11-05-2023 09:14 AM
سرايا -
مَن منا لا يثير اهتمامه العديد من القصص الغامضة التي تحدث معنا يومياً أو نسمع عنها باستمرار في القصص التاريخية القديمة أو حتى في الروايات المعاصرة؟
ومَن منّا لا يبحث عن أجوبة للعديد من القضايا الغامضة والجرائم المثيرة للجدل التي تناولتها الصحف وذُكرت في الأفلام العالمية والمسلسلات؟ كل هذا العالم المليء بالغموض وعلامات الاستفهام كان جاذباً للشابة لمى لتترك مجال عملها كمدرّسة للغة الإنكليزية وتنتقل إلى عالم الإثارة والبحث عن الأجوبة من خلال قناتها على "يوتيوب" Lem0z.
وبالفعل، بدأت رحلة لمى في عالم الإثارة والغموض من مكان إقامتها في جدّة، مستغلةً فترة انتشار وباء كورونا والحجر الصحي في المنزل، فعملت على مراقبة باقي القنوات لتكتشف بعدها أن المسألة سهلة وكل ما تحتاج إليه هو أداة للتصوير وميكروفون وفكرة محتوى مختلفة ومعرفة بالمونتاج. وبعد فترة قصيرة من التفكير، قرّرت لمى خوض هذه التجربة والدخول في عالم السوشيال ميديا من خلال قناة يمكنها أن تنقل بها أفكارها والتساؤلات التي تخطر في بالها منذ طفولتها لتجد أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يتشاركون معها في هذا العالم وتستهويهم أيضاً الأشياء المرعبة والقصص الغريبة.
الانجذاب الى الألغاز والظواهر الغريبة
تقول لمى: "لقد اخترت هذا العالم لأنه بكل بساطة تلفتني وتجذبني قصص الغموض، وخاصة حين تكون عبارة عن ألغاز وظواهر غريبة، أو أمور خارجة عن المألوف وقضايا تاريخية لم يتم حلّها أو التوصل إلى تفسير لها. فأنا أحبّ أي قضية تدفعني إلى التفكير بها والتعمّق فيها لسبر خفاياها ومعرفة كيف حصل هذا الأمر ولماذا حدثت هذه الجريمة، فأنا أستغل القناة لأجد الأجوبة التي لطالما بحثت عنها وأنقلها إلى المشاهدين أو أطرحها كسؤال لتعمّ الفائدة ونجد الجواب".
وعن الصعوبات التي واجهتها، توضح لمى: "في البداية، واجهت بعض التعليقات السلبية والانتقادات الساخرة، لا سيما أن فكرة القناة كانت جديدة ولا يمكن الكثير من الأشخاص تقبّلها بسهولة. إضافة إلى ذلك، أنا فتاة تملّ بسرعة وأتوقف أو أنسحب من أي فكرة قد تؤرقني وتسبّب لي الإزعاج، وهذا بالفعل ما حصل معي في أول الطريق، ولكن ما ساعدني على تخطّي هذه المرحلة هو معرفتي بأن كل اليوتيوبرز مرّوا بهذه المرحلة وتخطّوها بالمثابرة والعمل، فتشجّعت وبدأت في تحضير المعلومات وتصوير الفيديو بمحبّة واهتمام، من دون أن أبحث عن المردود المالي، فواصلت عملي بشغف وبدأتْ مقاطعي تلفت اهتمام المتابعين، وصرت أركّز على الإيجابيات فقط وأتغاضى عن كل السلبيات".
اختيار المواضيع بعناية والابتعاد عن إثارة الجدل
وتحرص لمى على تجهيز المحتوى وتصويره وتنفيذ المونتاج الخاص به بمفردها، وتختلف مدة تحضير الفيديو باختلاف حجم الموضوع، وتقول في هذا الصدد: "جمع المعلومات ومتابعة تفاصيل القضية والتأكد من المصادر تحتاج إلى الكثير من المجهود والوقت، ولكن تصويرها يتم بسرعة، لأبدأ بعدها مرحلة المونتاج التي تأخذ مني وقتاً طويلاً أيضاً. وبالتالي فإن تحضير كل فيديو على القناة يحتاج الى وقت لجمع معلوماته بأمانة والتأكد من كل تفاصيله قبل نشره، وقد يستغرق الموضوع السهل والبسيط ما لا يقلّ عن 4 أيام".
وتضيف اليوتيوبر الشابة: "أرفض تصوير قصص القتلى المتسلسلين. كما لا أنقل كل القضايا التي أجدها، بل أتحدث فقط عن القصص التي تجذبني. هناك الكثير من الظواهر والقضايا التي يتم تناولها على السوشيال ميديا وتصبح "تريند" وتجذب الناس ولكنها لا تثير اهتمامي فلا أتحدث عندها عبر قناتي، بل أتابعها فقط لمعرفة الموضوع والاستفادة منه". وتردف لمى بالقول: "هناك العديد من القضايا التي تحوي تفاصيل مبالَغاً فيها، كأن تتضمن أشياء غير أخلاقية أو مشاهد سيئة، حتى وإن كانت تلك القصص مصدرها عربي لا أبثّها في قناتي لأسباب كثيرة، في مقدّمها أنني أنتمي الى مجتمع محافظ ولا أرغب بنقلها كي لا أرتكب أي خطأ. وبالتالي ليس كل موضوع رائج أو مثير للجدل أوافق على عرضه والتحدّث عنه، لا سيما إذا كانت مواضيع سياسية شائكة وجرائم قد تسبّب لي المشاكل أو قصصاً تم تداولها بشكل واسع ولكنني لم أجد لها مصدراً حقيقياً أو معلومات دقيقة... أبتعد عن المواضيع التي تثير الجدل وكل ما يسبّب لي المشاكل والبلبلة".
إيجابيات عالم السوشيال ميديا وسلبياته
وتشير لمى إلى أن "اليوتيوب أضاف الكثير من الإيجابيات إلى حياتي، حيث باتت لديّ قاعدة جماهرية يمكنني أن أتشارك معهم أفكاري والأشياء التي أحبّها. كذلك أصبح مصدرَ رزقٍ بديلاً لي بعدما تركت عملي الأساسي في التعليم. كما فتح لي هذا العالم مجالات أخرى وتعرفت من خلاله الى الكثير من الأشخاص، ودفعني إلى ممارسة تجارب مختلفة لم أكن أمتلك الجرأة للقيام بها في السابق. وبالفعل بعد دخولي في هذا المجال، قمت بأشياء كثيرة كنت أستصعبها، قد يراها البعض عادية وسهلة ولكن بالنسبة إليّ ليست كذلك".
وعن سلبيات اليوتيوب، تقول لمى: "أسوأ ما في اليوتيوب أنني بتّ تحت المجهر ومُجبرة على التعامل بطريقة مختلفة عن أي إنسان غير معروف. في عالم السوشيال ميديا نصبح مُجبرين على تحمل تدخّل بعض المتابعين في حياتنا الشخصية وتطفّل البعض الآخر علينا بأسئلة وتعليقات محرجة أحياناً، وهذه السلبيات لا تؤثر فيّ لأنني أتعامل مع الناس دائماً على طبيعتي وقد تمكّنت مع الوقت من التحكم بها وتحقيق نوع من التوازن. اليوتيوب يزيد الضغوط على الشخص ويُجبره على تحمل الانتقادات والتعليقات القاسية، حيث إن هناك فئة من الناس يتعاملون معنا كأننا عمّال عندهم ولا يلتفتون إلى أننا أناس طبيعيون لدينا حياتنا الخاصة وانشغالاتنا، وأننا نمرّ أحياناً بساعات حزن أو قلق أو توتر... هؤلاء ينسون أننا بشر مثلهم. ولكن في المقابل، هناك فئة أخرى من الناس تشعرنا تعليقاتهم بالسعادة والحب وتمنحنا الطاقة لاستكمال عملنا".
لكل شابة جديدة على "يوتيوب": توقّعي الأسوأ
وفي الختام، توجّه لمى مجموعة نصائح الى كل شابة ترغب في خوض تجربة الحديث عن القصص الغريبة عبر "يوتيوب"، بالقول: "أولاً، يجب أن تكون واثقة تماماً من نفسها وأن تتوقع الأسوأ، أي أن تدرك مسبقاً أنها ستواجه الكثير من التعليقات السلبية التي يجب أن تتعامل معها بحكمة ولا تدعها تؤثر فيها وتحدّ من قدراتها فتحطّمها وتقرّر الانسحاب. كما أوصيها بالبحث عن الإيجابيات والنقد البنّاء الذي يساعدها في تطوير محتواها. ويمكن أي صبية ترغب في دخول هذا العالم أن تبدأ من خلال التصوير بكاميرا الهاتف مع مايكروفون، وأن تسرد القصص بأسلوبها الخاص وكأنها بين أصدقائها، من دون أي تصنّع أو تقليد لأحد".