11-06-2023 01:37 PM
سرايا - لمى العتوم - شكلت صحيفة "العرب اليوم" منذ انطلاقتها عام 1997 تاريخا فارقا في مسيرة الصحافة الأردنية، استطاعت خلال مسيرتها الطويلة من تحريك المياه الراكدة في المجال الصحفي في الأردن وبخاصة في الصحافة اليومية، ويشهد العديد من المتخصصين والصحفيين إلى جانب من عمل صحفيا في الصحيفة بالدور الكبير الذي لعبته "العرب اليوم" في إثراء العمل الصحفي والالتزام بالمعايير المهنية إلى جانب السقف العالي للحرية الصحفية في تناول الموضوعات والقضايا، كما لم يغفلوا عن القيمة المضافة التي قدمتها في الصحف والمجتمع الأردني من خلال كشفها للكثير من قضايا الفساد.
ولا ينكر الصحفيون وقوف الصحيفة إلى جانب "مهنة الصحافة" وإلى صف "الوطن"، لتشكّل نهايتها بتوقفها عن الصدور نهائيا عام 2015 ضربة موجعة للصحافة الحرة، وللعمل الصحفي الأردني معبرين عن افتقاد الأردنيين قبل الصحفيين لمنبر لطالما عبّر عن هموم الوطن وقضاياه.
ويقرّ وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الأسبق الصحفي طاهر العدوان، والذي شغل في السابق منصب رئيس تحرير لصحيفة العرب اليوم، بأن صحيفة العرب اليوم "قدمت الكثير للصحافة الأردنية وكان لها أثر على المجتمع الأردني."
ويرى العدوان أن الصحيفة ومنذ بداية أول إصدار لها خلقت حالة من الجدال الوطني الكبير حول الإصلاح السياسي، واتصفت بالسقف العالي من الحريات الصحفية.
ويؤكد أن الصحيفة قد حققت نقلة نوعية كبيرة في الصحافة الأردنية لما امتلكته من هامش كبير للآراء، ولكونه منبرا إعلاميا لمناقشة القضايا السياسية الداخلية والخارجية.
ولا ينكر العدوان تعرض الصحيفة للضغوطات السياسية منذ بداية تأسيسها، إلى جانب تلقيها الدائم لمعارضة حكومية.
ويؤكد العدوان افتقاد الصحافة الأردنية لصحيفة العرب اليوم، مع تراجع الصحافة الأردنية بشكل عام بسبب الأجواء السياسية وظهور الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أدى إلى ضعف الصحافة الورقية.
بدوره، يصف رئيس تحرير عمان نت وليد حسني، والذي عمل صحفيا بالصحيفة قبل توقفها، صحيفة العرب اليوم بأنها شكلت نقلة جريئة في عالم الصحافة الأردنية سواء من ناحية الشكل أو المضمون، مؤكدا أن الصحيفة منذ صدورها وحتى لحظة إغلاقها النهائي بقيت تتصدر المشهد الصحفي الأردني.
ويلفت إلى أن الصحيفة احتضنت منذ صدروها عشرات الصحفيين ممن نجحت باستقطابهم ضمن كادرها من مختلف المؤسسات الصحفية، الأمر الذي ساعد كثيرًا في منحها هوية جديدة متعددة الأبعاد، وجعلها تتصدر الصحف اليومية الأخرى، فضلًا عن منافستها وتفوقها على المحتوى والمضمون الذي كانت تتكيء عليه بعض الصحف الأسبوعية مّا منحها مكانة متفوقة في هذا الجانب على باقي المطبوعات الصحفية.
وحول النجاحات التي حققتها الصحيفة، يعتقد حسني بأن الصحيفة نجحت منذ صدورها في رفع منسوب الجرأة في طرح القضايا كما رفعت سقف الحرية الصحفية، الأمر الذي دفع بالصحف الأخرى لانتهاج ذات السياسة إلا أنها لم تصل تمامًا إلى سقف العرب اليوم، مشيرا إلى نجاحها في خلق تأثيرات ايجابية عديدة في الوسط الصحفي، إلى جانب سقف الحريات والجرأة، إذ أدى صدورها إلى رفع رواتب الصحفيين، كما نجحت في اكتشاف العديد من الصحفيين والصحفيات.
ويرى أنه لا يمكن في هذه العجالة الحديث عن أثرها وتأثيرها في المجتمع الأردني، لكنه يعتبرها الصحيفة الأكثر تأثيرًا في الرأي العام الأردني منذ صدورها وحتى لحظة إغلاقها، لافتا إلى أن الأردنيين تلقوها منذ صدورها بارتياح شديد لتصديها للعديد من قضايا تلامس هموم المواطن ومشكلاته، مّا أبقاها في صلب اهتمام الجمهور، في مواجهة الحكومات المتعاقبة إذ لا بد من التأكيد على مسألتي المصداقية والجرأة اللتين عززتا من ثقة الجمهور بها.
ويجزم حسني بعدم وجود صحيفة توازي صحيفة العرب اليوم، حاليا، معللا ذلك بالتراجع الملموس في منسوب الحريات، وهذا ما تكشفه كل التقارير المحلية والدولية الموثوقة، إلى جانب أن الصحافة الإلكترونية ــ على تنوعها ــ قد تحولت هي الأخرى لمجرد عناوين لا تملك أي تأثير، أو حضور، وهذا له أسبابه الموضوعية التي يطول شرحها.
ولا يغفل حسني، في ظل حديثه عن الحرية التي مارستها العرب اليوم، حالة الصحافة الأردنية اليوم التي وصفها بالـ "مزرية جدًا"، متابعا أن الصحافة الورقية التي تنتظم في الصدور تحولت إلى مجرد حالة من اللهو والعبث، وكذلك الصحافة الإلكترونية التي تحولت هي الأخرى لمجرد تكرار عددي لا طائل منه، على حد تعبيره.
فيما يستذكر الصحفي سامي محاسنة، الذي عمل سابقا لدى صحيفة العرب اليوم، الدور الذي كانت تقوم به الصحيفة في خدمة المجتمع الأردني، من خلال تركيزها على القضايا التي تهم مصلحة المواطن الأردني حتى وإن كانت تتعارض مع رؤية الحكومة، مشيرا إلى أن الصحيفة كانت تركز على القضايا الأردنية، ومن أولى أولوياتها هي دعم قضايا الدول العربية المجاورة مثل القضية الفلسطينية وكانت ضد الاحتلال الإسرائيلي، وضد التدخل الأمريكي.
ويتابع محاسنة أنه وبالرغم من أن الصحيفة ذات سقف عالٍ من الحريات لكن هذا السقف العالي لم يتعدى حدود الملك، والقانون، والدين.
ويعتقد بأن توقف عمل الصحيفة كان "ظاهريًا" لأسباب مالية، ولكن توقفها يعود، وفق رأي المحاسنة، لأسباب سياسية بالدرجة الأولى لأن الحكومات السابقة كانت لا تحتمل المعارضة.
ومن جهته، يقرّ الصحفي حسين السلامين، أحد الصحفيين الذين عملوا في صحيفة العرب اليوم، بالأثر الكبير الذي أحدثته الصحيفة في المجتمع الأردني بأكمله في ظل مساحة الحرية المهنية التي امتدت لحوالي عقدين من الزمن، إضافة إلى الدور الكبير للصحيفة في إيصال صوت المواطن إلى المسؤول بكل شفافية.
ويؤكد السلامين أن الصحيفة "لا زالت عالقة في أذهان الأردنيين"، مبينا أن هاجس الأردنيين الدائم أصبح صدور صحيفة احترافية مثل جريدة "العرب اليوم" لتقوم بدور حقيقي يساهم في سبر أغوارهم وليكون لها بصمة فعلية في سجل الحريات.
ويرجع السلامين تصفية الصحيفة، بعد أزمة استمرت لعدة أشهر أدت إلى انهيارها، إلى "مخطط حكومي حيك بإحكام مطبق من خلف مكاتب مغلقة"، مستشهدا بما قاله ناشر الصحيفة وقت إغلاقها بعدم التمكن من تجاوز الأزمة المالية الصعبة التي تعاني منها الجريدة بسبب رفض الحكومة التخفيف من الضرائب والرسوم المفروضة على الصحف.
ويرى السلامين من الصعوبة إيجاد وسيلة إعلامية، في الوقت الحالي، بمستوى جريدة العرب اليوم رغم أن الساحة الصحفية والإعلامية فيها قامات صحفية وإعلامية قديرة ومتميزة؛ معللا ذلك بتراجع حرية الصحافة جرّاء القيود التي وضعتها الحكومة خلال السنوات الماضية، وأيضًا إسهام قانون العقوبات وقانون الجرائم الإلكترونية والرقابة الحكومية المستمرة على هذه الوسائل، مما ساهم في تكميم الأفواه وصم الآذان.
ويؤكد الصحفي نبيل غيشان، الذي شغل منصب رئيس تحرير العرب اليوم، الدور الهام الذي لعبته الصحيفة في رفع سقف الحرية الإعلامية، مشيرا إلى أنها لم تكن مجرد صحيفة بل لعبت دورا رئيسيا وتثقيفيا في التصدي للفساد بكشفها العديد من القضايا، مستذكرا منها قضية خط أنابيب التايبلاين من الحدود العراقية، وقضيه تلوث المياه، ووجود الكثير من الأصوات الوهمية في سجلات الناخبين في الانتخابات النيابية.
ويعتقد غيشان بعدم وجود صحيفة توازي في الوقت الحالي العرب اليوم، لافتا إلى أن الصحيفة لم تتأثر بخط تحرير الصحف اليومية الأخرى، بل كان سقف حريتها مرتفعا.
ووفق رأي غيشان، فإن "الحكومات كانت تعادي العرب اليوم ولا تريد استمرارها،" معتقدا بأنها "تآمرت على إغلاقها، ومنعت بسرية تامة الإعلانات التجارية، وتم منع المعلنين الرئيسيين من الإعلان بالعرب اليوم،" على حد زعمه.
ويصف المدير العام السابق لوكالة الأنباء الأردنية الصحفي فايق حجازين العرب اليوم
بأنها كانت "صحيفة الوطن"، مؤكدا أنها أطلقت حرية صحفية عالية، وسقف الحرية فيها "عالٍ جدا" لأنها كانت مملوكة من القطاع الخاص. وبالفعل
ويلفت إلى أن الصحيفة تضمنت التنوع في المواد الإعلامية، مبينا أنها لم تكن صحيفة ذات لون واحد.
ويستذكر حجازين أشهر القضايا التي كشفتها "العرب اليوم" منها: السمنة بصهاريج النضح، وخطوط التايبلاين، والخربة السمرا، وسد الملاحات، ومهرجان جرش وعلاقة إسرائيل في هذا الموضوع، وبيع أراضي المدينة الطبية.
ويصف تجربة صحيفة العرب اليوم خلال نحو عقدين من عملها بالـ "تجربة الفريدة"، مؤكدا الحاجة لوجودها بين الصحف الأردنية الأخرى.
ويعتبر نهاية العرب اليوم "مأساوية"، لكنه يرى بأنها نهاية "غير مقصودة" فقد اشتراها مستثمر كان هدفه منها فقط تنمية رأس المال على حساب المنتج الصحفي.
بدوره، يعتبر أستاذ الصحافة في جامعة اليرموك الصحفي الدكتور خالد هيلات انطلاقة جريدة العرب اليوم بالثورة التي شكلتها في الصحافة الأردنية، مقرا بأن الصحيفة كان لديها قدر كبير من الحرية ومجالاً للإبداع والصحفيين.
ويرى أنه بالرغم من تدخلات الحكومات التي أدت إلى تراجع الحريات في الإعلام الأردني بشكل عام، إلا أن العرب اليوم بقيت بنفس الحيوية وسقف الحريات المعهود.
ويؤكد الهيلات أن "العرب اليوم" كانت من الصحف الأردنية السباقة في كشف مواضيع الفساد، ومعالجة قضايا الفساد عالية المستوى؛ مبينا أن الجريدة كشفت عن العديد من قضايا الفساد، بدايةً من موضوع صهاريج السمنة التي كانت في سيارات النضح، وموضوع سد رقم 16 لملاحات البوتاس.
ويعتبر الهيلات أن نهاية الصحيفة لم تكن طبيعية، مشيراً إلى أن الحكومة لم ترد للصحيفة أن تستمر وأضعفتها كي لا تستمر بسقف الحريات العالي الذي تعمل بهِ، على حد قوله.
ويعتبر الهيلات أن الإعلام الأردني وخاصة الصحافة تفتقر إلى التنوع، مدللا على ذلك بأن الصحف اليومية أصبحت نسخة واحدة نتيجة اعتمادها الكبير على وكالة الأنباء الرسمية.
صحافة اليرموك - لمى العتوم
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-06-2023 01:37 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |