15-06-2023 11:17 AM
بقلم : الدكتور فايز أبو حميدان
تم إتمام صفقة تاريخية وهي استحواذ بنك UBS السويسري على البنك السويسري المنهار “كريدي سويس” لحماية النظام المصرفي بأكمله من الانهيار وبدعم من قبل البنك الوطني السويسري، وبذلك سيقوم بنك UBS بتشغيل 1.6 تريليون يورو وهذا الرقم يساوي ضعفين ونصف من الدخل المحلي الإجمالي لسويسرا وهنا تكمن الخطورة ، فالحكومات هي الضامن الأول عند انهيار احد البنوك ومبلغ كهذا يفوق قدرات حكومة سويسرا، إضافة إلى ذلك أن معظم المعاملات البنكية لهذا البنك لا تجري في مدينة زيورخ السويسرية إنما في فرانكفورت الالمانية ، كما أن اغلبية أسهم هذا البنك مملوكة من قبل عدد كبير من أغنياء ووزراء من مختلف انحاء العالم فهو مصرف استثماري سويسري متعدد الجنسيّات.
وللمقارنة لا تملك البنوك الكبرى في ألمانيا إلا ثلث قيمة الدخل المحلي الإجمالي وفي الصين وأمريكا لا يتجاوز ذلك 20% من الدخل القومي ، وهذه الأرقام مهمة للغاية وخاصة أنها تعطي مؤشراً حاسماً عن مقدرة دولة البنك المعني في التقاط البنك حال سقوطه ، وهناك تأثير إضافي على دول الجوار لذا ستكون مدينة فرانكفورت المكان الأول الذي سيتأثر في حال حدوث أي عارض لبنك UBS ، كما وقد بدأ بنك UBS بإجراء محادثات مع المانيا وبنوك أمريكية لاطلاعهم على حيثيات الاستحواذ ومخاطره ، وخاصة ان بنك UBS قد قام بنقل معظم الاستثمارات والعمليات البنكية من لندن إلى فرانكفورت بعد خروج بريطانيا من الوحدة الأوروبية .
ورغم دعم البنك الوطني السويسري للصفقة المذكورة إلا أن أسهم UBS قد انخفضت قيمتها بنسبة 15% منذ انتشار أخبار الاستحواذ. كما ان هذا الدعم غير كافٍ لتأكيد الضمانات البنكية المطلوبة حال حدوث أي عارض كما أن الحكومة السويسرية ستطالب البنك بتخصيص مبالغ كبيرة كضمانة احتياطية في حال مرور البنك في صعوبات مالية طارئة.
وهذا سيرفع كاهل الديون على البنك وبذلك يهدد حقوق المودعين لعدم إمكانية البنك سداد التزاماته تجاههم ولكن الخطورة الأكبر تكمن في حال سحب اصحاب الودائع اموالهم في حال شعورهم بالخطورة ، وهذا سيؤدي إلى انهيار بنك UBS لعدم إمكانيته توفير سيولة مالية بحجم الودائع ولا يوجد إمكانية لدى بنوك أخرى لسد الثغرات المالية الناتجة عن انهيار بنك عملاق كهذا، لذا سيكون العبء الأكبر من نصيب الحكومة السويسرية ولكن الأهم من ذلك التأثير الاقتصادي العالمي لسقوط بنك بهذا الحجم ، ومن هنا بدأ يطالب بعض خبراء الاقتصاد بترك السوق بشكل حر وعدم فتح المجال لتدخل الحكومات والبنوك المركزية عند انهيار البنوك ، ولكن هذا التوجه يذكرنا في أزمة الكساد عام 1929 والتي كان سببها ترك البنوك تنهار وفقدان المودعين اموالهم وبذلك انهيار اقتصادي عام .
على الرغم من التأثير الإيجابي لصفقة استحواذ بنك UBS السويسري على بنك “كريدي سويس” المنهار في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية ، إلا ان هذا الحل ليس مفصلياً لسويسرا فحسب بل هو الخيار الأمثل لاستعادة الثقة ولاستقرار مجمل النظام المالي العالمي.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-06-2023 11:17 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |