18-04-2023 02:35 AM
سرايا - تشهد مناطق من النصف الشرقي للكرة الأرضية يوم الخميس 29 رمضان الموافق 20 أبريل أول كسوف للشمس هذا العام 2023 وهو نوع نادر يسمى (كسوف الشمس الهجين) وسيكون مرئيًا في أستراليا وتيمور الشرقية وإندونيسيا (بابوا الغربية وبابوا) وفي الوقت نفسه سيشاهد ككسوف جزئي للشمس فوق منطقة أكبر بكثير تغطي في جنوب شرق آسيا شرق جزر الهند وأستراليا والفلبين ونيوزيلندا بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى في غرب المحيط الهادئ.
هذا الكسوف للشمس غير مشاهد بسماء القاهرة والسعودية والوطن العربي لأن الكسوف يشاهد عادة في جزء محدد ضمن المسار الضيق لظل القمر أو شبة الظل اضافة لميل محور دوران الأرض وموقع القمر والشمس.
ستكون كافة مراحل الكسوف على مستوى الكرة الأرضية ما بين الساعة 04:34 ص إلى 9:59 ص بتوقيت مكة وخلالها سيدوم الكسوف الهجين قرابة 3 ساعات و 19 دقيقة وسيقطع الظل المركزي للقمر مساراً سيبلغ طوله 13,800 كيلومترًا وبعرض حوالي 49 كيلومتراً وسيغطي 0.07٪ من مساحة سطح الأرض.
يمر القمر أمام الشمس مُنتجًا سلسلة مختلطة على طول أجزاء مختلفة من مساره، ففي البداية سيكون كسوف الحلقي فوق المحيط الهندي ثم ينتقل إلى كسوف كلي أثناء تحركه فوق غرب أستراليا ثم سينتهي ككسوف حلقي فوق جنوب المحيط الهادئ، يُعرف هذا التسلسل بالكسوف "الهجين" وهو يحدث بسبب تقوس سطح الأرض وهو يحدث بضع مرات كل 100 سنة وخلال القرن الحادي والعشرين الحالي هناك سبعة منها فقط كان أخرها في 3 نوفمبر 2013.
يحدث كسوف الشمس الهجين عندما يكون القمر على مسافة قريبة من الحد الذي يجعل ظله يصل إلى الأرض، ولأن الأرض كروية فان القمر يكون على مسافة من الأرض بحيث تكون قمة الظل أعلى قليلاً من سطح الأرض في بداية مسار الكسوف ونهايته مما يتسبب في حدوث كسوف حلقي للشمس ومع ذلك في منتصف مسار الكسوف تسقط قمة ظل القمر على سطح الأرض لأن هذا الجزء من الكوكب أقرب قليلاً إلى القمر لذلك سيشاهد الراصدون إما كسوفًا حلقيًا للشمس أو كسوفًا كليًا للشمس اعتمادًا على الموقع على طول مسار الكسوف المركزي.
يطلق على الكسوف الحلقي اسم "حلقة النور" وخلال هذا الكسوف يكون الحجم الظاهري القمر صغيراً بحيث لا يغطّي الشمس في بداية مسار الكسوف المركزي ونهايته لذلك تبرز الشمس من جميع الجوانب وتشكل حلقة مضيئة ولكن خلال الكسوف الكلي يقترب القمر من الأرض ويزيد حجمه الظاهري بنسبة 1.3٪ من المتوسط ويكون كبيراً بما يكفي لتغطية الشمس وحدوث كسوف كلي عندها ستظهر هالة لشمس.
سيبدأ الكسوف الهجين ككسوف حلقي في المحيط الهندي غرب جزر كيرغولين والتي ستشهد كسوفا جزئيًا حيث سيغطي قرص الشمس بنسبة 92 ٪ ويتحرك مسار الكسوف إلى الشمال الشرقي وينتقل سريعا ليصبح الكسوف المركزي كسوفاً كليًا وسيصل إلى أستراليا في شبة جزيرة نورث ويست كيب عند الساعة 06:28 ص بتوقيت مكة حيث يستمر الكسوف الكلي ما يزيد قليلاً عن دقيقة وستشهد منطقة إكسماوث الاسترالية كسوفًا كليًا عند الساعة 06:30 ص لكنه يستمر لمدة 55 ثانية فقط.
ثم سيعبر مسار الكسوف المركزي جزر مويرون وجزيرة سيرورييه الاسترالية وستشهد المنطقة المحيطة بجزيرة بيسيريس الاسترالية هذا الكسوف والكسوف الكلي في ديسمبر 2038. بعد ذلك سيصل مسار الكسوف إلى جزيرة بارو الاسترالية عند الساعة 06:34 ص وستشهد هذه الجزيرة بأكملها كسوفًا كليًا يستمر لمدة دقيقة واحدة و 5 ثوانٍ.
سيتبع ذلك وصول الكسوف إلى ذروته العظمى قبالة ساحل تيمور الشرقية عند الساعة 07:16 ص ويستمر لمدة دقيقة واحدة و 16 ثانية.
سيمر مسار الكسوف فوق الطرف الشرقي لتيمور الشرقية ابتداء من الساعة 7:18 ص وهنا سيستمر الكسوف الكلي لمدة دقيقة واحدة و 16 ثانية، و ستشهد مدينة (فيكيكي) في تيمور الشرقية كسوفًا كليًا ، كما ستشهد مدينة (لوس بالوس) عند الساعة 07:21 ص.
سيغادر الكسوف من تيمور الشرقية ويمر فوق جزيرة (كيسار) الاندونيسية عند الساعة 07:23 ص ، ثم جزيرة ماوبورا ، وجزيرة دامار ، ومجموعة جزر واتوبيلا عند الساعة 7:40 ص.
بعد ذلك سيصل الكسوف إلى مقاطعة بابوا الغربية الاندونيسية عند حوالي الساعة 7:45 ص، ثم جزيرة بياك الاندونيسية عند الساعة 07:57 ص، وبعد ذلك ينتقل مسار الكسوف إلى المحيط الهادئ وينتهي فوق المحيط بالقرب من جزر مارشال.
أما بالنسبة للانتقال من الكسوف الحلقي إلى الكسوف الكلي لن يُرى إلا من المواقع البعيدة في المحيطين الهندي والهادئ حيث سيكون الموقع الأول بالقرب من جزر مارشال والنقطة الثانية في الأراضي الفرنسية الجنوبية والأنتاركتيكية.
خلال الكسوف يمكن للراصدين ضمن مسار ظل القمر المركزي فقط رؤية العديد من الظواهر الفريدة حيث سيشاهدون ظاهرة خاتم " الألماس" حيث يظهر ضوء الشمس ككتلة من طرف واحد للقمر متصل بحلقة من الضوء وهو عبارة عن الغلاف الجوي للشمس يسطع حول القمر .
ولأن سطح القمر ليس أملس تماما يمكن أيضا رؤية تأثير يسمى " خرزات بيلي " وذلك مباشرة قبل حدوث الكسوف الكلي بلحظات وهو بسبب أن ضوء الشمس يندفع بين الجبال و الأودية والتضاريس المختلفة على سطح القمر وهذا يصنع خزرات من الضوء تتلألأ حول حافة القمر .
أخيرا عند كسوف الشمس الكلي يتم رؤية الغلاف الجوي للشمس المعروف بتسمية "الهالة " فعين الراصد سريعا سوف تتكيف مع مستوى الضوء المنخفض الجديد ومع تكيف العين فان هالة الشمس تصبح مرئية ، هذه الهالة تتكون من غاز في غاية السخونة مشحون كهربائيا – البلازما - تبلغ حرارتها 2 مليون درجة مئوية وتمتد ملايين الكيلومترات إلى الخارج نحو الفضاء .
الهالة الشمسية سوف تظهر لتبرز وتكبر وهذا فقط نوع من " الخداع البصري " فالهالة الخارجية هي اخفت من الهالة الداخلية ومع تكيف العين مع الظلمة فإنها تصبح أكثر حساسية ولذلك يصبح الراصد قادرا على رؤية الأجزاء الخافتة من الهالة الخارجية ولذلك يبدو ان حجمها يزداد وعلى الرغم من ذلك فان هذا التأثير البصري في غاية الروعة .
لمراقبة كسوف الشمس يجب استخدام وسائل حماية للعين مثل نظارات خاصة بكسوف الشمس والتي تمنع أكثر من 99.99 % من ضوء الشمس و الأشعة فوق البنفسجية و الأشعة تحت الحمراء وهذه النظارات تجعل الشمس تظهر كقرص برتقالي أو ابيض في السماء ولكن عند حدوث الكسوف الكلي ويكون قرص الشمس مغطى تماما بالقمر يمكن النظر بالعين المجردة وحدها مباشرة لفترة وجيزة.
يستفاد علميا ًمن ظاهرة كسوف الشمس في عدة مجالات ، حيث أنها استخدمت في العام 1919 لإثبات صحة النظرية النسبية العامة لاينشتاين والتي تنبأت بحدوث حيود للضوء عندما يعبر بالقرب بالأجسام عالية الكتلة مثل الشمس وتم تأكيد صحة النظرية، أما في السنوات الأخيرة أصبح كسوف الشمس الكلي يخضع لدراسة الهالة الشمسية التي تبلغ درجة حرارتها ملايين الدرجات المئوية على عكس سطح الشمس البالغ 5500 درجة مئوية فقط ، ولا يوجد تفسير لذلك حتى الآن لذلك تستغل هذه الظاهرة للقيام بتخطيط للمجال المغناطيسي في محاولة لفهم هذه الظاهرة ومحاولة معرفة السبب في قذف كميات ضخمة من البلازما إلى الفضاء عبر الانبعاثات الكتلية الاهليجية ، والبحث في إمكانية التنبؤ بالتوهجات الشمسية و المسبب لها إضافة لإجراء عدة اختبارات متعلقة بطبقة الايونسفير و بالاتصالات اللاسلكية وغيرها.
جدير بالذكر أنه سيتبع هذا الكسوف الهجين للشمس بعد أسبوعين خسوف شبة ظل للقمر (منتصف شوال) سيكون مرصوداً بسماء السعودية والوطن العربي وفي جميع أنحاء آسيا وأستراليا وأجزاء من شرق أوروبا وشرق إفريقيا.