16-05-2023 12:49 PM
بقلم : الدكتور كايد الركيبات
أُرخت النكبة الفلسطينية بإعلان قيام دولة إسرائيل في 15 أيار من عام 1948م، ومنذ ذلك اليوم قامت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تهجير الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية، وتوسيع رقعة دولتهم الجغرافية على حسابهم، لكن علينا الاعتراف بأن النشطاء اليهود حول العالم بدأوا العمل على إقامة الدولة اليهودية على الأراضي الفلسطينية في وقت مبكر وخططوا لهذا الهدف بشكل صحيح، وهذا ما يمكن أن ندركه من خلال الوقوف على مضامين كتيب "دولة اليهود" الذي قدم من خلاله تيودور هرتزل رؤيته الموضوعية في كيفية العمل على إقامة الدولة اليهودية، إذ نجد أن العمل اليهودي امتاز بالمؤسسية والمسؤولية، لتحقيق أهدافهم، في حين كان العرب يعيشون حالة من التخلف السياسي والاقتصادي، والعسكري، ولم يكن لديهم رؤية واضحة متفق عليها لمواجهة الأخطار التي بدأت تطل عليهم منذ وصول الاتحاديين للحكم في مقر الخلافة الإسلامية التي كانت في حالة احتضار، وانقلابهم على السلطان عبد الحميد الثاني عام 1909م.
ومع انطلاقة شرارة الحرب العالمية الأولى تعاون العرب مع الانجليز وحلفائهم، وفي الوقت ذاته تعاون اليهود مع الانجليز، فخرج العرب بدويلات قطرية غير قادرة على التعايش المستقل في المجتمع الدولي، في حين اثمرت العلاقات اليهودية البريطانية في استصدار تصريح بلفور الشهير، وتثبيت أقدام اليهود في فلسطين، فخرج اليهود بدولة تكاد تصل لحد الاكتفاء الذاتي في كل مجال.
كانت سمة الخلاف والتشكيك في حسن النوايا، السمة العامة الطاغية بين الكيانات العربية التي قُدر لها أن تتصدى للخطر اليهودي على الأراضي الفلسطينية ــ ومن المؤسف القول بأن هذا الحال مستمراً حتى وقتنا الحاضرــ في حين عمل اليهود بشكل مؤسسي منظم لمواجهة التحديات العربية، وتمكنوا من فرض وجودهم بالتعاون مع مؤسسات المجتمع الدولي، وتوظيف الإعلام لخدمة مصالحهم الرامية لتأسيس الدولة اليهودية في فلسطين، فكانت الخبرات السياسية، والقانونية، رديفاً مهماً للقدرات العسكرية التي يملكونها في بناء الدولة اليهودية.
كانت البداية رؤية يهودية عام 1897م، وفق ما جاء على لسان تيودور هرتزل: "في بازل أسستُ الدولة اليهودية. ولو أنني قلت هذا اليوم لواجهتي ضجة من الضحك. وسيراها الجميع ربما في مدة خمس سنين، وبالتأكيد في مدة خمسين سنة. إن الدولة قد تأسست من حيث الجوهر، في إرادة شعب الدولة.... إن هدف الصهيونية هو أن يتحقق للشعب اليهودي وطن في فلسطين يضمن وجوده قانون عام" (دولة اليهود: ص 21).
بالتخطيط والعمل المؤسسي كان لليهود ما أرادوا، ومن وجهة نظر تشاؤمية يمكن القول أن العرب اليوم لا يملكون سوى فرصة ضعيفة في أن تراودهم الأحلام لاستعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة، لأن الواقع العربي لا يقدم خطط مدروسة بعناية، وفق رؤية مستقبلية منظمة، في سياقات عمل جماعي موحد، لمواجهة تحديات وجود دولة يهودية مزروعة في قلب العالم العربي، لهذا فإن الإمكانات المتاحة للعرب تنحصر في وضع شعار جديد يعبر عن الغضب العربي من الدولة اليهودية بمناسبة الذكرى السنوية للنكبة الفلسطينية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-05-2023 12:49 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |