16-06-2023 07:14 PM
سرايا - وجّه الرئيس الروسي، الجمعة، سؤالاً لقادة عرب في منتدى بطرسبيرغ: هل يفكر العرب بإنشاء عملة موحدة؟
وكان الخبير والمحلل الإستراتيجي في السياسة والإقتصاد والتكنولوجيا المهندس مهند عباس حدادين قد نشر مقالة في صحيفة الرأي الشهر الماضي بعنوان: "عملة موحدة للدول العربية لإنقاذ إقتصاداتها" ..
وتالياً نص المقالة:
"يعيش الإقتصاد العالمي ضبابية نتيجة المتغيرات المتسارعة التي تعرض لها من أزمة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية , كل ذلك أثر على الإقتصاد العالمي بشكل عام مما رفع نسبة الديون العالمية إلى أكثر من 300 ترليون دولار , وللدول العربية حصة من هذه الديون تأثرت كإقتصادات دول نامية وناشئة وأكبر المتأثرين بذلك هم سوريا ولبنان ومصر نتيجة ما تأثرت بها عملتهم, وبقية الدول العربية ليست بأحسن حال منهم.
مما زاد الأمر سوءاً السياسات النقدية العالمية التي سببها الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة على الدولار مرات عديدة, لمواجه التضخم في الولايات المتحدة والذي لم يلائم سياسات الدول العربية النقدية وخصوصاً التي عليها ديون طائلة تدفع سنوياً خدمة الدين , وحيث أن بعض هذه الدول لا تمتلك مصادر الطاقة بل تستوردها من الخارج وإضافة إلى إستيراد الغذاء وخصوصاً السلع الإستراتيجية , تشكل جميعها عبئاً على موازنات تلك الدول, خصوصاً مع تقلبات العملات الأجنبية في الداخل والخارج, حيث تشكل ما تحتاجه هذه الدول من عملات أجنبية عبئاً ضخماً على إقتصاداتها لتغطية هذه الإلتزامات السنوية, ناهيك عن تأثر عملتها المحلية بشكل مباشر وهذا ما حصل مؤخراً مع مصر.
لقد بدأ العالم وخصوصاً الدول المنافسة للولايات المتحدة وأوروبا التحرر من هيمنة القطب الواحد الإقتصادية بإنشاء أقطاب جديدة لتحمي إقتصاداتها على المدى البعيد , بالتفكير بصك عملة لها أو على أقل تقدير التعامل بالعملات المحلية في حال حصل هناك تبادل تجاري بين دولتين من أتباع القطب الجديد.
من هنا لا نريد من الدول العربية أن يتكرر معها ما حدث في القطب الواحد,بل يجب أن تقف على نفس المسافة من الأقطاب المتنافسة, وذلك بصك عملة عربية موحدة, وهذه العملة ستكون ذات قيمة ووزن عالمي, لأن الدول العربية تصدر سنوياً قرابة 25% من النفط العالمي, وتصدر الغاز بحصة لا باس بها من الإنتاج العالمي, وهاذين المنتجين وحدهما كفيلين بجعل العملة العربية الجديدة ذات قوة تنافسية للعملات العالمية, مثل الدولار واليورو واليوان والروبل والين الياباني والجنيه الإسترليني, وخصوصاً لترجيح الإرتفاع في كميات إنتاج النفط والغاز العربي في المستقبل القريب نظراً لوجود كميات إحتياطية هائلة إضافة إلى زيادة الطلب العالمي عليهما .
إن الفوائد التي ستتحقق للدول العربية في صك عملة عربية موحدة تكمن بالتالي:
1) عدم تأثر الديون العربية الخارجية بتقلبات العملات وذلك لمنافسة العملة العربية الموحدة لهم وتثبيت سعر الصرف لهذه العملة .
2) فاتورة المشتريات النفطية للدول التي تستورد النفط ستكون بالعملة العربية الموحدة كونها تستورده من دول عربية نفطية تتعامل بنفس العملة.
3) ستكون العملة العربية الموحدة في كل دولة قوية لا تتأثر بأي إنخفاضات غير مبررة من إبتزاز عالمي من الدول المدينة لها أو نتيجة مواقف سياسية لأي دولة عربية.
4) تلاشي السوق السوداء الخاصة بالعملة في الوطن العربي , لثبات سعر العملة العربية الموحدة.
5) العملة العربية الموحدة تساعد في ثبات إستيراد السلع الغذائية الإستراتيجية.
6) حماية الدول العربية التي تتعرض لمشاكل داخلية من إنخفاض عملتها المحلية.
7) لن يكون هناك ضغط على البنوك المركزية العربية لتأمين عملات أجنبية, حيث أن نصف الإحتياطي الحالي لكل دولة سيكون كافياً لتلبية جميع متطلبات الإستيراد .
8) بالنسبة للدول العربية المنتجة للنفط , ستضمن هذه العملة ثبات أسعار النفط الذي تصدره وبالتالي يساعدها على بناء موازنات صحيحة.
9) تشجيع السياحة بين أقطار الدول العربية وذلك بإستخدام عملة عربية موحدة, لا يكون هناك عمولات في التحويل.
10) تشجيع التبادلات التجارية بين أقطار الوطن العربي بكل سهولة ويسر ولا يكون هناك معيقات في التحويلات المالية وخسارة أثمان البضائع لتقلبات العملات الأجنبية.
11) ستصبح هذه العملة لقوتها عملة عالمية , تفيد في التبادلات التجارية مع دول العالم وكذلك في السياحة الخارجية لإعتمادها كعملة عالمية .
12) سيكون هناك حصة عالمية للعملة العربية الموحدة لإحتياطات سلة العملات الإجنبية في البنوك المركزية لدول العالم .
وفي الخاتمة حان الأوان للدول العربية النظر إلى مصالح شعوبها, وأن يكون تحالفها الإقتصادي الجديد في صك عملة موحدة كخطوة رئيسية لجمع شمل العرب جميعاً, تصب في صالحهم وهذا ما نتطلع إليه في القمة العربية القادمة في الرياض الشهر القادم لمناقشة مسودة هذا المشروع. فالعرب لديهم الفرصة ليفرضوا على العالم بقوتهم الإقتصادية الجديدة ما يمكنهم من حل مشاكلهم السياسية العالقة, وخصوصاً إذا تبع ذلك الحصول على مقعد دائم في الأمم المتحدة ضمن الخمسة الكبار, وسيكون للعرب ثقلاً إقتصادياً تجعل كل دول الأقطاب العالمية الأخرى تتنافس للإستثمار لديها ونقل التكنولوجيا للدول العربية والتي ستمكنها في النهاية من الإعتماد على نفسها بالتكامل الإقتصادي الصناعي والزراعي والتجاري, لتلبس مما تصنع وتأكل مما تزرع وهذا حُلم كل مواطن عربي."