بقلم : د.نواف بني عطية
الحق في البيئة هو حق جديد نشأ لمواجهة الجوانب السلبية للتقدم الصناعي والتكنولوجي؛ فالحياة تصبح غير ممكنة وفي بعض الاحيان مستحيلة في بيئة ملوثة ، فحداثة هذا الحق مرتبطة في واقع الامر بحداثة الدراسات القانونية المرتبطة بالبيئة، التي هي من دون شك حديثة مقارنة مع دراسات قانونية أخرى على غرار الدراسات المتعلقة بقانون الحق في الملكية والقانون المدني ، وتلك المتعلقة بالاحوال الشخصية.

لم يتضمن دستور المملكة الأردنية الهاشمية نصًا صريحًا يتعلق بحماية البيئة، فلم يشر الدستور من قريبٍ أو بعيدٍ إلى حق المواطن في التمتع ببيئة نظيفةٍ خالية من التلوث، مثلما لم يشر إلى واجب الدولة في المحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث.

فبالإضافة إلى ما جاء في المبدأ الأول من إعلان استكهولم الصادر في 5 يونيه 1972 أكد الميثاق العالمي للطبيعة الذي تبنته الجمعية العامة في مادته الأولى أن" للإنسان حق أساسي في الحرية والمساواة وفي ظروف معيشية مرضية وفي بيئة محيطة تسمح له بالحياة في كرامة ورفاهية، وعليه واجب مقدّس في حماية وتحسين البيئة للأجيال الحاضرة والمقبلة" ، ومن المؤتمرات الدولية الخاصة بالبيئة ، مؤتمر ريودي جانيرو1992 ، مؤتمر كوبنهاغن 2009 ، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD) ، اتفاقية ستوكهولم للملوثات العضوية الثابتة (POPS) ، اتفاقية (Marpol) لحماية البيئة البحرية .
ومن التشريعات دستور الجزائر لسنة 2016 في المادة 68 التي نصت صراحة على حق المواطن في بيئة سليمة ونظيفة ، وجعله حق مستقل في حد ذاته.كذلك المادة 59 من الدستور المصري ليتضمن مادة خاصة بالبيئة جاء فيها أن "حماية البيئة واجب وطني، وينظم القانون التدابير اللازمة للحفاظ على البيئة الصالحة" .
أما في التشريع الأردني جاء قانون رقم 16 لسنة 2020 القانون الإطاري لإدارة النفايات المادة 6 من هذا القانون حول التعامل مع النفايات بما يضمن حماية الانسان والبيئة وحمايتها من التلوث ، وكذلك المادة السابعة منه اتخاذ اجراءات وتدابير وقائية لتفادي اي تهديد أو خطر على البيئة ، وقانون حماية البيئة رقم 6 لسنة 2017 وجاءت بالعديد من المحظورات من أجل الحفاظ على حماية البيئة ، وقانون رقم 33 لسنة 2017 قانون الرقابة والتفتيش على الانشطة الاقتصادية المادة (6/د) منه على حماية عناصر البيئة من المواد الخطرة والنفايات الضارة والتخلص منها ، حيث كان الأردن أول دولة تجري مراجعة بيئية لاتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، وقد نصت إحدى مواد الاتفاقية التي وقعت عام 2000 على ضرورة ألا يكون تشجيع التجارة على حساب الإلتزام بالتشريعات البيئية ، وركزت على منع والحد من التلوث وحماية الحياة البرية والمناطق المحمية.
ولا شك أن النصوص التشريعية – دون الدستورية- سالفة الذكر تنهض دليلاً دامغاً على اهتمام الاردن بحماية البيئة، بما يصب في نهاية المطاف في مكافحة التغير المناخي. ولعل ذلك يتحقق بشكل واضح وجلي من خلال العمل على الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة وتحفيز الاستثمار فيها، ومع ذلك، فإن مصطلح التغير المناخي لم ترد أدنى إشارة إليه في نصوص التشريع. ولذلك، نرى من الملائم إضافة بعض المواد التي تنص صراحة على مكافحة التغير المناخي، وتقرر بعض الالتزامات الدستورية وثيقة الصلة بهذا الموضوع، وذلك أسوة بما هو وارد في بعض الدساتير المقارنة.وقد يكون من المناسب كذلك النص على تعزيز الاقتصاد الأخضر ودعم الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة التغير المناخي.
وعليه ، من المقرر أن الدستور الأردني يُعتبر دستوراً تقدمياً في مجال حقوق الإنسان، فقد كفِل العديد منها وفق المنظور الذي كان سائداً وقت صدروه، ويبدو أن الوقت صار مناسباً لكي يتدخل المشرع الدستوري الأردني لتحديث الدستور الأردني في مجال حماية البيئة لجعله مواكباً لعشرات الدساتير الوطنية التي تضمنت النص على حق الإنسان في البيئة النظيفة.