بقلم : الدكتور محمد عبد الستار جرادات
تتمثل الرؤية الإستراتيجية لجلالة الملك عبدالله الثاني لجذب الاستثمارات السياحية في اعتبار الاستثمار السياحي ركيزة أساسية مهمة في دعم الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة بما ينسجم ومصالح الأردن العليا، وتحقق له الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني والاقتصادي المنشود؛ من خلال تفعيل الترابط بين الاقتصاد والمكونات الأخرى للدولة والمجتمع، وتعزيز القدرة التنافسية الأردنية في مجالات الإنتاج والإدارة والتسويق وتقليص معدل الفقر والبطالة. فمنذ اعتلاءه عرش المملكة؛ كان جلالته مصمما على تحويل الأردن إلى أنموذج حيوي في المنطقة، يكون محفزا لبناء الشرق الأوسط. وكانت التنمية السياحية المستدامة، والنمو الاقتصادي، وتنمية الموارد البشرية العاملة في القطاع السياحي على رأس أولويات الأجندة الوطنية، ويتم تحقيقها في مناخ يكفل الإصلاحات السياسية والديمقراطية والترابط الاجتماعي، من أجل تزويد الأردنيين بالأدوات اللازمة لتمكينهم من المساهمة في التنمية السياحية وتطوير بلدهم.

سجل الدخل السياحي في الأردن خلال شهر يناير من العام الحالي أعلى مستوى له لنفس الشهر منذ عشرة سنوات لیصل إلى 391 مليون دينار ، مقارنة بذات الشهر من العام الماضي. بارتفاع بلغ نسبته 122%. جاء ذلك نتیجة ارتفاع عدد السیاح القادمین الى المملكة بنحو 292 ألف سائح مقارنة بذات الشھر من العام الماضي لیصل المجمل الى 504 ألف سائح. وفي العام 2022، حقق الدخل السياحي ارتفاعا بقيمة 2.165 مليار دینار، أو ما نسبته 110.5%، لیصل الى 4.123 مليار دینار مقارنة مع عام 2021. وقد جاء ذلك نتيجة لارتفاع عدد السیاح القادمين إلى الأردن بنحو 2.690 مليون سائح، لیصل إلى 5.048 مليون سائح. ولزيادة الجذب، أصدرت مؤخرا هيئة تنشيط السياحة بالأردن سلسلة من مقاطع الفيديو القصيرة المجهزة باستخدام الذكاء الاصطناعي، لعرض أجمل المناظر الخلابة التي يمكن للسياح استكشافها في البلاد. وتعد مقاطع الفيديو هذه جزءا من استراتيجية هيئة تنشيط السياحة للترويج للمناطق السياحية بالأردن وتعزيزها على خريطة السياحة في المنطقة.


في بداية العام 2021، أطلقت هيئة تنشيط السياحة الأردنية حملة "مملكة الزمن" التي هدفت إلى تطوير الصورة السياحية للبلاد وإعادة تقديمها كوجهة سياحية يلتقي بها الماضي مع الحاضر والمستقبل، ومنذ ذلك التوقيت وتعمل الهيئة على المحافظة على هذا الزخم والاهتمام الكبير الذي تحظى به المواقع السياحية الأردنية، وتحاول جذب انتباه السائحين حول العالم في ظل التطور الرقمي الكبير الذي تشهده البشرية، بالإضافة إلى المنافسة الشديدة في قطاع السياحة بالمنطقة. ولكن، لماذا لا تحظى المواقع الدينية والأثرية تسويق أكبر؟ يمتلك المغطس مكانة دينية مميزة جدا، حيث يسمى موقعه باسم "بيت المعبر"، ويشير الكتاب المقدس إلى أن المغطس هو المكان الذي أتى إليه المسيح إلى القديس يوحنا ليعمده، ومن هذا المكان بدأ خدمته الدينية وجمع تلاميذه الأوائل منهم أندرو وبيتر وفيليب، ولا تزال الجدران القديمة التي يعود تاريخها إلى القرن الأول ميلادي موجودة إلى يومنا هذا. تحدث العديد من خبراء السياحة عن متطلبات تحديث البنية التحتية لتعظيم فرص نمو قطاع السياحة بشكل عام، والمغطس بشكل خاص. كما رعى جلالة الملك إطلاق المخطط الهيكلي الشامل لتطوير المنطقة المجاورة للمغطس في ديسمبر العام الماضي، وتتولى مؤسسة تطوير الأراضي المجاورة للمغطس، وهي هيئة مستقلة غير ربحية تم إنشاؤها بموجب قانون في عام 2021، إدارة تطوير المنطقة المجاورة للمغطس والإشراف على تنفيذ المخطط الهيكلي الشامل، الذي يشتمل على إنشاء قرية للحجاج، ومتحف يسلط الضوء على أهمية الموقع كإرث حضاري وديني.


وفي صدد ذلك، أكد جلالة الملك على ضرورة الاهتمام بالقطاعات السياحية التراثية التقليدية وتطوير مستوى تنافسيتها، وتوفير الحوافز للاستثمار المحلي والعربي والأجنبي بما يتفق والمرتكزات الوطنية المستدامة والاستثمار بما يحقق سلامة التخطيط الاقتصادي، واعتماد التخطيط السياحي الاستثماري على قاعدة معلومات دقيقة وشاملة عن واقع الاقتصاد الأردني وحجم وهيكلية الاستثمار ومدخلاته.



حفظ الله الأردن تحت ظل الرعاية الهاشمية الحكيمة من كل مكروه.