11-06-2023 09:08 AM
بقلم : د. أمل محي الدين الكردي
اليوم نستذكر أنصع صفحة من صفحات النهضة العربية التي قادها قائدها وقبطانها المغفور له الشريف حسين بن علي رحمه الله علم آمانيها وآمالها وهو الذي آهاب بالعرب أن يثوروا ويخلعوا عنهم نير الاتراك منذ بدءَ هؤلاء يدعون إلى الجامعة الطورانية ويديرون للعرب ظهر المجن .
في 3حزيران عام 1931م أعلنت صرخة بقيت صداها باقياً على الاجيال العربية ،وهي وفاة المنقذ الأعظم الذي أول من نفخ روح النهضة الاستقلالية في ذهنية العرب القاطبة ، وأول من حمل بندقيته وأطلق الرصاصة الاؤلى التي حمل أزيرها الى العالم العربي نشيد الحرية والاستقلال ،ذلك النشيد هو بداية الحكاية التي سنبقى نرويها للأجيال بجسامة التضحية والبطولة لأجل إعلاء كلمة العرب وتحطيم أغلال الذل والاستبداد .
وأننا سنبقى نستذكر تلك الأيام وما كتبت وسجلت من حوادث ومن أمال عظيمة في استرجاع المجد العربي الغابر .وما كان المغفور له إلا بالرجل الجسور الجبار المجاهد المناضل بإخلاص لا حد له .
انشأ المغفور له الشريف حسين بن علي طيب الله ثراه أقوى أساس لحفظ الاستقلال وكان يقول إن وجودنا السياسي مكفول لنا بالاستقلال التام الذي لا تشوبه شائبه،وإني لواثق بالله سبحانه وتعالى من حسن النتيجة وماضي في سبيلي ولو أن هذا العمل الذي اعتقد فيه كل الاصلاح لقومي وبلادي وديني ومن يعترضه بسوء ولو كان أحد اولادي لصلبته بيدي غير آسف عليه لأني أحب قومي وبلادي وديني أكثر من كل شيء في الوجود ولولا هذه المحبة لما نهضت هذه الأمة وسأبقى مستمراً حتى يقضي الله أمره ولينصرن الله بنصره .
والمغفور له الشريف حسين بن علي طيب الله ثراه زعيم ديني عظيم بالنسب الشريف الذي ينتسب اليه بأمتن صله وبالمقام الكبير الذي كان يشغله قبل الحرب ،وهو أطهرمن قبة من زيغان السياسة والاعيبها المعيبة ،أخذ الوعود والمواثيق التي ظنها كافية لبلوغ القصد ولم يخطر له أنهم خبأوا له في كلمة جملة ووراء كل حرف ونقطة تأويلاً كما قال شاعر النهضة الشيخ فؤاد الخطيب .
رآني مسيلمة وألفى أشعباً -وجدا لكل محرمة تحليلاً
فلما أنتهت الحرب أبرز ما بيديه من عقود وعهود فإذا بها قصاصات من الورق بنظهم وابرزوا ما في صدروهم من المطامع فإذا بها آكلة لا تبقى ولا تذر .
ولن ننسى كلمته التي خرجت من أعماق صدره ولم يسمع العالم صوتاً طاهراً بريئاً صائحاً بالحق ناطقاً بالصدق الذي خرج من اعماق فؤاده بعد أن حمل هذا الفؤاد الجريح الاوجاع فرردته صحف لندن ونشرته احدى الصحف العربية بحينه وكتبت :
لما أعيته الحيلة في مخاطبة أهل الحل والعقد في عاصمة بلاد الانكليز نزل قبل ان يبارح مكة المكرمة في طوافه هذا الى الكعبة المشرفة فقبل الحجر الاسود ثم قدم المدينة فتشرف بزيارة حجرة جده المطهرة واستمسك بأستارها قائلاً للعالم الاسلامي العرب خاصة والمسلمين عامة في ذلك الصوت الذي انطلق من الحجرة المطهرة الى عاصمة الانكليز ليشهد العالم الاسلامي على انني بحق هذا الحجر وحرمة هذه الاستار ،بريء مما ينسب الي العرب ويرميني به المسلمين .لقد أردت الخير لهذا العالم العربي فالتوى امره بين يدي واذا كانت الاعمال بالنيات فقد أخلصت لله ولهم نيتي يوم وقفت في مكة وقفتي – والموت حق والرجا ضعيف – فليشهد العالم كله علي وفي مقدمته ابناء هذه الامة الانكليزية التي احترمها واثق بشرفها – انني انفض يدي وعنقي من تهمة هذه الخاتمة المؤسفة التي أنتهت اليها الامة العربية قائلاً لأبنائها : لئن جاءت النهاية على غير ما رأيته في المقدمات فلي بأمام علي – رضي الله عنه- قدوة يوم وقف امام الشام على حق افسده الدهاء واهله وبعد أن تقدمني بالخطأ كبار اعاظم وقف كل منهم امام ربه طاهر اليدين بريء الضمير صحيح الوجدان فأمركم بعد اليوم لكم . اقف فيه معكم كأحد افرادكم اعمل بما تشيرون به الي مهما جل الخطب وعظم الامر فأما ان يتولانا الله برحمته وعفوه واما ان ينقذنا بنعمته من ضيق ما وصلنا اليه .
ولا يشك فرد في ان العالم العربي كله يصغي الى هذا الصوت الصادق الخارج من وراء استار الحجرة النبوية بكل سمعه فيعمل بقول الحديث الشريف انما الاعمال بالنيات غافراً لقائله ما فات واضعاً يديه بيديه للعمل معه مجدداً في ما هو آت ولكل منهم في ما مضى من حوادث الدهر عبر دروس وعظات.
ويذكر بأن المغفور له كان دائماً يردد بيت من الشعر :
خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها
لم يكن المغفور له يكثرت او يأبه بشؤونه ولا يحفل برفاهيته بل كان يرغب بالعيش لأمته المنكوبة .واليوم نقول لولا الحسين رحمه الله ما كانت هذه الامة التي آلفت الذل واستكانت الاستعباد ان تفكر في إعادة مجدها ورد سلطانها تفكيراً عملياً قائماً على بذل النفوس والارواح .إن المغفور له رجل أمة وقائد فكر ونموذج للعروبة الصادقة والمدافع عن الحق والذي كان زاهداً بالمناصب والمكاسب ولن ننسى مقولته المشهورة عند توقيع المعاهدة لجعل كيان لليهود (والله لا أوقع هذه المعاهدة ما دمت انا وأبنائي على قيد الحياة )
أجل مات الحسين بن علي في سبيل الوحدة العربية ونام بجوار المسجد الاقصى بين الحسرات والتنهيد ولكن بقيت هذه الحسرة في نفوس العرب ذكرى خالدة ومن أطهر الصفحات عبر تاريخنا المجيد والتي حملت فكره وسياسته مرحلة تاريخية مميزة لأنها كانت الحصن الحصين والملجأ المعين للأمة العربية عامة ولفلسطين خاصة .ولا زال الهاشميون الذين لم يتوانوا لحظة بالتخلي عن فلسطين الى اليوم وما زالوا يحملون هذا الحمل بقلوبهم وعلى اكتافهم .هذه قصة مجد وتاريخ عظيم للعرب ولنهضتنا التي نعتز بها اليوم مع الهاشميين بتواضعهم ومحبتهم وقيادتهم العظيمة .
أن هذه النهضة التي بدأها وضحى من أجلها المغفور له وابنائه طيب الله ثراهم ونهضوا بها نهضة الاسد بأسمى درجات المجد بصدق ورفعة .
رحم الله المغفور له الشريف والمنقذ وملك العرب الحسين بن علي رحمه الله وطيب الله ثراه وعاشت النهضة وذكراها بإسمه العظيم.
أمل محي الدين الكردي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-06-2023 09:08 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |