27-05-2023 10:25 AM
بقلم : الدكتور جميل السعودي
عندما يحنو قلمي على وريقات تناغمت أجزائها بين حروف الوطن حاملة بين الحنايا معاني العشق والأمل مشرئبه عنان السماء – داعية المولى عزّ وجل ان يحمي الوطن الصامد أمام كل التحديات والرافض رفضا ابديا للعبث وكل المؤامرات. إن النسق القائم بين كل جنبات الاردن يثبت في كل حين وعند أي موقف مهما اشتدت المحن ومهما طوقته التحديات، ان الأردني وبكل فخر يبرهن دوما انه صاحب تاريخ عريق وباني حضارة وفارس تحديات وصانع إنجازات أبى من أبى وتشدق من تشدق وخان من خان، فعند كل مقام مقال وان الشمس لا تغطى بين انامل العابثين والقمر لا يحمل بين أيادي الرافضين للتقدم والناكرين للإنجازات والحاثّين على الرجعية والجمود.
يحتار القلم من اين يبدأ وأين يمر وكيف يمكن أن يوصل كل معاني الخير والأمل والمستقبل الواعد والايمان بكل ما انعم الله تعالى على هذا الوطن الثابت الراقي باحتضانه لكل أبنائه والسائر دائما نحو العليا والعابر عبور الكرام عند جنبات المستخفّين بكل القيم الذين لا اخلاق تقبلهم ولا دين يؤيدهم ولا عرف يساندهم ولا حتى الشعر يؤيدهم، لذلك فالأوطان تسير دائما نحو التقدم والنماء في ظل قيادة حكيمة وشعب متعلم قادر ذكي طيب له ما له من قيم وميزات تتغنى بها القصائد وتطلق حولها أهازيج النشميات وأشعار المتسامرين. كيف لا ووطننا الذي أعطي اسمه العالي علو البيارق منذ الآلاف من السنين وذكرته الكتب السماوية بالمجد والسؤدد وملاذا لطالبي الامن والمحبة والسلام وليبقى ساحة الشهامة والنشامى.
إن عدنا للماضي بتاريخه التليد فلن نجد الا التقدم وقهر الصعاب وحسن المظهر وطيب الروح بالرغم من صغر المساحة ومحدودية الإمكانات وكبير المآسي والتحديات التي مر بها هذا الوطن المغوار، فمنذ أن نشأت الحضارات القديمة على ارض الأردن وتاريخه كان الأردن قد مرّ بمطبات سياسية واجتماعية واقتصاديات وتقدمية وحتى مطبات التخلص من كيانه كانت أيضا حاضرة، بالرغم من كل ذلك استطاع الأردن ان يصل الى بر آمن عند كل محنة، كما استطاع ان يخرج من فوهة الحقد والعبث بوجوده عند كل مؤامرة حاكها المتآمرون الحاقدون ، لذلك كلما قرأنا تاريخ الأردن قديما وجدنا فيه جواهرا حاضرة في كل مكان ووجدنا الانسان الأردني واقفا بكل فخر وعزة امام كل الصعاب ولا تزل قدماه بين طرق التائهين.
أما تاريخ الأردن الحديث فهو خير دليل على انه بلد الأنصار وساحة الرجولة والشهامة والكرم وأنها ارض الرباط وبوصلة المهاجرين – كيف لا والأردني يتغنى بشهامته ورجولته وحرصه على قيم النبالة والكرم، كيف لا والأردن بلد أقام بها الأنبياء فسلام على انبياء الله أيوب وشعيب ويوشع بن نون، كيف لا والأردن بلد يهاجر الملهوف إليه بروحه وجسده ولا يهاجر منه، فهو معبر مُهاجر إبراهيم عليه السلام وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (سورة العنكبوت: من الآية 26). والأردن مُهاجر فتية الكهف إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إلى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً (سورة الكهف: 10).
وهل لنا أن ننسى ما يذكرنا به شمال الأردن حيث اليرموك تليدة المجد، وجنوبه الذي يذكرنا بمؤتة الغالية وشهدائها الثلاثة عشر صحابيا رضي الله عنهم وعلى رأسهم قادتها الثلاثة: زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، ولا ننسى فروة الجذامي الذي ضمّت رفاته مدينة معان الحبيبة. كما لن ننسى مقامات الصحابة كمقام الصحابي كعب بن عمرو الغفاري وقد ضمت مدينة الطفيلة رفاته الكريم والصحابي الحارث بن عمير الازدي التي ضمت رفاته مدينة بصيرا، كما يذكرنا تراب الأردن بمقامات الصحابة الأطهار الأجلاء رضوان الله عليهم كفاتح الأردن الصحابي شرحبيل بن حسنة، ولن ننسى الصحابة شهداء طبقة فِحل في غور الأردن وعامر بن أبي وقاص وأعلم الصحابة معاذ بن جبل وأمين الأمة عبيدة بن الجراح و ناقش الخاتم النبوي عمرو بن سعيد والطفيل بن عمر الدوسي وابنه عمرو بن الطفيل وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وهشام بن العاص وعبد الله بن الزبير والفضل بن العباس وغيرهم الكثير الكثير من الصحابة رضي الله عنهم جميعا. هذا هو الأردن في عين أبنائه البررة فهو بلد مبارك من أكناف بيت المقدس سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (سورة الإسراء: 1). من لا يعرف الأردن او يغمض عيني الحقيقة، اهديه هذه الابيات من قصيدة الشاعر الكريم عبد الغني التميمي قائلا:
يا أيها الأردن شعبك مسلم ما زال إن ذُكر الكرام الأكرما
أرض الرباط وأرض حشد لم تزل في النائبات وفي الخطوب مقدما
يا أيها الشعب العزيز جنابه قطنت عشائرك العُلا والأنجما
أو تسلمون بني أبيكم للردى الجوع يقتلهم حصاراً والظما؟؟!!
أقف هنا بعد أن طاف قلمي بين أزقة التاريخ ليخط بعضا من استحقاقات الوطن ويرتاح لقيلولة الذكريات، واعدا النهوض كعادته بعون الله تعالى لخط الحلقة الثانية بعنوان الأردن بين الحاضر والماضي - وقفة محارب بين الإنجازات والتحديات.
بقلم الدكتور/ جميل سالم الزيدانين/ السعودي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-05-2023 10:25 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |