دورهم، ولكن التجارب لا تتشكل فوراً بمعزلٍ عن التجارب السابقة، والحاضرة، وتقييمها.. واليوم، وفي خضم تجربتنا الحزبية التي تتشكل، فإنّ هناك آمالاً أنّ تكون تجارب الأحزاب امتداداً طبيعياً لمفاهيم، تزايح الأجيال، إيلاء الخبرات الاهتمام، والمحافظة على تراكمية التجربة، بما يضمن سلاسةً في التطور.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-04-2023 09:49 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |