بقلم : الدكتور مفلح الزيدانين السعودي
يُنظر للاستثمار في القطاع السياحي بمختلف أشكاله كأحد أوجه الاستثمار الفاعل ، والذي يتوجب الاهتمام به كونه من أكبر القطاعات مساهمةً ، بإجمالي الناتج المحلي ، الأمر الذي جعله من أهم مصادر جلب رؤوس الأموال ، والذي يدفع عجلة النمو الاقتصادي للدولة . يتسم المنتج السياحي بالطابع الخدمي
، حيث يشتمل على خدمات مُختلفة مثل المواصلات والنقل، والفندقة والضيافة والمطاعم والمقاهي وخدمات وكالات السفر ومُنظمي الرحلات السياحية ومرافق التسلية والترفيه، وعندما يصل القطاع السياحي إلى مراحل مُتقدمة من التطور والنضج ، يتخطى تأثيره الاقتصادي حدود تقديم الخدمات ، ويأخذ طابعاً صناعياً لتلبية احتياجات أنشطة الخدمات السياحية، وهو ما يُعرف بصناعة السياحة.
عند تحديد الرؤيا للوصول الى الاهداف المطلوبة لصناعة السياحة ، لابد من الاستناد الى مقومات السياحة الطبيعية والتاريخية والدينية ، ولابد من الاستناد الى بعض الحقائق نذكر منها:
ــــــــــــ حبى الله الاردن بالمقومات السياحية الطبيعية والتاريخية والاماكن الدينية المختلفة ، التي تساهم في لعب دور بارز في تنويع اقتصادها، نظراً لتميزها بطبيعتها الساحرة وموقعها الجغرافي، ، وتاريخها العريق، بمدنها المختلفة ، والصحراء، والبحر الميت الذي يجب استغلالة لندرته عالميا وهو الوحيد في العالم الذي يحمل خصائص متعددة لابد من استغلالها.
ـــــ نشاط وزارة السياحة في خلق البيئة الملائمة للاستثمار في السياحة الشاملة من خلال تعزيز التعاون مع الدول العربية ودول الاقليم لتبادل الخبرات وتحويل التحديات الى فرص.
ـــــــــ تعتمد صناعة السياحة على ظروف الأسواق واستقرارها وصحتها، ومستوى جودة وتنوع الخدمات المُقدمة من تلك المنشآت.
ـــ إعلان منظمة السياحة العالمية، باعتبار الأردن مركزاً إقليمياً للسياحة العلاجية والاستشفائية وهذا الإعلان من قبل منظمة السياحة العالمية يعزّز مكانة الأردن كمقصد للسياحة العلاجية والاستشفائية على مستوى الإقليم والعالم.
وعند تحليل الحقائق يظهر لنا بانه لابد من ايجاد منظومة تخطيط استراتيجي ، تعنى بتحليل الاهداف والغايات وكيفة الوصول لها ، بموجب فكر استراتيجي يحدد عناصر لماذا وكيف ومتى نبدأ و الخطط الزمنية الازمة لتحقيق هذه الاهداف والمتمثلة بما يلي :
ــــــ لابد من وجود خطط حقيقية قابلة للتطبيق، لتطوير المزيد من المعالم السياحية على الواجهة الصحراوية والمعالم الصخرية والمنحدرات العميقة، وتحديد مسارات الثورة العربية الكبرى ومسارات المعارك والفتوحات التي جرت على ارض الاردن.
ــــــ عملية تطوير وتنمية صناعة السياحة ، ترتبط بمؤسسات وجهات مُتعددة من ضمنها القطاع الخاص، الأمر الذي يتطلب تمكين القطاع الخاص من الاضطلاع بدور رئيسي وجوهري في رسم سياسات تنمية صناعة السياحة ، والمساهمة في وضع الآليات الضرورية لتفعيل الشراكة الإستراتيجية مع القطاع العام.
ــــ السياحة الترفيهية والاستجمام والتي نجحت دول عديدة في تحويل أراضيها واستغلال مواردها الطبيعية و ورمال صحاريها إلى منتجعات ومشاريع سياحية وترفيهية متميزة تستقطب ملايين الزوار سنوياً.
وعند التفكير في معطيات السياحة في الاردن لابد من استنتاج بعض وجهات النظر نذكر منها:
ـــ الفترة الحالية تتطلب وضع المزيد من الآليات المرنة والسلسة لتطوير قدرات القطاع الخاص ، في مجال السياحة، سواء بالنسبة للشركات العاملة في مجال إدارة وتشغيل الرحلات والمرافق السياحية أو منظمي الفعاليات الترفيهية والمعارض التخصصية والحفلات، والتي من شأنها الترويج للسوق والمنتج السياحي المحلي من جهة ، والمساهمة في نمو الصناعة السياحية الشاملة من جهة أخرى.
ـــ للقطاع الصناعي دوراً رئيسياً في استكمال دورة الاقتصاد المحلي، ومساهمته في تلبية احتياجات باقي القطاعات وخدمة الاقتصاد الوطني ، ولابد من تشجيع المستثمرين ودعمهم و تحفيزهم على الدخول في هذا القطاع والتوسع به.
ــــ اطلاق الحملة الترويجية العالمية من خلال منظومة صناعة السياحة كجهة سياحية رائدة والتي تهدف إلى تعزيز مكانةالاردن ، حيث يشهد قطاع السياحة الاردني نمواً ملحوظاً وتطوراً لافتاً.
ــــــ للسياحة دور في زيادة طاقات الدوله الإنتاجية وتنشيط حركة الإنتاج الصناعي والاستثمار في القطاعات الأخرى، فالاستثمارات السياحية جزء لا يتجزأ من الاستثمار الكلي لأي دولة.
بعد الدراسة المختصرة لصناعة السياحة المبنية على الفكر الاستراتيجي المعتمد على السياحة الفكرية نتمنى ان نصل الى ما يلي في صناعة السياحة:
ــــ فتح باب ترخيص جمعيات او ملتقيات تعنى بالاستثمار السياحي وحسب شروط ومعطيات تحددها وزارة السياحة.
ــــ ايجاد مكاتب سياحية على مستوى الالوية في المحافظات ترتبط بوزارة السياحة لوضع الخطط الاستراتيجية الازمة لصناعة السياحة مقرونة بخطط زمنية على مستوى الالوية في المحافظات، ، وكذلك إنشاء مكاتب تمثيلية دولية لتعزيز الحضور العالمي ، وإطلاق الحملات الإعلامية والسياحية في ألاسواق الخارجية .
ــــ انشاء هيئة تخطيط استراتيجي على مستوى الدولة ترتبط برئاسة الوزراء ، هدفها صناعة السياحة والعمل التشاركي مع القطاع الخاص والوزارات المعنية في تقديم البنية التحتية لانجاز الاهداف والغايات ووضع استراتيجية شاملة على مستوى الدولة.
ــــ ايجاد تغييرات هيكلية في الأنظمة والآليات المتوفرة لدعم وتنشيط حركة السياحة ، والسياسات المرنة في منح التأشيرات للزوار القادمين إلى البلاد، وتفعيل نظام إصدار تأشيرات العبور «الترانزيت» وتوفير تأشيرة الترانزيت للركاب القادمين على متن سفن الرحلات السياحية مجاناً، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على عدد السائحين القادمين، وتطوير الأندية والملاعب والصالات الرياضية المختلفة والتي تُمكن الاردن من أخذ صيت عالمي في تنظيم البطولات الرياضية الناجحة وبالتالي تنشط السياحة الرياضية .
وفي النهاية : لابد من التفكير بلاستثمار في صناعة السياحة، بمشاركة القطاع الخاص من خلال مُتابعة مسيرة تطوير المولات والمجمعات والفنادق الفخمة بأسلوب جديد ومميز، والاهتمام بالمشاريع السياحية وتنظيم الفعاليات التي من شأنها رفع مستوى استقطاب السياح ، وإنفاقهم في النشاطات الترفيهية أو الثقافية أو الرياضية أو التسوقية والتي تدعم جهود الدولة في هذا المجال وإعطاء الاردن المكانة التي تستحقها على خريطة السياحة العالمية، فصناعة السياحة الشاملة ، تعتبر أهم محركات التنمية الاقتصادية، وهي بحاجة إلى جهود متكاملة بين الحكومة والقطاع الخاص.
وكل هذا لا يتحقق دون وجود إستراتيجيات وسياسات واضحة ورؤية ثاقبة ومهام تفصيلية وكادر وطني مُثقف واعٍ ومرن وبعيد كل البعد عن البيروقراطية العقيمة.
الدكتور مفلح الزيدانين السعودي
متخصص في التخطيط الاستراتيجي وادارة الموارد البشرية

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا