20-04-2023 08:25 AM
سرايا - بفارغ الصبر ينتظر عمر سعود (6 أعوام) قدوم العيد ليرافق والده في زيارة لبيت جدته وعماته اللواتي في كل عيد يفاجئنه بتوزيعات جميلة ومفرحة للعيد تبقى في ذاكرته حتى العام الذي يليه.
“كيس تيته مديحة”، هكذا يطلق عمر على توزيعة العيد التي توزعها جدته في كل عيد بأشكال مختلفة تدخل البهجة في قلوب الأحفاد الذين يذهبون بشغف في كل عيد لزيارتها.
ويقول عمر، “أحلى شي بالعيد لما نروح عند تيته مديحة ونأخذ الكيس”، متسائلا كيف يمكن أن يكون شكله هذه المرة، سيما وأنه كان على شكل بيت ملون في العيد الماضي.
ويحتوي الكيس على أنواع مختلفة من الحلويات والسكاكر والبسكويت وقطع الحلوى، ليلفت نظر الأطفال وينال استحسانهم.
توزيعات العيد ليس بالأمر الجديد، حيث اعتادت العائلات تقديم أكياس من الحلوى “الحاجات”، التي تحتوي على التوفي والشوكولاته وفي بعض الأحيان حبات من المكسرات يوزعها أصحاب البيت على ضيوفهم بالعيد من الأطفال ويضاف عليها أحيانا مبلغ من المال كل حسب ظروفه.
الخمسينية أم حازم تحرص في ليالي الوقفة على شراء مجموعة من السكاكر والتوفي والشوكولاته وتقوم بتخليطهم ووضعهم بأكياس صغيرة مطرزة ومنقوش عليها “عيدكم مبارك”، وتقوم بتوزيعها صبيحة العيد على أحفادها وأطفال إخوتها.
وتقول أم حازم، إن عيون الأطفال منذ أن يدخلوا البيت تبقى تراقب الأكياس منتظرين أن يتم توزيعها عليهم.
لم تمنع الظروف الاقتصادية الصعبة البعض من المحافظة على هذه العادة التي توارثوها عن أجدادهم ليزرعوا الفرح بقلوب أطفال العائلة تماما كما كانت تفرحهم هذه الأكياس وهم صغار.
ويلفت محمد النابلسي وهو صاحب أحد محلات الشوكولاتة في مدينة السلط الإقبال الكبير خلال العشرة الأواخر من رمضان أو ليالي الحج قبيل عيد الأضحى لشراء أكياس الحاجات بأشكالها المختلفة التي تتنوع بين البلاستيك والقش والخيش والكرتون بأسعار مختلفة تكاد تكون رمزية في بعض الأحيان، وملئها بالحلويات لتوزيعها على الأطفال.
من جهة أخرى تعج مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من الصفحات الرسمية التي تعلن عن تجهيزات “توزيعات العيد”، بأشكال مختلفة وأسعار رمزية تدخل البهجة والسرور إلى قلوب الصغار والكبار في الوقت ذاته.
خبير التراث نايف النوايسة يشير إلى أن عادة العيديات وتوزيعها على الأطفال صبيحة العيد هي عادة قديمة جدا توارثتها الأجيال عن الأجداد واستمرارها إلى اليوم يؤكد تأثيرها القوي على نفوس الكبار والصغار.
ويشير النوايسة إلى العيدين، الفطر والأضحى هما فرح منتظر للأطفال، حيث ينتظرون اللباس الجديد والعيديات والأكياس المليئة بالحلوى.
ومثلما كان الأطفال ينتظرون هذه اللحظة كذلك الكبار ينتظرونها لأنهم بوصلة العطاء اتجاه الأطفال، فهذه العادة مستقرة بين الناس، ولكنها تظهر أكثر في الأوساط الشعبية.
منذ اللحظات الأولى لصبيحة العيد يستيقظ الأطفال للاستماع إلى تكبيرات العيد ومشاركة الكبار في الصلاة مرتدين ملابس جديدة ويقوم الكبار بإعطاء الصغار مبالغ رمزية متواضعة تحقق لهم هذا الفرح بحسب النوايسة.
