حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,5 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 67426

النائب السابق مصلح الطراونة يكتب الى ابنه الراحل "محمد" في يوم ميلاده: سلام لك أيها الطاهر في ثراك

النائب السابق مصلح الطراونة يكتب الى ابنه الراحل "محمد" في يوم ميلاده: سلام لك أيها الطاهر في ثراك

النائب السابق مصلح الطراونة يكتب الى ابنه الراحل "محمد" في يوم ميلاده: سلام لك أيها الطاهر في ثراك

24-05-2023 12:27 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - الى محمد في يوم ميلاده العشرين إلى الغائب عن المكان وما قد غاب عن العيان ، سلام لك أيها الطاهر في ثراك ، سلام لابتسامتك التي ملأت المكان يوما حبا ومرحا ، سلام لقلبك المحمل بالطهر والطيب … ما كنت أظن يوما أني سأكتب لولد يغيب عن عيني و لن يعود ، ما كنت أظن أن الدهر سيمتحنني بهكذا امتحان … وما أصعيه من امتحان، العادة أن يكتب الأبناء لآبائهم الغائبين ، و لكني أكتب لفلذة كبد توارت عن نظري وما تورات عن شغاف قلبي ، أكتب لمن ترك المكان فارغا صامتا شحيحا بكل فرح …. أكتب من وراء جدار الفقد متواريا وراء غيابك المضني و طيفك صورتك قادما من الخارج تنادي بصوتك علي … (يا ابوي شلونك )

قبل عقدين و نيف فرحنا كأي أب و أم رزق بابنه الأول ، رزق بسند من عثرات الكبر و حوادث الزمان، فرحت بك و فرحتي ملأت المكان حولي بقدومك البهي، وما ظننت أني سأنعاك بهذا العمر، … – ولكن اللهم لا اعتراض – توارت أحلامك فجأة و غاب صوتك دون سابق إنذار ، و أصبح المكان من بعدك يا بني يصرخ بصمت فقدك ، كبرت يوما بعد يوم ، و تابعت فيك كل تغيير ، منذ أن صرخت صراخك الأول حتى صرختُ عليك، بهدوء معاتبا طيبتك المفرطة في زمن قذر . نضجت أمام عيني باكرا، و رأيت فيك ما لا أراه بنفسي ، حلمت بك و حلمت لك ، بنيت عمري بك يا بني ، و ها أنا أجر قلم الخيبة مضمخا بحبر الغياب، كنت انتظرك تحمل المسؤولية عني علي اتنفس قليلا، وكنت تقول (ربنا يطول في عمرك يا ابوي )

يا بني … أي صبر سيضمد جراح غيابك؟ و أي جلد سأتجلده أمام الجميع على انكسار الحياة في عيني ؟؟ أي أحلام سأبنيها من بعدك و أنا الذي أقف بعد منتصف الطريق ؟ لم يزل ثراك نديا ومن الطبيعي أن يكون الجرح غائرا ولكن لا أظن أنه سيندمل بسهولة ، ولن يندمل، ولا أظن أن غيابك سيصبح مستساغا في يوم من الأيام و لكنه بالتأكيد سيكون رفيقا ثقيلا .

قبل أسابيع ، قدمت علي في المكتب ، دخلت و دخل معك البهاء ، تدخلت كعادتك و بحماسك الأولي ، و كأنك تنظر في قضيتك الأولى، مرتبكا بين ما يجب و ما لا يجب، و أنا أتابع فيك كل حركة قلقا عليك خائفا من نوائب الدهر ومن لايذات الزمان، و كأنني أنظر في وجعي ، ظننت أني سأفرح بمرافعتك الأولى أو ببحثك الأول كأي أب ، و ظننت أني سأقف يوما شامخا أمام فتاة أخطبها لك ، واناديها هلا فيكي عموه، ولكن بين ظني و بين قدر الله – ولا اعتراض على قدر الله – حدث ما لم يحتمل .

بني … أسأل الله أن يجعلك من أهل النعيم ، و أن يرزقك الجنة ، وأن يجبر كسر العمر و عثرته بغيابك …

 








طباعة
  • المشاهدات: 67426

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم