بقلم : الدكتور ليث طايل بني ملحم
تناولنا في مقالنا السابق مسألة تمكين المرأة في فكر جلالة الملكة رانيا العبدلله ، وأكدنا على أن مبادرات جلالة الملكة رانيا العبدالله وفرت فرص واقعية لتمكين المرأة الأردنية بما ينسجم وقيم المجتمع الأردني، ويأتي هذا المقال استجابة لبعض ردود الأفعال الايجابية التي أثارها المقال السابق سواء من بعض الأكاديميين او بعض مؤسسات المجتمع المحلي حيث أكدت تلك الردود على أهمية إلقاء الضوء على الإطار العام للمبادرات ومن ثم قياس المؤشرات التي تحققت على ارض الواقع بما يسمح بتعميم التجربة الأردنية في مجال تمكين المرأة انطلاقا من مبادرات جلالة الملكة رانيا العبدالله. ونظرا لضيق المساحة المخصصة للمقالات الصحفية فإنني اود التأكيد على النظريات عموما تأتي كنتيجة لتحليل فكر القادة عموما، وعليه فإننا لا نبالغ إذا قلنا أن المبادرات التي أطلقتها جلالة الملكة رانيا العبدالله قد وضعت البذور الأساسية لنظرية متكاملة الأبعاد لتمكين المرأة الأردنية بما يجعل من تلك المبادرات تطورا جديدا على المستويين النظري والتطبيقي، فكل النظريات التي ظهرت كانت تركز على الجوانب النظرية ثم تأتي مرحلة التفاعل مع الواقع للكشف عن جوانب التميز في تلك النظريات، إلا أن نظرية تمكين المرأة كما جسدتها مبادرات جلالة الملكة رانيا قد تميزت عن باقي النظريات في جانبين مهمين؛ الأول نظري يشمل مفهوم التمكين الذي نريد والعناصر الأساسية له ومقومات نجاحه، والثاني تطبيقي اشتمل على جملة من الخطوات العملية التي تم تنفيذها عبر المبادرات من قبل المرأة الأردنية.

أن الاقتراب من محاولة إرساء نظرية متكاملة الإبعاد لتمكين المرأة في فكر جلالة الملكة رانيا هو عمل أكاديمي ويحتاج إلى مساحات من النقاش والتحليل اكبر مما يوفرها المقال الصحفي، إلا أن ذلك لا يمنع من التأكيد على تلك المبادرات وفق التحليل العلمي السليم جاءت بميزة جديدة قوامها تأصيل الجانب النظري لفكرة تمكين المرأة ثم توفير مساحة واقعية لتطبيق النظرية على أرض الواقع، فالأمم الحية في سياق تقدمها تستلهم فكر قادتها نظريا وعمليا حتى تحتفظ بخصوصيتها ومن ثم تصبح نموذجا يستفيد منه الآخرون وهنا نؤكد على دعوتنا السابقة بأن توفر المؤسسات الأكاديمية فرص مؤتمرات علمية لمناقشة تلك المبادرات حتى نصل إلى اليوم الذي يكون فيه الأردن منارة يقتدي بها في مجال إرسال قيم تمكين المرأة ليس على مستوى الأردن بل على مستوى العام ككل.