05-06-2023 11:09 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
يصادف اليوم ذكرى وفاة المغفور له الشريف الحسين بن علي، ملك العرب وخليفة المسلمين وأمير المؤمنين، وبهذه المناسبة نستذكر بعض من مواقفه لأمته العربية، ولأجل فلسطين وعروبتها.
تورد العديد من الوثائق التاريخية دفاع الشريف الحسين بن علي (طيب الله ثراه) عن فلسطين، ويسجل التاريخ للشريف الحسين مواقف صلبة تؤكد على عروبتها.
إذ رفض الشريف الحسين، التوقيع على معاهدة سيفر عام 1920م، وهي المعاهدة التي تضمنت التخلي عن جميع الأراضي العثمانية التي يقطنها غير الناطقين باللغة التركية، وأجاب الشريف الحسين بأنّ التصديق المطلوب على هذه المعاهدة يحمل من الضرر أكثر مما يحمل من النفع، وكانت الدوافع في ذلك لأجل فلسطين، على اعتبار فلسطين داخلة في منطقة الاستقلال العربي.
هذا الموقف من قبل الشريف الحسين، دفع بريطانيا إلى محاولة الضغط عليه مالياً، لأجل التوقيع على معاهدة فرساي، ولكنه رفض ذلك، في موقف صلبٍ استدعى إرسال لورنس إلى جدة لمقابلة الشريف الحسين في أواخر شهر تموز 1921م، حاملاً معه مسودة المعاهدة التي يطلب التوقيع عليها، واستمرت المفاوضات لنحو شهرين، حاول خلالها لورنس إقناع الشريف الحسين بالموافقة على نص المعاهدة مع بريطانيا، إلا أن الشريف الحسين كان يكرر بأن أي معاهدة أو اتفاق يجب أن «يحترم استقلال العرب»، ويقول أمين سعيد في كتابه عن الثورة العربية الكبرى، إن الشريف حسين وجراء الضغوطات التي تعرض لها حتى من قبل بعض رجالاته المحيطين به ليقبل بمشروع المعاهدة «صعد إلى سطح المنزل الذي يقيم به واتجه نحو الكعبة وأقسم بربها، أنه لا يوقع معاهدة لا تحقق ما وعد به من وعود.
وتقول جريدة القبلة في عددها الصادر بتاريخ 3 نيسان 1922م، إن الشريف الحسين رفض التوقيع على معاهدة فرساي، لأنها تمنح فلسطين لليهود وتجعل بالنتيجة الشرق الأوسط كله مستعمرة يهودية.
كما تورد جريدة القبلة في عددها الصادر بتاريخ 29 تشرين الثاني 1923م، بياناً مهماً للشريف الحسين في الحجيج، جاء فيه «كونوا على ثقةٍ أنني أنظر إلى أهل فلسطين نظري إلى أولادي»، مؤكداً فيه أنه يريد تعديلات على المعاهدات مع بريطانيا تخول الفلسطينيين إدارة بلادهم بانفسهم واختيار طريقة الحكم التي يريدونها.
وعند زيارة الشريف الحسين إلى عمّان في كانون الثاني 1924م، أعلن موقفاً رافضاً لتصريح بلفور، وقال: (لا أتنازل عن حق واحد من حقوق البلاد، لا أقبل إلا أن تكون فلسطين لأهلها العرب، لا أقبل بالتجزئة، ولا أقبل بالانتدابات، ولا أسكت وفي عروقي دم عربي عن مطالبة بريطانيا بالوفاء بالعهود التي قطعتها للعرب، إذا رفضت الحكومة البريطانية التعديل الذي أطلبه فأني أرفض المعاهدة كلها).
كانت تلك الفترة، أيّ بداية العشرينات من القرن الماضي، بداية وضوحٍ للمخططات الصهيونية المتحالفة مع الغرب، لذا، فقد أراد الشريف الحسين البذل لأجل فلسطين ومقدساتها، فكان الإعمار الهاشمي الأول من قبل الشريف كتأكيد لمواقفه الماضية بالتصدي لهذه المخططات.
ومن بين وثائق تلك الفترة، البرقية التي أرسلها الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، إلى والده الشريف الحسين بن علي، في 18 آب 1924م، ويقول فيها (أمس توجهت إلى القدس بالمبلغ المنعم به لعمارة المسجد ووضع أمانة في البنك العثماني، واليوم جرى وضع الأساس للتعمير بيد عبدكم الخاضع وبمحضرٍ من العلماء والأعيان والعوام.. ورتلت الأدعية بدوام عمر وإجلال صاحب الخلافة العظمى، وقد عم الناس مزيد من السرور وكامل الحبور للعواطف السنية والأريحية الهاشمية نحو ثالث الحرمين).
وتمضي البرقية بالقول إن المجلس الإسلامي الأعلى يسترحم بوضع المبلغ كله تحت تصرفه ووضع مفتش من لدن الشريف الحسين بن علي.
وجاء رد الشريف الحسين بن علي البرقية بقوله: (هذه وظيفة تلزمنا كافة، ولا يتصور أني أعين عليهم مفتشاً أو نحوه، وغايتي محصورة في تعليماتي، والدراهم على نظركم ضعوها أينما تشاؤون، والصرف بتصديقكم جميعاً).
إنّ هذا الموقف الصلب للشريف الحسين بن علي، كانت دوافعه فلسطين، ورفض وعد بلفور، ورفضه المساس بالحقوق العربية، أو الوعود التي قطعتها بريطانيا للعرب غداة انطلاق الثورة العربية الكبرى.
وهذه المواقف ما زالت شاهدة على بذل ملوك بني هاشم، لأجل فلسطين ومقدساتها.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-06-2023 11:09 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |