حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1369

الحبس نتيجة الإخلال بالالتزامات التعاقدية في ظل قانون التنفيذ رقم (9) لسنة 2022

الحبس نتيجة الإخلال بالالتزامات التعاقدية في ظل قانون التنفيذ رقم (9) لسنة 2022

الحبس نتيجة الإخلال بالالتزامات التعاقدية في ظل قانون التنفيذ رقم (9) لسنة 2022

13-05-2023 11:12 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور المحامي إبراهيم النوافلة

تصدر قواعد القانون لتحكم ما تم في ظلها من وقائع، وهي قواعد تتميز بالعمومية والتجريد وتتضمن في جانب منها التكليف وفي الجانب الآخر الجزاء. والعمومية والتجريد هما صفتان تكفلان المساواة والعدل، وتحفظان النظام والأمن، وتحولان دون الانحراف والتحكّم. ولعلّ عمومية وتجريد قواعد القانون ترتبط بعمومية وتجريد حقوق الإنسان، تلك الحقوق التي لم تظهر مسيرتها الفلسفية في غفلة من التاريخ، بل كانت مذ ظهرت فكرة الحياة المشتركة لمجموعة من البشر.
وتتأثر التشريعات بعامل الزمن، فالتعديل والالغاء سنّة تشريعية درجت عليها الأنظمة القانونية، لغايات مواكبة التشريع للتطوّر الحاصل في مناحي الحياة في الدولة، إلا أنه لا بد من مراعاة التوازن بين مقتضيات تطوير التشريعات وحماية الأوضاع والمراكز القانونية القائمة، الأمر الذي يثير التساؤل حول النص الواجب التطبيق أهو النص القديم أم النص الجديد، ولعل قاعدة عدم رجعية نصوص القانون إلى الماضي، وسريانه بأثر فوري ومباشر أمر تفرضه مقتضيات المنطق والعدالة والمصلحة العامة.
ومن حيث نطاق السريان الزماني لنصوص القانون، فإن المشرع الدستوري الأردني وفي المادة (93-2) من الدستور الأردني قد نص صراحة على أن: "يسري مفعول القانون بإصداره من جانب الملك ومرور ثلاثين يوما على نشره في الجريدة الرسمية، ما لم يرد نص خاصّ في القانون على أن يسري مفعوله من تاريخ آخر". وتنص المادة (4) من القانون المدني على أنه: " ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على ما ينافيه". وتنص المادة (5) من ذات القانون على أنه: " لا يجوز الغاء نص تشريعي الا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الالغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع".
ولقد استقرت اجتهادات محكمة التمييز على أن: " مبدأ عدم رجعية القوانين يقصد به أن القانون الجديد لا يسري بأحكامه على الماضي سواء بشأن القوانين العامة أو الخاصة ولا يسري القانون الجديد إلا على الوقائع والأحداث الواقعة في المستقبل بعد سريانه".
وبالرجوع إلى قانون التنفيذ رقم (9) لسنة 2022 المعدل للقانون رقم (25) لسنة 2017 والنافذ بمرور ثلاثين يوما من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في عددها الخاص رقم (5796) تاريخ:25-5-2022. فنجد المشرع قد أستحدث نصا صريحا في الفقرة "و" من المادة (22) من القانون، والتي تنص في البند (1) منها على أنه: "لا يجوز حبس المدين إذا عجز عن الوفاء بالتزام تعاقدي باستثناء عقود ايجار العقار وعقود العمل "، وينص البند (2) من الفقرة ذاتها على أنه: "تسري أحكام البنـد (1) من هذه الفقرة بعد مرور ثلاث سنوات على تاريخ نفاذ أحكام هذا القانون".
وباستقراء هذه الفقرة من المادة (22) من القانون ببنديها، نجد أن المشرع قد استحدث في هذه الفقرة أمرين، الأول هو أن حبس المدين لعجزه – وليس امتناعه- عن الوفاء بالتزام تعاقدي غير جائز فيما خلا الديون الناتجة عن التزامات تعاقدية مصدرها عقود الايجار وعقود العمل. والثاني هو أن الحكم الخاص بالأمر الأول موقوف النفاذ على مرور ثلاث سنوات من تاريخ نفاذ قانون التنفيذ رقم (9) لسنة 2022 المعدل للقانون رقم (25) لسنة 2017.
وبالقراءة المتأنية والعميقة للفقرة "و" من المادة (22)، ولاعتبارات قدّرها المشرع حين تعديل القانون، نجد أن الحبس في الالتزامات التعاقدية الذي أوقفته أوامر الدفاع لا يستثنى منه الالتزامات التعاقدية الناتجة عن غير الديون التي مرّدها عقود الايجار وعقود العمل، وبالتالي فهو يشمل جميع الديون الناتجة عن الالتزامات التعاقدية أي كان نوعها أو مصدرها، وحتى حلول الأجل الموقف لاستثناء الديون الناتجة عن التزامات تعاقدية ناتجة عن غير عقود العمل وعقود الاجارة. وهو أجل الثلاث سنوات الواجب انقضاءه بعد احتسابه من تاريخ نفاذ القانون المعدل لقانون التنفيذ. وبالتالي فإن الديون الناتجة عن التزامات تعاقدية لا ترجع في مصدرها الى عقود العمل وعقود الاجارة تكون خاضعة للقانون رقم (25) لسنة 2017.
وهذا النهج الذي سلكه المشرع الأردني يجد أصله في القانون المدني، حيث تنص المادة (402) منه على أنه: " يجوز إضافة التصرّف إلى أجل تترتب عند حلوله أحكام نفاذه أو انقضائه". وعليه فإن مصطلح "أحكام نفاذه" ينصرف إلى الأجل الواقف وهو أسلوب يلجأ اليه المشرع في حالات معينة ولاعتبارات يقدّرها حين وضع القانون أو تعديله، ويكون طابعها الصالح العام. والأجل هو أمر مستقبلي محقق الوقوع وليس له أثر رجعي، يتوقّف على تحقيقه نفاذ الالتزام أو انتهاؤه. والأجل الذي ضربه المشرع في الفقرة "و" من المادة (22) من قانون التنفيذ رقم (9) لسنة 2022، هو أجل قانوني لأنه وارد بنص القانون، وهو أجل صريح بدلالة قول المشرع: " بعد مرور ثلاث سنوات على تاريخ نفاذ أحكام هذا القانون"، كما أنه أجل واقف ويتوقّف على تحققه نفاذ نص الفقرة " و" من قانون التنفيذ رقم (9) لسنة 2022. وبالتالي فإن نص البند(1) من الفقرة (و) من قانون التنفيذ يُعد موقوف النفاذ من جهة الديون الناتجة عن التزام تعاقدي في غير عقود العمل وعقود الإجارة، حتى تحقق وحلول الأجل الذي بحلوله يبدأ النص بترتيب آثاره القانونية، فإذا حل الأجل الواقف(انقضاء مدة الثلاث سنوات على نفاذ القانون)، بدأ النص في ترتيب آثاره القانونية في مواجهة تلك الديون، ومن تاريخ حلول الأجل وليس من تاريخ نفاذ القانون، وهذا لا يشكل شبهة دستورية، بدلالة قول المشرع الدستوري في عجز الفقرة (2) من المادة (93) من الدستور: " ما لم يرد نص خاصّ في القانون على أن يسري مفعوله من تاريخ آخر"، فإرجاء نفاذ احكام القانون للمستقبل هو أمر مشروع ولا يخالف الدستور، وهو أمر محقق الوقوع لارتباطه بعنصر الزمان لأن الأيام والأشهر والسنوات تمضي وبتواليها.








طباعة
  • المشاهدات: 1369
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-05-2023 11:12 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم