14-06-2023 08:43 AM
بقلم : د. محمد أبو حمور
شهد شهر حزيران الحالي عدة مناسبات وطنية عزيزة على قلوب الأردنيين، كانت البداية فرحة الأردن بزفاف سمو ولي العهد الأمير الحسين حفظه الله، تبع ذلك عيد الجلوس الملكي ويوم الجيش وذكرى الثورة العربية الكبرى، وفي اطار مواصلة الانجازات المتحققة، يتطلع الأردنيون لمستقبل مشرق عبر السير قدما في تنفيذ مسارات الإصلاح والتطوير التي تمثل استراتيجيات لمواجهة التحديات والنهوض بالوطن، وعلى رأسها رؤية التحديث الاقتصادي التي نعيش اليوم ذكرى مرور عام كامل على اطلاقها وانقضاء ما يقارب ستة أشهر على بدء العمل ببرنامجها التنفيذي وخاصة المتعلق بخلق مليون فرصة عمل خلال عشر سنوات للحد من مشكلة البطالة التي تؤرق الاردنيين وما تحقق من انجاز في هذا المجال.
وقد يكون من المناسب في هذا التوقيت بالذات اجراء مراجعة لما تم القيام به من عمل وما تم إنجازه من برامج ومشاريع بهدف التصحيح والتقييم، وبما يضمن استخلاص الدروس والعبر للمضي قدماً ومواصلة بذل الجهود الكفيلة بترسيخ وتعزيز الانجازات على أرض الواقع.
هناك العديد من التحديات والمصاعب العالمية والإقليمية والمحلية التي قد تواجه جهود وبرامج الإصلاح الهادفة لتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، ولكن يجب أن لا يغيب عن أذهاننا أن هذه الرؤية تمثل الأداة التي تم التوافق عليها لتجاوز الصعوبات والتحديات وهي بمثابة خارطة طريق لإطلاق الإمكانيات وبناء المستقبل، وبفضل ما تمتاز به من تشاركية في الاعداد بين القطاعين العام والخاص، وضمانة باستمراريتها بغض النظر عن تغير الأشخاص ومتابعة ملكية وحكومية للخطوات التنفيذية، كل ذلك يمثل دليلاً على إمكانية الوصول للمستهدفات وتحقيق الطموحات ويتيح المجال للمحاسبة والمساءلة المستندة الى معطيات واقعية معززة بالإنجازات خاصة تلك المرتبطة بالأثر المباشر على حياة المواطنين وعلى راسها فرص العمل المستحدثة ومستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
أضافة لذلك من المهم أن يكون لدى الجهات التنفيذية القدرة على مواكبة التغيرات والتعامل مع المستجدات بمرونة وديناميكية فمثلاً في حال كان هناك صعوبات في توفير التمويل اللازم لبرنامج أو مشروع ما تستطيع الجهة المعنية أن تركز جهودها في اجراء إصلاحات إدارية وتحضيرات لوجستية لا تحتاج الى تمويل ولكنها تساعد في اختصار الوقت والجهد المطلوب للتنفيذ مستقبلاً.
رؤية التحديث الاقتصادي مشروع وطني والنجاح في تنفيذه بالشكل المطلوب يتطلب أوسع مشاركة ممكنة من القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، لذلك تعد الشفافية وإتاحة البيانات من العناصر المهمة التي تساهم في توسيع المشاركة وإطلاق الإمكانيات وحشد الطاقات سعياً لتحقيق نسب نمو ملائمة وتوليد فرص عمل ورفع مستوى التنافسية، وصولاً الى تحسين نوعية الحياة، هذا بالإضافة الى توفير البيئة الاستثمارية الملائمة للقطاع الخاص ليتمكن من القيام بدور فعال في ميادين الاستثمار المختلفة وأيضاً ليكون شريكاً اساسياً في جذب وتحفيز الاستثمارات وصياغة الخطط التنفيذية، خاصة عندما يتعلق الامر بتلك القطاعات الاقتصادية التي تشكل قاطرة النمو أو المرتبطة بتوليد القيمة المضافة والاستثمارات النوعية وتوفير فرص العمل وزيادة الصادرات.
واليوم ومع تضاؤل قدرة القطاع العام على استحداث الوظائف بات واضحاً أن التصدي للمصاعب والتحديات المرتبطة بالبطالة يكمن في تمكين القطاع الخاص وتعزيز الشراكة الحقيقية معه باعتبار ذلك شرطاً لازماً للنجاح، ولا شك بان هناك حاجة أيضاً لتمييز الجهات التي تقوم بأداء دورها بشكل فعال عن تلك التي لا تستغل كامل الإمكانيات المتاحة، ما يعني معالجة السلبيات التي تشوب عمل بعض الجهات في القطاع العام.
تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وتحويلها الى واقع لا يمكن اعتباره عملاً موسمياً بل نمط حياة يومي وورشة عمل مستمرة تتشكل من خلالها وعبر تراكمها نقلة نوعية في حياة المواطنين تتمثل في توفير فرص العمل وتحسين الخدمات وإرساء أسس التنمية المستدامة، مع الوعي بان العمل الذي يتم القيام به اليوم يشكل ملامح المستقبل ويضمن للأجيال الشابة مستقبلاً يتميز بالعدالة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون ويفتح الآفاق أمامهم لتحقيق طموحاتهم والاستفادة من قدراتهم وإمكانياتهم ومعارفهم للمساهمة في نهضة الوطن وازدهاره.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-06-2023 08:43 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |