29-04-2023 08:34 AM
سرايا - تلمع عين الاحتلال على حوالي نصف مليون دونم من أراضي الضفة الغربية المحتلة تحت ما يسمى “أملاك الغائبين” لتحويلها إلى شعبة الاستيطان التابعة “للمنظمة الصهيونية”.
ويتعامل الاحتلال مع مطامعه بنوع من السرية، خشية التنبه لها ومحاولة الطعن بها من قبل أصحابها الأصليين وبالتالي ابتلاع تلك الأراضي بطرق اخترعها، وأعطاها بمفهومه الصهيوني شرعية.
ويحول الاحتلال المعلومات عن تلك الأراضي إلى ما يسمى “القيم على أملاك الغائبين” لتستكمل تلك الدائرة النهمة مشروع الاحتلال الاستيطاني عبر والاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وضمن هذا السياق، نظرت المحكمة الإسرائيلية العليا في القدس المحتلة، بالتماس قدمته حركة “السلام الآن” اليسارية الإسرائيلية والذي طالبت فيه بإلزام “شعبة الاستيطان” بأن تنشر بشكل مسبق قراراتها بشأن تخصيصات الأراضي في الضفة الغربية للمستوطنات، ومزارع المستوطنين.
وقانون “أملاك الغائبين” الذي أقرته الكنيست الإسرائيلية عام 1950، يسمح لسلطات الاحتلال بمصادرة أملاك اللاجئين الفلسطينيين الذي تركوا أرضهم وممتلكاتهم أثناء نكبة 1948، حتى ولو غابوا عنها بضع ساعات وانتقلوا لقرية مجاورة، وفيما يبدو فإن هذا القانون أصبح خلال الاعوام القليلة الماضية غولا سرقت عبره آلاف الأراضي في الضفة المحتلة.
ويشكل هذا القانون العنصري أداة أساسية لدى “إسرائيل” للسيطرة على أملاك اللاجئين الفلسطينيين والوقف الإسلامي، ومنع عودة هؤلاء إلى أراضيهم وممتلكاتهم الّتي تركوها قبيل حرب 48 أو أثنائها أو بعدها، ويسمح بالاستيلاء على آلاف المنازل والعقارات وملايين الدونمات.
وكشفت “السلام الآن” النقاب عن أن “القيم على أملاك الغائبين خصص على مر السنين، حوالي نصف مليون دونم من الأراضي لشعبة الاستيطان، وتم تخصيص 60 % منها على الأقل من جميع أراضي الدولة في الضفة الغربية لدائرة الاستيطان”.
وأضافت أن “كل التخصيصات التي تمت حتى الآن كانت مخصصة لاحتياجات المشاريع الاستيطانية، وقد تمت في غرف مغلقة، تحت غطاء من السرية، دون علم الجمهور بها، أحيانا بأثر رجعي، وحتى بعد سنوات عديدة من وقوعها، ودائما بعد أن كان الفعل غير قابل للنقض.
سرقة الأراضي
المختص في شؤون الاستيطان بسام بحر يقول إن تحويل “القيم على أملاك الغائبين” نصف مليون دونم للاستيطان تأتي ضمن سياسات الاحتلال الهادفة للاستيلاء على أراضي الضفة الغربية والقدس المحتلة، وتحويلها للمشاريع الاستيطانية بغية زيادة عدد المستوطنين.
ويضيف بحر، أن الاحتلال دائما ما يسن قوانين عنصرية لأجل شرعنة السيطرة على ممتلكات وأراضي الفلسطينيين، حتى الذين يعيشون خارج فلسطين، بما فيها “قانون التسوية”، وقانون المصادقة للاستيلاء على الأراضي دون الرجوع للمحاكم.
ويوضح أن الاحتلال يسعى بشتى الوسائل، لسرقة أكبر عدد ممكن من الأراضي الفلسطينية سواء بالقدس أو الضفة، بما يؤدي لتهجير آلاف الفلسطينيين من ممتلكاتهم، وحرمان المهجرين من المطالبة بإرجاعها.
ويحذر بحر، من خطورة الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين بموجب قانون “أملاك الغائبين”، بما يمهد للسيطرة على ما تبقى من أراضي الضفة ووضع اليد عليها بالكامل.
ويبين أن هذا القانون يعد من أخطر القوانين العنصرية، التي تستهدف أراضي وأملاك الفلسطينيين، وتشرعن سياسة المصادرة والاستيطان بشكل أكبر.
واستخدم الاحتلال هذا القانون بشكل كبير بعد احتلاله للأراضي الفلسطينية عام 1967، وشرقي القدس، واستولى على مئات المنازل والعقارات، بحجة أنها “أملاك غائبين”.
ويؤكد المختص في شؤون الاستيطان أن القادم من الأيام سيشهد مزيدًا من الاستيطان في الضفة والقدس المحتلة، مشيرا إلى أنه دائما ما يتم المصادقة على مشاريع جديدة أو إقامة بؤر استيطانية بالضفة وجبالها.
وتأسست “شعبة الاستيطان” عام 1971 تحت مظلة “المنظمة الصهيونية العالمية” لمساعدة الاحتلال في بناء مستوطنات خارج الأراضي المحتلة عام 48، إذ “عملت على مدار سنوات على إقامة وتطوير مستوطنات بعيدة عن أعين الجمهور، باستخدام وسائل مثيرة للجدل، بتمويل من الدولة العبرية، ودون أي رقابة”.
وقالت حركة “السلام الآن”: “طالبنا في الالتماس، شعبة الاستيطان بنشر تخصيصات الأراضي الخاصة بها في عملية منظمة قبل تخصيصها، وبالتالي منع الأخطاء أو على الأقل السماح للأطراف المعنية مثل ملاك الأراضي بالطعن في نية التخصيص”.
وقال المحامي “مايكل سفارد” ممثل الحركة بمحكمة الاحتلال العليا: إن “شعبة الاستيطان تمتلك نصف مليون دونم، تقريبا كل الأراضي الصالحة للاستيطان والزراعة في الضفة الغربية، إننا لا نعرف ما سيحدث للتخصيصات الثانوية التي قدمتها الشعبة، ولا أحد يعرف مقدار الأرض التي لم يتم تخصيصها بعد”.
وأضاف “حتى الآن تم إجراء التخصيصات دون أن يعلم أحد بما تم تخصيصه ومن حصل على المخصصات الضخمة وكيف تم استلامها، لا يوجد التزام بالمناقصات، ولا يوجد منشور، لذا لا سبيل لمعرفة ذلك”.
وتابع “في البؤر الاستيطانية في “عمونا، ميغرون، متسبيه كرميم، وجفعات هولبانا” الواقعة داخل مستوطنة “بيت إيل”، تم تخصيص أراض خاصة للمستوطنين على أراضي فلسطينية خاصة.
وأشارت “السلام الآن” إلى أن محكمة الاحتلال قررت السماح لدولة الاحتلال بالرد كتابيا في غضون 60 يوما، ولن تصدر أمرا حتى يتم اتخاذ قرار بشأن هذا الالتماس.-(وكالات)