كما يترافق الكبار مع الصغار لزيارة بيوت الأقارب وهي فرصة للتعلم لأنهم يتوقعون أيضا الأعطيات وأحيانا يقوم الصغار بطرق أبواب الجيران والأقارب للسلام عليهم والقصد من وراء ذلك العيدية.
وتختلف أشكال العيدية بحسب النوايسة فقد تكون بعض الحلوى أو نقودا، وهنالك عادات تلاشت قليلا إلى حد ما لاختلاف النمط المعيشي والاستهلاكي وأيضا طبيعة البيوت المغلقة.
الاستشاري الأسري مفيد سرحان يؤكد أن العيد يوم فرح وسرور للجميع للكبار والصغار، الأغنياء والفقراء وأكثر من يفرح بقدوم العيد هم الأطفال، فكلمة العيد لها وقع خاص وتبعث الفرح والسرور في النفوس، وهي ترتبط لديهم بلباس جديد، والألعاب، والعيدية والهدايا والحلوى، والفرح والبهجة والمرح واللعب والخروج من المنزل، والزيارات واجتماع الأقارب.
وإدخال الفرح والسرور إلى قلوب الآخرين من أعظم الأعمال التي يقوم بها الإنسان وفي جميع الأوقات، بحسب سرحان ومن واجب الكبار الحرص على إدخال الفرح والسرور إلى قلوب الأطفال خصوصا.
والفرح بالعيد يرتبط عند الأطفال منذ الصغر ومن واجب الكبار تعميق معاني الفرح عند الأطفال، لأن الفرح مطلب للكبير والصغير.
وارتباط العيد بالفرح يحبب عند الأطفال العبادات التي تسبق العيد، فهم يعرفون أن عيد الفطر يأتي بعد شهر الصيام، الذي له طقوسه الخاصة التي يشعرون بها ويعايشونها.
كما ينتظر الأطفال الذهاب مع الوالدين للتسوق وشراء ملابس جديدة، فهذا موسم بالنسبة لهم وبعد شراء ملابس العيد، يستمر الأطفال في تفقدها يوميا وينتظرون صباح العيد لارتدائها.
وتبقى “العيدية” تقليدا اجتماعيا قديما يقدم فيه الوالدان والكبار مبلغا ماليا لأطفالهم وأطفال الجيران والأقارب ويتنافسون فيما بينهم بمقدار المبلغ الذي جمعوه.
وهنالك شكل آخر للعيدية وهي قيام بعض الجدات والخالات والعمات بتجهيز بعض “الهدايا” الخاصة بمناسبة العيد، حيث يتم تحضيرها وبأشكال مختلفة منها ما يكون على شكل كيسٍ صغير يحتوي على مجموعة من حبات الشوكولاتة ويكتب عليه عبارة تهنئة أو اسم من يقدمها، أو مجسمٍ صغير يحمل عبارة خاصة أو صورة معبرة لتوزيعها على الصغار صباح العيد.
وتجد النساء بحسب سرحان متعة كبيرة في الإعداد والتحضير بالرغم من الانشغالات الكبيرة في الأيام الأخيرة التي تسبق العيد، حيث يتم ابتكار أشكال جديدة تحمل بصمات التي تقوم بالإعداد وأن تكون هذه “الهدية” قابلة للحفظ لأكبر وقت ممكن.
ووفق سرحان، فإن العيدية ليست بقيمتها المادية بل برمزيتها فهي تعمق روح الألفة والمحبة وتشعر الأطفال والأبناء بالعطف والحنان وتمنحهم مزيدا من البهحة والفرح وفرحة العيد شيء فطري عند الإنسان وهي تنبع من الأعماق وأجمل الفرح هو أن تراه في عيون الأطفال.
ومن المهم مراعاة الإمكانيات الاقتصادية وأن لا نكلف أنفسنا أكثر من طاقتنا، بعيدا عن الاستدانة، فالأهم المحافظة على علاقاتنا الاجتماعية وتزاورنا في العيد، وضمن الإمكانيات، وأن لا تكون ضعف الإمكانيات المادية عند البعض سببا في قطع التواصل.
ومن لم يستطع أن يقدم عيدية “مادية” أو “هدية” للطفل، فالسلام والتهنة والابتسامة والقبلة الحانية، يمكن أن يكون لها أثر في النفس، فإسعاد الآخرين مطلب، وخصوصا الأطفال.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-04-2023 08:25 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |