14-05-2023 02:17 PM
بقلم : الدكتور هيثم الربابعة
يواجه التعليم العالي في الأردن الكثير من التحديات والصعوبات، كما تشهد مسيرة التعليم العالي في السنوات الأخيرة تباينا واضحاً في مستوى الجامعات، حيث نرى تراجعاً في مستوى كثير منها، بسبب كثرة التحديات التي تواجهها، والتي تتطلب إستراتيجيات مناسبة لحلها.
لعل أبرز التحديات التي تواجه التعليم العالي في الأردن تحدي العولمة التربوية، التي تحاول أن تدفع به بعيداً عن أداء دوره التربوي والثقافي، وتحول دون تحقيق رسالته، بل وتزداد التحديات في ظل المحاولات الغربية للنيل من الهوية العربية، حيث تذهب إلى تذويب الخصوصيات الثقافية، وحتى التربوية؛ وصولاً لتحدي التعليم.
إن تحسين نوعية وجودة التعليم العالي يحتاج لتكلفة عالية مما يجعله تحدياً إضافياً، خاصة مع التدني الملحوظ لنوعيته وظهور لكثير من الجامعات والكليات التي تمنح شهادات عليا دون أدنى جهد بحثي يذكر، وبالمقابل نجد طلباً متزايداً على القوى العاملة والكوادر المؤهلة، أضف إلى ذلك تحدي التزايد الديمغرافي ، حيث أن معظم الطلاب يتجهون للتعليم العالي كمخرج من الحالة المتردية التي يعيشها المجتمع، ومع ذلك نجد ارتفاع معدلات التسرب في معظم الجامعات، ولا سيما بعد السنة الأولى.
ومن التحديات البارزة التي يعاني منها التعليم العالي في الأردن نجد البحث العلمي، الذي يتناقص ويضمحل بشكل مستمر، حيث نجد إنخفاض الإنتاج العلمي الأردني مقارنة بالدول المتقدمة؛ ولعل السبب يعود إلى تقليص تمويل الجامعات، والأموال المخصصة للتعليم، والدعم المعنوي وهجرة الكفاءات.
كما يتطلب من الجامعات القيام بتحديث الهياكل التنظيمية للنظام التربوي بوحداتها المختلفة، وذلك للحد من مشكلة العولمة في ضوء المستجدات البيئية المعاصرة، وبما يتناسب مع تطور النظام التربوي والزيادة الحاصلة في عدد الدارسين، والجودة في إختيار المدرسين والكوادر التعليمية المؤهلة والخبيرة.
ولا بد من العمل على تحديث أدلة الإجراءات في الشؤون الإدارية والمالية، وإدخال التكنولوجيا الحديثة والإهتمام بتعليم وتدريب الإداريين على إستخدام إتجاهات إدارية معاصرة مثل إدارة التغيير والإدارة الإلكترونية، وإدارة الجودة الشاملة.
أضف إلى ذلك ضرورة أن تعمل الدولة على تحسين وتطوير البحث العلمي، بإعتباره راية التقدم والتنافسية العالمية، بحيث تتلاءم الخطة التطويرية في البحث العلمي مع الأهداف الموضوعة للدولة وللمؤسسات التعليمية، والتي تتماشى بدورها مع الخطة التنموية العامة للبلاد.
ولا بد من مشاركة كافة الهيئات الحكومية وغير الحكومية في دعم قطاع البحث العلمي، سواء في تمويله أو حوكمته، أو بدعمه مادياً، أو بتوفير المعامل والمختبرات، كل بحسب إمكانياتها واختصاصها، بإعتبارها مستفيدة من نتائج البحوث، إضافة إلى كافة الوزارات؛ كالصناعة والتجارة والمواصلات والإتصالات والمالية والإقتصاد وحتى السياحية والدفاع؛ وكذلك كافة هيئات المجتمع المدني.
ولا بد من الإشارة إلى الهيمنة الدولية والصراع العربي الإسرائيلي، وهو التحدي الأكبر الذي يتطلب تظافر الجهود العربية، لبناء قوتنا ووجودنا على الساحة العالمية، فمدخلنا الأساسي هو تربية بجودة عالية، وتعليم مميز، لإعداد مواطن أكثر وعياً وتنوراً وقدرة على تحدي المستجدات الراهنة والمستقبلية، ومواجهة كافة االصعوبات.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-05-2023 02:17 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |