حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,27 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 885

قراءة فيما يجري في غزة

قراءة فيما يجري في غزة

قراءة فيما يجري في غزة

13-05-2023 11:21 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : السفير قيس شقير
دفعت اعتداءات إسرائيل المتواصلة على قطاع غزة بالصحافي زهير أندراوس أن ينشر مقالةً يوم 11/5/2023 في صحيفة رأي اليوم اللندنية تناول خلالها مضمون كتابٍ صدرعام 2010 للمؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند من جامعة تل أبيب، يفنّد فيه الرواية الصهيونية عن وجود أمّةٍ يهوديّةٍ، ويؤكد أن إنشاء دولة إسرائيل ما هو إلا مشروعٌ إستيطانيٌ بدعمٍ غربيٍ.
ويُفهم استحضار مضمون الكتاب في التوقيت الراهن، وبعد مرور نحو ثلاثة عشر عامًا من إصداره، بأنه تعزيزٌ لقناعةٍ بدأت تترسخ لدى الرأي العام بنخبه محليًا وإقليميًا، وحتى دوليًا بأن ديمومة إسرائيل اليوم موضع تساؤلٍ بالنظر لما تواجهه داخليًا من أزماتٍ عبّرت عنها المظاهرات الحاشدة ضد التعديلات القضائية، بما تختزنه من مفاعيلٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ بنيويةٍ في المجتمع الإسرائيلي، وخارجيًا بصمود غزة في وجه الآلة العسكرية الإسرائيلية، يحدُّ من عجرفتها، ويكشف إخفاقاتها أمام العالم بين حينٍ وحين.
وحتى لا نركن إلى قراءاتٍ سياسيةٍ وإعلاميةٍ للتحديات التي تعصف بالكيان الإسرائيلي، فإن الموضوعية تقتضي أن نتعمّق قليلًا في سبر أغوار التحديات تلك، فلا ننظر إليها بجانبها الإيجابي من زاويتنا فحسب، بل بتجردٍ وموضوعيةٍ تقودان إلى أن مجتمعًا طارئًا، إستيطاني الأصل والنزعة، وحديث النشأة، كالمجتمع الإسرائيلي، لا بد وأن يمرّ بتحدياتٍ يحتاج معها مسؤولوه، وأكاديميوه للإجابة على أسئلةٍ أثارها المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند في كتابة من مثل: " لم روّجت الحركة الصهيونية لمقولة أرضٍ بلا شعبٍ، لشعبٍ بلا أرضٍ؟ "وهل يمكن الحديث عن "شعب يهودي" وُجد من آلاف السنين، واستمر إلى اليوم، بينما زالت كثيرٌ من الشعوب الأخرى، وهي أكثر عددًا وآثارًا، وأعمق حضارةً واستقرارًا وتجذرًا في بقعةٍ جغرافيةٍ محددةٍ؟ وكيف، ولمَ تحولت التوراة من كتاب شريعةٍ دينيّةٍ إلى كتاب تاريخٍ يروي نشوء "أمّة اليهود" علمًا بأن لا أحد يعرف بدقةٍ متى كتبت التوراة ومن الذي كتبها، وما الطريق الذي سلكه اليهود حين طُردوا من مصر؟ وهل تمّ فعلاً نفي سكان "مملكة يهوذا" بعد تدمير الهيكل؟ أمْ أنّ ذلك لا يعدو كونه محض أسطورةٍ مسيحيةٍ شقت طريقها إلى التراث اليهودي الذي جيّرها فيما بعد لمصلحته؟ وإذا لم يكن هناك منفىً، فمن أين أتى يهود العالم إذن؟ وما الذي يجمع ثقافيًا وإثنيًا وجينيًا (بالمعنى المدني) "يهود مراكش" و"يهود كييف" مثلاً؟ وإن كان لا وجود لوحدةٍ ثقافيةٍ بين الجماعات اليهودية المختلفة، فكيف لنا أن نتصور“وحدة الدم للشعب اليهودي"؟ وهل صحيحٌ أنّ هناك “جينًا يهوديًا” كما تدّعي الصهيونية؟
وبما أنّ أحدًا لم يجب إلى حينه عن الأسئلة التي أثارها شلومو ساند، فإن الموضوعية تقتضي منا أفرادًا ومؤسساتٍ أن نوّظف الجدل هذا لصالح القضية الفلسطينية، ومن على المنابر كافةً، ولعلّ ذلك مما يمكن تقديمه بالحد الأدنى، دعمًا لمن يتلقى القصف الإسرائيلي المتواصل، فيثير حميّة المجتمع الدولي بالإعراب عن القلق، وبالدعوة إلى ضبط النفس، والالتزام بالقانون الدولي، ولا يرتقي أبدًا لإدانة الهجمات الإسرائيلية، ولا لبذل جهدٍ صادقٍ يُفضي إلى إعادة مسار التفاوض على حل الدولتين، والذي بات هدفًا غير معلنٍ للحملات العسكرية الإسرائيلية ضد الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل صمتٍ دوليٍ ولا مبالاةٍ بالضحايا، وجلّهم مدنيونٌ؛ أطفالًا ونساءً.
وما من شكٍ بأن هدف إسرائيل من استمرار التصعيد هو استراتيجيةً تتبناها من نشأة كيانها، فمن قال إنها تعيش على وقع أزماتٍ ولا تقوى على الاستمرار في بيئةٍ طبيعيةٍ محقٌ، وتسنده معطياتٌ منها أنّ مشروع إسرائيل غير المعلن، والذي يشي به امتناع مؤسسيها عن ترسيم حدودها وإقرار دستورٍ لها، ورفضها المتكرر لمبادرات السلام كلها، وآخرها مبادرة السلام العربية لعام 2002 بذرائع بدأت بضرورة كسر الحاجز النفسي بينها وبين الدول العربية، ومقولة عدم وجود شريكٍ في السلام، إلى مشاريع سلامٍ اقترحتها لا تُفضي إلى تحقيق السلام، بل تقود إلى سلامٍ مقابل سلامٍ، أو إلى استسلام بمعنىً أصح، فلا أرض تستعاد، ولا حقوقًا مشروعةً لشعبٍ بدولةٍ مستقلةٍ عن مشروعهم الاستيطاني يمكن التفاوض من أجلها.
وبما أن إسرائيل ماضيةٌ في تحقيق أهدافها والتي لا تنحصر بغزة والضفة الغربية، فإن التصدي للمشروع الإسرائيلي حتميةٌ تاريخيةٌ بالنسبة لنا جميعًا، وليست واجبًا وحسب، لدعم أشقائنا الفلسطينيين أمام آلة الحرب الإسرائيلية.
ولابد أن نعي أن الزمن ليس في صالح إسرائيل، بل لصالحنا، وإن كان علينا أن لا نركن لهذا كمسلّمةٍ، دونما جهدٍ يُبذل لا يعرف الكلل. فإسرائيل بالمحصلة مشروعٌ استيطانيٌ، مرهونٌ باستمرار البيئة المواتية للاستيطان. والإسرائيلي تبعًا لذلك ليس مواطنًا بالمعنى الدقيق للمواطنة، بل مستوطنٌ لا تربطه بالأرض روابط المواطنة الحقة، بل المنفعة القائمة على استدامةٍ لمشروعٍ استيطانيٍ يدعمه الغرب ضمن استراتيجيةٍ تجاوز عمرها مئة عامٍ. وأما الفلسطيني، فهو بحقٍ، وباعتراف محللين وأكاديميين إسرائيليين، متجذرٌ بأرضه، رغم عقودٍ من الصراع، وشتى الإغراءات المادية التي قدمت له للتخلي عن ممتلكاته، والرحيل عن أرضه بتآشير سفرٍ سهلة المنال.
وعليه، فالصراع وإن طال، فهو مسلمةٌ تاريخيةٌ، سبق لشعب الجزائر أن قدم لها أنموذجًا بتحرير الأرض من نير استعمارٍ مشابهٍ طال لأكثر من مئةٍ وثلاثين عامًا. فهل يقوى بالمقابل المستوطن الإسرائيلي على البقاء في أرضٍ لم يُسلّم له صاحبها بملكيتها، ولن يكف عن السعي لاستعادتها بكل السبل؟
علينا ونحن نقرأ ما يجري على الأرض في غزة، والأراضي الفلسطينية المحتلة، أن نبرز وعلى مختلف المنابر الرسمية وغير الرسمية، على مستوى الأفراد، والمؤسسات، حقيقة أن الصراع لا يتمثل في عنفٍ وعنفٍ مضادٍ كما يروّج الإعلام الدولي، وأن السبيل لوقفه لا يتأتى بضبط النفس وحسب، بل بإنهاء الاحتلال، وبمجرد إعلان إسرائيل رسميًا قبولها بمدأ الانسحاب، وحل الدولتين، وهذا ما نجده في ما نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية من يومين، حيث أقرّت بأن إسرائيل تواجه شعبًا لا ينوي الاستسلام، فلا مفر من القبول بقيام دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، حلًّا للصراع، وإدامةً لوجود إسرائيل دولةً في المنطقة.
ولا بد للحديث من بقيةٍ








طباعة
  • المشاهدات: 885
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-05-2023 11:21 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم