29-04-2023 11:13 AM
بقلم : الدكتورة هبه عجلوني
يعيش الناس اليوم في حالة تخبط بين عدم الوعي للهوية الشخصية والانخراط في بيئة غريبه عما اعتاده الناس وتربوا عليه. فترى الرجال ما هم برجال وترى النساء ما هن بنساء ؛ لتظهر حالة من ضياع الهوية وفقدان المعرفة بالنفس البشرية. فالاغلب يركض لاهثًا لتأمين الحد الادنى من متطلبات الحياة ، وعندما يدركه ذلك الحد أو يزيد عنه بقليل يخطئ في حساباته وتصرفاته فيفقد أشياء أخرى ما كان ليفقدها لو بقي على الحال الأول. ويعود السبب في صعوبة حل تلك المعادلة هو عدم إدراك الغاية التي من أجلها يسعى الفرد ويعمل. فلو أن التنشئة كانت سليمة وأدرك الفرد من خلالها هويته الحقيقية غاية خلقة وحياته، لاستطاع العيش في حياة متوازنة سعيدة وعكس ايضا تلك السعادة على من حوله. إن المطلوب اليوم في مثل هذه الظروف والأوضاع زيادة التوعية الاجتماعية والثقافية من خلال شتى المنابر التربوية. فالمدرسة تحمل دورا في زراعة بذور المعرفة بالحاجات الفردية وكيفية تعامل الفرد مع متطلباته والوسائل المتاحة له لتلبيتها، وكيفية صنع علاقاته مع الاخرين استنادا الى ادراكه لهويته سواء الوطنية او الجنسية او الاجتماعية. كذلك المسجد ومختلف اماكن العبادة لها الدور الاكبر في اعادة صياغة المفهوم الاجتماعي للفرد وعلاقته بالاخرين والوسائل التي يستطيع تحقيق غايته دون حدوث تغييرات وانحرافات في حال تحقيق الغاية؛ ذلك ان الاساس في الفرد ادراكه للغاية والهدف السامي الذي يصبو لتحقيقه مع تبخيسه نسبيا للوسيلة التي يستخدمها وليس العكس كما هو جار اليوم. كما ان الحزب والاسرة وكافة اطراف المجتمع المدني مسؤول عن المساهمة في بناء الفرد السليم المنسجم مع بيئته والمتناغم مع روح الدين الذي يتبعه ومبادئ الفطرة السليمة التي جبل عليها البشر جميعا ابتداء من آدم مرورا بكل الجينات البشرية التي اوصلت الى بني آدم اليوم. كما انه مطلوب كذلك تفعيل دور المنظمات الدولية والمحليه التي تساهم في تعزيز وتثبيت المساءلة في حال الإخلال بالقيم الإنسانية او التعدي على الحقوق الانسانية التي من شأنها تحويل البشر الى كائنات اخرى لا تلتزم معايير المفاضلة بين البشر وغيرهم لعدم التماشي مع مبادئ حقوق الإنسان التي اتفق عليها الجميع ضمن الميثاق العالمي لحقوق الإنسان. إن الدين اليوم بات للأسف أفيون يستخدمه الكثيرون لاشباع رغباتهم وتخدير عقول من حولهم لتضيع مرة اخرى الهويه ويتشتت المرء في تحديد اولوياته ومصالحه وواجباته؛ ذلك ان من كثيرا ممن يفسرون الدين يفتقدون لاحدى الشروط التي تجعل الانسان قادرا على فهم وتأمل المعاني الحقيقية لروح الدين والمتمثلة في الالمام بالعلوم الحياتية المختلفة، وامتلاك حدا من الذكاء والفطنة والحكمة، والاستناد الى المنهج الفلسفي الصحيح الذي يجعل من القرار النهائي تسلسلا منطقيا للفرضية الاساسية. وعندما يدرك الفرد هويته بالصورة المثلى ستنسجم علاقاته مع اقرب الناس اليه ثم مع الاخرين ليعيش الجميع ضمن بوتقة الهدف المشترك الكبير وهو حفظ الكرامة الانسانية والالتزام بحقوق الانسان التي تماشت مع الفطرة وروح الاديان بلا اختلاف ولا رفض طرف للآخر.
بقلم المحللة والباحثة السياسية الدكتوره هبه عجلوني
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-04-2023 11:13 AM
سرايا |
2 - |
جميلة
|
29-04-2023 07:50 PM
التبليغ عن إساءة |