16-05-2023 12:55 PM
بقلم : العميد المتقاعد بسام روبين
لا شك أن الأهداف التي إجتمعت عليها المعارضة التركية كانت قصيرة الأجل وترتكز على الإطاحة بأردوغان وتحالفه إلى الأبد من خلال سلسلة من الإجراءات المستقبلية التي كانت تسعى المعارضة من خلالها لإستعادة العلمانية القديمة وإغلاق ملف الإسلام السياسي التركي الذي شكل قلقا كبيرا للمعسكر الغربي ،بعد أن نجح أردوغان بالتقدم على بعض الدول الغربية إقتصاديا وعسكريا وسياسيا وسياحيا ،وجعل من تركيا رقما صعبا في المحافل الدولية.
ولم يخفي الغرب علنية إنحيازهم للمعارضة التركية ولأي حراك يسقط أردوغان للقضاء على أي توجه إسلامي يسبب هلعا إستراتيجيا للغرب ،فنرى مراكز الدراسات الاستراتيجية المتنوعة الممولة وبدعم غير مسبوق من الغرب تقنع العالم لفتره من الوقت بأن هزيمة أردوغان وتحالفاته باتت وشيكة، وأن المعارضة ستقود زمام السلطة برلمانيا ورئاسيا خلال الفترة القادمة، ولكن تضليل الرأي العام العالمي والمحلي لم يدم طويلا فقد أظهرت الديمقراطية التركية حقيقته بعد أن نجح التحالف الأردوغاني بالسيطرة على البرلمان وأثبتت الصناديق أن نصف الشعب التركي بمكوناته ومعتقداته المختلفة ما زال وبرغم التضخم والزلازل يؤيد أردوغان قلبا وقالبا ،حيث تفوقت الكتلة الناخبة لأردوغان على تلك الكتلة المعارضة بثلاثة ملايين صوت تركي تقريبا ،وهذا الأمر يؤكد أن التحالف التركي المعارض قد فشل فشلا ذريعا في تحقيق أهدافه التي كان قد أعلن عنها خلال الفترة السابقة مما قد يعرض صفوف هذا التحالف لإنشقاقات تدريجية وشيكة بحثا عن براغماتيات أكثر نفعا من تلك السابقة التي لم تتحقق ،وربما تتماسك المعارضة مؤقتا وصوريا لحين ظهور نتائج المرحلة الثانية من الإنتخابات والتي يجمع المحللون على أن أردوغان سيحقق فيها فوزا ساحقا ،فنصف الأتراك الذين لم ينتخبوا أردوغان في المرحلة الأولى سيفكرون مليا إذا رغبوا في المحافظة على إستقرار تركيا سياسيا وإقتصاديا وتفوقها عسكريا ،فلا يمكن لأي زعيم من خارج التحالف الأردوغاني أن ينجح في تحقيق أي شكل من أشكال الاستقرار مع سيطرة التحالف الأردوغاني على البرلمان التركي.
لذلك قد نشهد تبدلا سريعا في مواقف المعارضة عقب تتويج أردوغان لمرحلة رئاسية قادمة والتي قد تشهد سلسلة من القرارات الهامة التي ستكون قادرة على إعاقة حركة أي مشروع معارض ،فلا يمكن لتركيا أن تتطور بفرضها عقوبات على روسيا الدولة العظمى الجارة ،وبطرد العرب إرضاءا للغرب على حساب مستقبل الشعب التركي الذي ينعم بالغاز الروسي الرخيص وبالسياحة الروسية وبالإيدي العاملة العربية وبالتدفقات المالية العربية السعودية والقطرية والكويتية والإماراتية التي وقفت داعمة لتركيا في أحلك الظروف.
ومن المفيد للتحالف الأردوغاني في هذه الأيام التي تسبق التصويت القادم وبمن حضر أن ينشط إعلاميا ،وينجح في رسم صورة تركيا الحقيقية قبل أردوغان وصورتها الجميلة التي وصلت إليها الآن ،فالزمن القديم لتركيا ولا أقصد زمن الدولة العثمانية لم يكن جميلا بل تشكل جماله وتجسد جمال إسطنبول لتصبح من أجمل عواصم العالم بفضل إصرار وإخلاص أردوغان والعاملين معه في التحالف الأردوغاني ،وهذه حقيقة ما زالت غائبة عن جيل الشباب الذي يطالب بالتغيير لأجل التغيير فقط دون أي دراسة لعواقبه السلبية.
حمى الله تركيا وألهم الله ناخبيه وشبابه حسن الإختيار للمحافظة على بقاء تركيا شامخة.
العميد المتقاعد الدكتور بسام روبين
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-05-2023 12:55 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |