29-05-2023 11:51 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
نحتاج اليوم، وفي ظل حواراتنا الوطنية المتعددة، إلى نظرةٍ للمشهد الثقافي، الذي بات بحاجةٍ إلى التجديد وأن يلقي عن كاهله الأساليب التي لم تعد منتجة أو مفيدة، وما تزال بعيدة عن صناعة الثقافة، لتكون ذات منتجٍ جاذبٍ قادرٍ على استقطاب الجمهور.
إذ يلحظ أنه ومنذ أنّ ودع العالم إجراءات كورونا، وما فرضته، وبدأت تستعيد القطاعات عافيتها، والمشهد الثقافي ما يزال على حاله يستجر أساليبه ذاتها، دون إدراك للزمان المتغير، والأدوات الجديدة، لذا نحتاج تجديداً ومشاريع جديدة.
فما تزال المشاريع الثقافية تستجر ذاتها، منذ المدن إلى الألوية الثقافية، تلك التجارب التي أشبعت وباتت بحاجة إلى أن تصبح اليوم جزءاً من الذاكرة، كما أنّ المنتديات والروابط والاتحادات التي كانت عامرةً بالأنشطة، باتت اليوم خاوية أو مقتصرة على جمهور محدود.
لقد تغير العالم كثيراً، بعد تجربة الوباء، ونلحظ مشاريع ثقافية تعيد إنتاج نفسها إقليمياً ودوليا، في حين المشهد لدينا ما يزال يدور في فلك ذات المفاهيم القديمة، وبعقلية "النشر الورقي" غير آبهٍ أو متوثب لصناعة الجديد أو التجديد.
فالثقافة بالأصل اليوم، هي منتج وصناعة، ومقدرة على صياغة قوةٍ ناعمة، للمجتمع والدولة، لا استجرار عناوين لم تعد جاذبة للجمهور، وغير قادرةٍ على الوصول إلى شرائح الشباب، والأطفال، وكل من هو متعطش للمعرفة، أيّا كانت صورتها سواء بمنتجها المرئي، أو المقروء، أو المسموع.
فعالم اليوم بحاجةٍ إلى ثقافة قادرةٍ على الوصول إلى الشرائح المجتمعية كافة، لا اقتصاره على تيارات فكريةٍ معينة، وأن تكون النظرة شاملة لكافة الفنون، بألوانها كافة سواء أدب أو مسرح أو موسيقى أو غيرها من ألوانٍ نريد أن نراها في مجتمعنا لتؤدي النظم دورها، لا أن تكون هياكل تستجر ذاتها.
ولربما هناك جملة أسئلةٍ يطرحها المعاين للمشهد الثقافي اليوم، وعلى رأسها، هل استعاد هذا القطاع عافيته؟، هل قدمنا للنشر وصناعاته الجديدة شيء؟، أين نحن من المحتوى الرقمي؟ وهل سخرنا هذه الأدوات لخدمة هذا المشهد؟ ، هل وصلنا إلى شرائح جديدة بمفكرينا وكتابنا، ومسرحنا، وموسيقيينا؟، هل أصلنا المنابر الثقافية وجعلنا منها منابر معاصرة؟، هل عززنا الهوية الوطنية الجامعة؟، هل نملك اليوم مشروعاً ثقافياً كبيراً، بقدر باقي مشاريعنا الواعدة؟، هل نحث اليوم الصناعات الإبداعية؟ .. هي جملة أسئلة مهمة، ذلك أن الثقافة هي جزء من التنمية المستدامة اليوم، فالوعي الإنساني والمجتمعي قائمٍ على بناء ذهنية متفتحة على ألوان المعرفة بشتى أشكالها، وفنونها.
أهمية هذه الأسئلة لا تكمن في أنها مسؤولية تجاه المجتمع والوطن، ولكن، لأن الثقافة مصدر رزقٍ لصناعها، وللمبدعين، وهي في مجتمعات عدة تشكل جزءاً من المساهمات الاقتصادية والإبداعية.. فلم تعد لغة ومفاهيم "الهم الثقافي" وحدها تظهر أننا نريد مشهداً ثقافيا، يكون حيوياً ومتحركاً، بل المطلوب تغيير الذهنية لتحفيزها على العطاء، والتفكير بالمستقبل، وكيفية الاستفادة من الأدوات المتاحة التي وفرها الزمن الرقمي، والنظرة إلى تجارب محيطة بنا باتت فيها الثقافة هي الحامل للمشاريع كافة.
إن الثقافة كقطاع اليوم، بحاجةٍ إلى نظرة وحوار معمق يناقش ما نريد اليوم من مثقفينا، وما يريدوه.. فنحن أصحاب إرث في هذا الوطن العزيز، ودوماً ما كان الأردن ريادياً بمثقفيه، ومفكريه، ومبدعيه بمختلف ألوان إبداعاتهم.. المسألة ليست هماً ثقافياً، بقدر ما هي حاجة إلى العمل.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-05-2023 11:51 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |