حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,22 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3199

الإصلاح العشائري والجدل حول حضور المرأة

الإصلاح العشائري والجدل حول حضور المرأة

الإصلاح العشائري والجدل حول حضور المرأة

27-04-2023 11:25 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد كامل العمري
أثار إعلان النائب ميادة شريم، عبر منصاتها الإعلامية، عن مشاركتها جاهة عشائرية بهدف الإصلاح الكثير من الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تعددت سياقات الأخذ والرد بين من يتهم السيدة ميادة بأن تحركاتها مجرد تعليمات تنفذ لصالح جهات خارجية تتآمر على المصالح الوطنية، وبين قسم آخر يرى بتصدر المرأة مجال الإصلاح العشائري مسألة تمس القيم والامتيازات الذكورية المتوارثة، خاصة مع وجود تعليقات كثيرة تؤكد على "بدعية" العادة الجديدة، وذلك ضمن سياق جمعي يتخوف كثيراً من الأفكار غير المألوفة. بل ووصل الحال بأن تبرئ جزء ممن حضر الجلسة وذلك بحجة عدم معرفتهم بما حدث!

ويلاحظ أن حالة الجدل هذه تبرز مع كل خبر يتعلق بالمرأة، سواء تعلق ذلك بمناصرة قضاياها العادلة وتمثيلها بالإطار الدستوري للدولة الأردنية، أو حتى على مستوى تأكيد حضورية وجودها ضمن الأنساق الجمعية للمجتمع، حتى لو كان هذا الحضور محافظا على كافة الخطوط المرسمة، إلا أن الرفض التام هو ما يتجلى بصورة كبيرة في الفضاء العمومي. العادات والتقاليد والأعراف بالنسبة للمنتقدين تمثل رؤى مقدسة، يمنع تجاوزها أو حتى مجرد التساؤل عن مدى نفعيتها، فما بالك بقيادة امرأة لأحد أهم هذه الأعراف وأكثرها حضوراً في الوجدان الشعبي.

اليوم، ومع تزايد تأثير المطالبات بتمكين المرأة في كافة المجالات، يتعاظم الشعور الشعبي بالاستهداف الممنهج وما يجره ذلك من معارضة مفرطة وغير مفهومة لأي قرار يتواجد على الفضاء العام، فتغدو قيادة امرأة لجاهة عشائرية بمثابة التعدي الواضح على القيم المحلية، ومن ناحية أخرى يكون تواجد طاقم تحكيمي نسائي في مباراة رجالية أمراً مستهجنا وقد يستجلب تشكيكا لأسر الطاقم من حيث ابتعاد التربية الأبوية عن النمط العام السائد! والغريب حقا أن الذين يعارضون هذا الأمر تجدهم في كامل دفاعهم في حالة أخذ أموال المرأة والتحكم بدخلها من خلال إجبارها على القروض والكفالات، أو اقتسام جزء من راتبها دون موافقتها الكاملة.

ولذا -حسب هذه العقلية- فإن تواجد المرأة في أي مكان يجب أن يخضع لعملية انتقائية وضمن سياق استعلائي مرسوم بدقة؛ فلا مشكلة لديهم مثلا أن يشترطوا الزواج من "موظفة" تختلط مع الجنس الآخر، ولكن يجب أن يتم ذلك ضمن الخطوط التي تمنع تمردها المالي. وهكذا يكون الحال في "الجدل التريندي" الحالي، فعدا عن الاتهامات التي توجه إلى ميادة شريم بسبب وبلا سبب، والتي جلبت لها الكثير من التحليلات المنحازة والعدائية في نفس الوقت، فإن تواجدها في دائرة الإصلاح العشائري المحتكرة حصرا لصالح الرجال جعل من هذا التريند يأخذ بعدا تصاعديا، حيث "جرحت" الرؤية الذاتية المتضخمة حول دور العشائر ونظمها اللانهائية، وأبرزت، في الوقت نفسه، قدرة المرأة على إصدار الأحكام بتوازن عقلي واضح، ومن ثم إمكانية إجراء المرأة للمصالحات الشاملة، شأنها في ذلك شأن الرجل.

ختاماً، ربما مع الوقت قد يعتاد الناس على تقبل تواجد المرأة في هذه الدوائر المغلقة، والدليل هو تواجدها في أماكن أكثر أهمية من المسار العشائري، مثل القضاء والأجهزة المدنية. وربما يتزايد، بسبب ذلك، مقدار التسامح بين الجنسين بما يشمله ذلك من احترام للخصوصيات وإيمان بحق الآخر بالتصرف الحر وقدرته على التأثير بغض النظر عن جنسه او لونه أو أصله أو دينه. إن ما فعلته ميادة شريم ساهم في تنويع الحيز العام بالجدل الذي سيفضي أجواء أكثر تسامحية مما هي عليه الآن، حيث تتغير قناعات كثيرة بسبب التواصل والرد ومعرفة التفاصيل، ووضع كل طرف نفسه مكان الآخر، إلى أن يصل الناس إلى قناعة مفادها أن النجاح لا يقتصر على فئة دون أخرى.

إضافة إلى ذلك فإن دورها -أي ميادة شريم- في "لجنة حقوق المرأة" لا يمكن إنكاره، سواء عبر القوانين العادلة التي ساهمت في إرسائها دستورياً، مثل التمكين الاقتصادي للمرأة ومكافحة العنف ضدها، والتي قللت من تزايد المسار العام للجرائم ضد النساء؛ أو عبر التواجد الإنساني المكثف للجنة المرأة في مجلس النواب، وذلك من خلال افتتاح الكثير من المشاريع الإنتاجية، التي ساعدت على تقليل العزلة الاقتصادية للمرأة. ولذا، وبعد كل تلك الممارسات، كان مبررا -حسب وجهة نظرها- أن تسعى إلى وضع المرأة في كافة المساقات، حتى بما يتعلق بأكثر العادات ترسيخا للدور الأبوي، وذلك من أجل كسر الصورة النمطية حول المرأة.








طباعة
  • المشاهدات: 3199
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-04-2023 11:25 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم