25-05-2023 09:05 AM
سرايا - يعوّلُ الناقد المصري عبدالله السمطي كثيرًا على دور القارئ في إعادة ابتكار النص الشعري، وقراءة مكامنه عبر مخيلته التي تحاور مخيلة المبدع وتستنطقها، ومن هنا جاء كتابه الجديد «تجليات المخيلة القارئة» الصادر حديثا عن دار الأدهم للنشر والتوزيع، ليضفي على آليات القراءة دورا مهما يتمثل في محاورة النصوص وإعادة تأويلها برؤى تصل بين المبدع والقارئ.
ويتناول السمطي عبر ذلك بالقراءة النقدية ديوان الشاعرة السعودية آسية العماري:» تمشي خارج الورد» الذي يقول عنه: « نحن حيال نصوص ذكية ومغامرة بالفعل، على الرغم مما يبدو على بعضها من مباشرة أو يسر في التلقي.
وهنا تتجلى جرأة الكتابة، والمواجهة، والإصغاء للمكامن الخفيّة. إنه وضوح التعفية، وكتابة الغياب الحاضرة»
ويتشكل الكتاب من أربعة فصول هي: صدمة التلقي، هوية الكلمات والمبدأ الفذ، هي والورد وشعرية الضمير، وتقنيات الخطاب الشعري.
ويرى السمطي في كتابه أن عناصر الوعي الشعري تتمدّدُ بكثافتها الكبيرة، وفق ما تصوغه الشاعرة من رؤى في أقل العبارات، كلما ضاقت العبارة اتسعت الإشارة - بتعبير النفّري- العبارات هنا في ديوان: «تمشي خارج الورد» شحيحة وقليلة نصّيًّا والنصوص تمضي وفق اختيار من الشاعرة لتلبي حاجات فنية وجمالية ودلالية لديها، إنها ترى – من خلال نصوصها – أن الوعي الإنساني يتسنى له أن يستوعب هذه الكلمات المركزة أكثر من استيعابه للنصوص الطويلة، إنها تختزل وتختصر لتقول ما بداخل مخيلتها من رؤى بكلمات قليلة جدا، كأنها تعنونُ حياتها وتجربتها، وتمضي في ابتكار هذه العناوين بشكل مانشيتات شعرية مضغوطة، وإلا كان يمكن لها أن تسترسل بلا توقف.
ويضيف السمطي: إن جماليات النص القصير لا تتوقف عند حدود عدد الكلمات وحجم الجمل لكنها تتجلى فيما تختزنه النصوص من طاقات معنوية، وأبعاد سيميولوجية دلالية يمكن أن تنصرف بنا عبر التأويل إلى مساحات أبعد وأعمق.
إن الشاعرة آسية العماري تقلنا إلى هذه المنطقة المكثفة المضغوطة لتهبنا نصوصا مائزة لا بقصرها وتكثيفها فحسب، ولكن بانطوائها على معان عدة.
إن نصوص الديوان تقودنا إلى هذا كله، ومن هنا فإن قراءتها قراءة شفيفة واعية سوف تعدنا بالكثير من النتائج المتعلقة بجوهر الشعر وغاياته.
وربما يندرج هذا النمط الشعري الذي نطالعه في ديوان آسية العماري ضمن أفق الشعر التجريبي، وقد أصدرت الشاعرة من قبل غير هذا الديوان ثلاثة دواوين هي: (بشأن وردتين) و(يمكن لفستان مهجور) و(أغاني البرطمان المالحة)
ويعد كتاب:» تجليات المخيلة القارئة» الكتاب الثلاثين في مسيرة عبدالله السمطي النقدية، ومن أبرز كتبه: نسيج الإبداع، أطياف الشعرية، أيقونات التأويل الشعري، حواس الأنوثة، جاذبية الشعر النسوي.