26-04-2023 12:14 AM
سرايا - فيما تشهد النقابات المهنية فترة ركود في نشاطاتها وفعالياتها المتعلقة بالهم العام، أفصح نقابيون عن أن ذلك مرده ركود الأوضاع الاقتصادية وتبعات جائحة كورونا، ما تسبب بقصور في صناديقها، جعلها تركز على الجانب المهني من نشاطاتها أكثر من الجانب العام، أملا بتحسين أوضاعها، وبرغم ذلك ما تزال أنشطتها متواضعة عما كانت عليه
وفي هذا السياق، لم يستجب النقباء الحاليون للحديث عن أوضاع نقاباتهم، لكن نقباء سابقين تحدثوا لها، وطالبوا بضرورة عودة النقابات إلى سابق عهدها
وأكد نقباء سابقون أن النقابات المهنية تمر بمرحلة تراجع مستمر منذ سنوات، خصوصا مع ابتعادها عن الهم الوطني الذي تأسست من أجله، واكتفائها بالتركيز على القضايا المهنية فقط
وطالبوا في تصريحات ، بضرورة أن تعود النقابات المهنية إلى سابق عهدها والعمل على إعادة ألقها ودورها المحوري المهم على الساحة المحلية الاجتماعية خصوصا وأنها في غياب مستمر لا يخدمها ولا يخدم الوطن
وفي هذا السياق، قال نقيب الأطباء الأسبق الدكتور أحمد العرموطي إن النقابات المهنية هي أهم مؤسسات المجتمع المدني في الأردن، وكانت تلعب دورا أساسيا في الحياة العامة عبر متابعة الشأن العام منذ ستينيات القرن الماضي ولغاية الآن
وأضاف العرموطي أن النقابات كانت في كل القضايا الوطنية والعربية الإقليمية ذات موقف واضح وتماس مباشر عبر فعاليات نقابية تؤكد موقفها من هذه القضايا
وأشار إلى أنه لوحظ في الفترة الأخيرة انخفاض واضح في الاهتمام بالشؤون الوطنية والقضايا القومية وأصبح فيها فتور متزايد، في ظل غياب الفعاليات التي ينظمها مجلس النقباء أو من النقابات المهنية كل على حدة
ولفت إلى أن النقابات المهنية كانت مرجعية المواطن الأردني بعيدا عن الأحزاب أو أي مؤسسات مجتمعية أخرى، وكانت نظرتها وسطية بعيدة عن أي حسابات أخرى سوى الحسابات التي تهم الوطن والمواطن والمصلحة العربية
وأكد العرموطي أن النقابات كانت وما زالت تحظى باحترام كبير من قبل طيف واسع من المواطنين والسياسيين وما تزال حاليا وإن بدرجة أخف
وطالب النقباء الحاليون والنقابيون بضرورة العمل على إعادة تفعيل دور النقابات، معتبرا أنها كانت تحظى بشعبية كبيرة على مستوى المجتمع وكانت مقصدا للجميع في عهد حكومة هاني الملقي
ودعا العرموطي إلى إعادة الألق للنقابات لأن عودة دورها والوسطي يخدم الأمن في الوطن. منوها إلى أن الابتعاد عن الاهتمام بالشأن العام ليس بالأمر الإيجابي ولا يخدم المصلحة العامة
بدوره، قال نقيب المحامين السابق مازن ارشيدات، إنه بعد أحداث العام 2018 ورحيل حكومة الملقي، أصبح دور النقابات المهنية يتراجع شيئا فشيئا لأسباب معروفة لدى الجميع
وبين ارشيدات أن غياب النقابات عن الهموم الوطنية بات واضحا وأصبحت ملهية بالشأن الاقتصادي خصوصا في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطن والنقابي الأردني
ولفت إلى أن معظم النقابات المهنية وضعها الاقتصادي سيئ حاليا، خصوصا وأن صناديق التقاعد في البعض منها تعاني من الانهيار وفي أخرى تمر بظروف متذبذبة لعدم تفعيل قوانين النقابات التي تمنع أي منتسب من العمل بدون أن تكون رخصة مزاولته مجددة
وأوضح أن هناك شدا عكسيا تواجهه النقابات المهنية منذ أواخر العام 2018 وحتى الآن. وأضاف حتى عندما كنت نقيبا، بدا هذا التراجع واضحا لدى جميع النقابات التي باتت تفكر في الهموم الاقتصادية أكثر من الوطنية منها
وقال ارشيدات إن جميع النقابات المهنية في تراجع بعد أن أصبحت تركز على المهننة بعيدا عن الهم الوطني والمجتمعي التي هي معنية فيه أكثر من الأحزاب
وأشار إلى أن النقابات المهنية ينضوي تحت اسمها نحو 500 ألف شخص يعيلون نحو 3 ملايين أردني، وبالتالي فهي تمثل أكبر شريحة في المجتمع
وبين ارشيدات أن جائحة كورونا وما رافقها من إصدار قانون الدفاع الذي ما يزال مطبقا حتى الآن، كل ذلك ساهم في تراجع دور النقابات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا
وطالب نقيب المحامين السابق أن تعود النقابات المهنية للاجتماع على طاولة واحدة وأن تعيد حساباتها وأن تعيد للصرح النقابي الشامخ، دوره الحقيقي والطبيعي الذي أنشئ لأجله منذ أكثر من 70 عاما
وأضاف رشيدات إذا كان واضحا أن النقباء مهتمون في الشأن العام لأنهم يأتون لدورة أو اثنتين بحد أقصى، فإن بعض أعضاء مجالس النقابات غير مهتمين في هذا الشأن وهمهم تكرير وجودهم وحضورهم في المجلس فقط
من جانبه، قال نقيب المهندسين الزراعيين السابق المهندس عبدالهادي الفلاحات إن هناك أسبابا عدة حول تراجع دور النقابات المهنية في الشأن الوطني والذي لم يكن منذ فترة قصيرة
وأوضح الفلاحات أن السبب الأول يكمن في انصراف طيف واسع من النقابيين نحو الانشغال في الهمّ الخاص، ألا وهو الهمّ المعيشي والبحث عن فرص عمل أو محاولة إيجاد حلول لمشاكل النقابات المهنية وصناديقها
وأكد أن السبب الثاني يكمن في أن شريحة النقابيين المسيّسين لم تعد كما كانت سابقا من حيث الكمّ والتأثير، في ظل ارتفاع أعداد الهيئات العامة في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى تراجع الدور الطلابي في الجامعات بالعمل السياسي إلى حد ما
وشدد الفلاحات على أن خريجي الدول العربية وغير العربية كانوا يعتبرون من أهم الروافد للنقابات المهنية، وبات الاقتصار حاليا على الخريجين من الجامعات الأردنية فقط الذين يغذون الهيئات العامة للنقابات فيما عدا النقابات الصحية
واعتبر أن من الأسباب الأخرى، تراجع الاهتمام بالعمل الحزبي في الأردن، الذي أثر على الدور النقابي حيث كان هذا العمل يأتي متوازيا مع دور النقابات المهنية
وأشار إلى أن حالة الانقسام الحاد بعد الربيع العربي وبعد الثورة في مصر وسورية، وانحيار تيارين بالعمل السياسي والنقابي وهما التيار القومي واليساري من جهة والتيار الإسلامي من جهة أخرى، أدى إلى حدوث اصطفاف وشرخ عامودي حاد بين هذين التيارين الذين لهما أثر وحضور واضح في الساحة الوطنية الأردنية وفي العمل النقابي
وأضاف الفلاحات أن التدخل غير المباشر في العمل النقابي وانتخابات النقابات المهنية من أطراف عدة، أدى إلى إخراج مجالس مختلفة في عملها عما تعود عليه الأردنيون من النقابات المهنية
وأكد أن الأردن يمر حاليا في ظروف إقليمية صعبة تحتم عليه تقوية جبهته الداخلية وسط ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة مع ارتفاع حاد في مستويات التطرف لدى الحكومات الصهيونية التي تشكل تهديدا للمملكة
وبين أن كل ما يجري يستدعي وقفة مراجعة من الجانب الرسمي والتماهي مع دور النقابات المهنية التي هي بحاجة إلى إعادة دورها وألقها المعهود
وشدد الفلاحات على أهمية إيلاء القضية الفلسطينية أهمية قصوى لدى النقابات المهنية وعدم الاكتفاء فقط في البيانات الخجولة ودعم الفلسطينيين للثبات على أرضهم للدفاع عن المقدسات
الغد