28-05-2023 08:35 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
يبدأ في مطلع شهر حزيران القادم العمل بنظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في مؤسسات التعليم العالي رقم (68) لسنة 2022، الذي صدر بالاستناد لأحكام المادة (20) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022، والتي تعطي الحق لطلبة مؤسسات التعليم العالي الأعضاء في الحزب السياسي بممارسة الأنشطة الحزبية داخل حرم تلك المؤسسات من دون أي تضييق أو مساس بحقوقهم.
فعلى الرغم من صدور الإرادة الملكية السامية بالموافقة على هذا النظام ونشره في الجريدة الرسمية مع بداية شهر كانون الأول من العام الماضي، إلا أنه قد تقرر تأخير نفاذه مدة ستة أشهر، وذلك لكي يتصادف سريان هذا النظام مع انتهاء المهلة القانونية التي حددها قانون الأحزاب السياسية للأحزاب المسجلة قبل نفاذه لتقوم بتصويب أوضاعها بما يتوافق مع أحكام القانون الجديد.
إن القرار الحكومي بتأخير سريان نظام ممارسة الأنشطة الحزبية في الجامعات قد جاء صائبا، ومن شأنه أن يحقق عدالة بين الأحزاب السياسية فيما يخص تواصلها مع طلبة الجامعات، إذ لم يكن من المقبول السماح للطلبة الحزبيين بعقد أنشطة طلابية تعريفية بالأحزاب السياسية في الوقت الذي كانت فيه الأحزاب قد أعطيت فترة تشريعية لتوفيق أوضاعها القانونية.
أما اليوم ومع انتهاء فترة تصويب الأوضاع للأحزاب السياسية وبقاء أيام قليلة على دخول النظام الجديد حيز التنفيذ، تبقى المشكلة الأساسية التي ستواجه الطلبة الحزبيين في الجامعات تأخر صدور التعليمات الخاصة بتنفيذ أحكام هذا النظام من قبل مجلس التعليم العالي، والذي جرى اعتماده كمرجعية تشريعية لهذه الغاية.
فمن خلال الرجوع إلى أحكام نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية في مؤسسات التعليم العالي، نجد بأنه قد تضمن العديد من النصوص القانونية التي يرتبط تطبيقها بالتعليمات التي سيصدرها عن مجلس التعليم العالي. فالمادة (2) من النظام قد عرفت النشاط الحزبي بأنه يشمل الأنشطة التي يحق للطلبة ممارستها في مؤسسة التعليم العالي وفقا لأحكام هذا النظام والتعليمات الصادرة بمقتضاه.
كما يتسع نطاق الحاجة إلى التعليمات الجديدة ليشمل تحديد الأماكن والأوقات التي يحق فيها للطلبة ممارسة الأنشطة الحزبية، حيث تنص المادة (4/أ) من النظام على أن «يلتزم الطالب عند ممارسة النشاط الحزبي بإقامة النشاط الحزبي في الأمكنة والأوقات الموافق عليها بمقتضى أحكام هذا النظام والتعليمات الصادرة بمقتضاه».
كما تتضمن المادة (7/أ/1) من نظام ممارسة الأنشطة الحزبية إشارة واضحة وصريحة إلى التعليمات التي سيصدرها مجلس التعليم العالي، حيث تنص بالقول «يحظر على مؤسسة التعليم العالي مساءلة الطالب أو التعرض له بسبب ممارسة النشاط الحزبي المسموح بممارسته وفقا لأحكام هذا النظام والتعليمات الصادرة بمقتضاه».
إن الواجب الأهم الذي يتعين على مجلس التعليم العالي سرعة إنجازه، هو إعداد النموذج المعتمد الذي سيقدمه الطلبة الحزبيون لعمادات شؤون الطلبة في جامعاتهم لكي يحصلوا على الموافقة المسبقة على إقامة النشاط الحزبي. فالمادة (5) من النظام الجديد تنص صراحة على أن «يُقدّم طلب إقامة النشاط الحزبي إلى العمادة قبل عشرة أيام على الأقل من الموعد المقترح لإقامته على النموذج المعتمد من المجلس لهذه الغاية». ففي ظل عدم إقرار مجلس التعليم العالي لهذا النموذج، لن يكون بمقدور الطلبة الحزبيين الاستفادة من النظام الجديد، خاصة وأنه ل? يوجد ما يسمح لمؤسسات التعليم العالي بأن تقر نموذجا خاصا بها يتم تقديمه للحصول على الموافقة على عقد النشاط الحزبي.
ويبقى التحدي الأبرز الذي سيواجه مجلس التعليم العالي في كيفية تفسيره وتعامله مع المادة (8) من النظام الجديد التي تنص على أن «تلتزم مؤسسة التعليم العالي بتشكيل مجالس طلبة أو اتحادات أو جمعيات أو نواد طلابية وإتاحة الفرصة لجميع الطلبة الحزبيين وغير الحزبيين بممارسة حقهم في الترشح والانتخاب في أي منها وفق تعليمات يصدرها المجلس لهذه الغاية».
إن التفسير البسيط لهذا النص المستحدث في النظام الجديد يفيد بأنه يتعين على مجلس التعليم العالي أن يصدر تعليمات تنظم حق الطلبة الحزبيين وغير الحزبيين في الترشح والانتخاب لمجالس الطلبة والاتحادات والنوادي الطلابية في مؤسسات التعليم العالي. وهذا الحكم يشكل اعتداء صارخا على استقلالية الجامعات في الأردن، وعلى حقها في تنظيم مجريات الانتخابات الطلابية فيها.
إن هذا الاختصاص التشريعي لمجلس التعليم العالي ليس له علاقة بتنظيم الأنشطة الطلابية الحزبية ويعتبر مساسا بالاستقلال الإداري للجامعات الأردنية وبحقها في إصدار تعليماتها الداخلية الخاصة بها. بالتالي، فإن الحاجة ماسة إلى مراجعة أحكام هذا النظام، حتى قبل دخوله حيز النفاذ، لكي يتم التخلص من هذا الحكم الجديد الذي يمس باستقلالية مؤسسات التعليم العالي.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-05-2023 08:35 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |