16-05-2023 12:54 PM
بقلم : م. أنس معابرة
أقدم الكاتب الأمريكي دايف بيلزر على كتابة مذكراته الشخصية في رواية ضخمة مكونة من ثلاث أجزاء، صدر الجزء الأول منها عام 2002 تحت عنوان "طفل أسمه نكرة"، وكتابة المذكرات على شكل رواية فعل متوقع من كاتب وروائي كبير، ويقوم به العديد من الكتّاب حول العالم.
ولكن العلامة الفارقة في مذكرات دايف هو أنه أشار الى طفولته الصعبة، والتي تلقى فيها أشكال مختلفة من التعذيب النفسي والجسدي على يد والدته، والتي أوضح لاحقاً أنها كانت مدمنة على تناول الكحول، وتسبب إدمانها في تشريد دايف وترك والده للمنزل وتدمير العائلة.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينسى القارئ تفاصيل الجزء الأول من الرواية، بسبب بشاعة أشكال التعذيب التي مر بها طفل صغير بعمر العاشرة، مثل الحرمان من الطعام، والعمل المرهق في المنزل، والضرب وكسر اليد، أو وضع الكلوركس في فمه وإجباره على إبتلاعه، ووصلت أفعال الأم الى حرق يده على الفرن، وطعنه بالسكين.
مؤخراً قمت بقراءة رواية "هستيريا" للكاتبة الكويتية فداء العجمي، والصادرة عام 2018، والتي تتحدث عن امرأة مصابة بالإنفصام، بحيث تتمثل عدة شخصيات تصل الى العشرين، ويعاني زوجها وأبنتها من ذلك، بالإضافة الى معاناتها الشخصية من أعراض الإنفصام القاتلة.
وعندما لجأتْ الكاتبة الى إيضاح سبب الإنفصام لدى بطلة روايتها "سارة"؛ أشارت الى أنها كانت تعاني من طفولة صعبة، وتلقتْ أشكال العذاب المختلفة على يد والدتها، وذلك لأن أمها كانت تتطلع الى إنجاب طفل ذكر لا أنثى.
ولكنني لاحظت أن أشكال التعذيب متشابهة بين الروايتين، وعندما عدت الى تدقيق النص بين الروايتين؛ وجدت أن الكاتبة قد إستعارت جميع أشكال التعذيب من رواية دايف بيلزر، كما أنها حافظت على نفس التصعيد والترتيب في أساليب التعذيب، ونقلت فقرات كاملة كما هي دون أي تعديل.
ربما تتشابه أفكار كاتبين يفصل بينهما قرابة العقدَين، ولكن من المستحيل أن يحظى أبطال الكاتبين بنفس أساليب التعذيب، وبنفس الترتيب، وأن يتبادر الى أذهانهما نفس الكلمات والجمل والفقرات.
من الواضح جداً أن الكاتبة قد إستعارت الجزء الذي يحمل عنوان "آلامي الصغيرة" من روايتها؛ والذي يمتد لقرابة عشرة بالمئة من الرواية من رواية "طفل أسمه نكرة"، دون أدنى إشارة الى تلك الإستعارة، وحاولتُ أن أراجع تعليقات القراء وتقييمهم عبر الإنترنت للرواية، فلم أجد أن أحدهم قد انتبه أو أشار لتلك الإستعارة.
أما بالنسبة لبقية الرواية "هستيريا" فهي تقوم على أساس فكرة رائعة، وفريدة من نوعها، إذ تبدأ بإستضافة سيدة في إحدى المحطات التلفزيونية من أجل الحديث عن معاناتها مع مرض إنفصام الشخصية، ثم تبدأ الحديث عن تفاصيل حياتها منذ الطفولة وحتى وقت إجراء المقابلة.
وعلى الرغم من تميُّز الفكرة؛ إلا أن الرواية افتقدت الى حبكة درامية، فتشعر خلال القراءة أن الرواية عبارة عن مجموعة منفصلة من الأحداث، أو مقاطع من حياة شخص تتميز بقفزات واسعة، ولا يوجد ما يربط بينها.
كما أن الرواية قد خالفتْ الواقع والمنطق عدة مرات، فكيف لمريضة نفسياً أن تعمل في إدارة التحكم بمسارات القطارات، وتتسبب بحادث تصادم قطارين خلَّف الكثير من القتلى، ثم تجدها تعمل في مكتبة مدرسة إبتدائية، وتتعامل مع الطلاب والطالبات دون تحسُّن يُذكر على حالتها.
كما أن البطلة كانت تنفق الكثير من الأموال، وتعيش لفترات طويلة دون أن تعمل، ودن أن توضّح الكاتبة مصدر دخل تلك المرأة، وكيف تحصل على الأموال التي تشتري بها الكثير من الأشياء الباهظة الثمن.
حاولتُ قبل أن أكتب هذا المقال أن أتواصل مع الكاتبة الفاضلة، ولكن دون جدوى، وهممت بالتواصل مع دار النشر، ولكن دار النشر تهمها تكلفة الطباعة وتحقيق الأرباح، ولا تعلم شيئاً عن مكونات الكتاب في كثير من الأحيان.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-05-2023 12:54 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |