بقلم : الدكتور فارس محمد العمارات
يُعتبر التنقل جزءاً لا يتجزأ من جميع نواحي حياتنا اليومية تقريبًا. فينخرط الساعين إلى الرزق والعمل في نظام الطرق الذي ينقل الجميع إلى العمل والمدرسة، لتحقيق عناصر واهداف التنمية المُستدامة، وتلبية الكثير من الاحتياجات الأسرية والاجتماعية اليومية. وإن نظام النقل على الطرق ذو تأثير متُغلغل للغاية لدرجة أن سلامة أو انعدام سلامة هذا النظام تؤثر على طيف واسع من الاحتياجات البشرية الأساسية. وبالتالي، يلعب ضمان السلامة على الطرق وتمكين التنقل المُستدام دوراً هاماً في الحد من الفقر وانعدام المساواة، وزيادة إمكانية الوصول إلى العمل والتعليم، علاوة على التخفيف من أثر التغير المناخي. وفي الواقع، تساهم كفاءة نظم النقل وإمكانية الوصول إليه وسلامته في تحقيق العديد من أهداف التنمية المُستدامة للأمم المتحدة، بشكل مباشر أو غير مباشر.
على العكس من وسائل النقل الأخرى، مثل الطيران أو النقل بالسكك الحديدية أو النقل البحري، يفتقر النقل البري إلى منهج مُتكامل في مسألة السلامة. ما زالت الوفيات والإصابات الناتجة عن الحوادث على الطرق مقبولة في بلدان كثيرة باعتبارها تكلفة حتمية للتنقل، حتى أنها تمثل في الوقت الحالي السبب الرئيسي للوفيات بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 29 سنة. على الصعيد العالمي، ولم ينخفض عدد الوفيات والإصابات الشديدة الناتجة عن الحوادث على الطرق خلال العِقد الماضي. وفي غياب إجراء قوي وفعال لتقليل هذا العبئ، تشير الاتجاهات العالمية الراهنة المعنية بوفيات الطرق أن العِقد المقبل سيشهد أكثر من 17 مليون حالة وفاة، وقد يشهد أيضاً زيادة قدرها 500 مليون في عدد الإصابات. علاوة على المُعاناة الإنسانية والحزن المُتمخض عن الوفيات والإصابات على الطرق والتكاليف الاقتصادية الباهظة التي تتجلى في خسائر الدخل والتكاليف الطبية وتكاليف إعادة التأهيل، بالإضافة إلى التكاليف القضائية وتكاليف الاحتجاز.
وفي الاردن فان هناك ارتفاعا في أعداد الوفيات من جراء حوادث السير الأردن بالمُقارنة ما بين العامين 2020 و2021، وأن عدد وفيات حوادث السير في الأردن عام 2020، بلغ 461 وفاة، فيما سجل العام 2021، 589 وفاة ، وان عدد حوادث السير في العام 2021، بلغ 160 ألف حادث سير، نتج عنها 1800 إصابة بليغة، وهذا دليل على ان المارد المروري اخذ يحص في طريقه اعدادا كبيرة من الوفيات والاصابات التي يجب التوقف طويلاً عندها ، ودراسة كل جوانبها ، بما يُمكن من الوصول الى حلول ناجعة وناجحة للجم هذا المارد وبكل ما اوتينا من قوة ومعرفة بكافة اشكالها سواء كان ما يتعلق بالهندرة ، أو الرقمية أو نظم دعم القرار .
إن السلامة على الطرق هي نتيجة جهود مدروسة من جانب تشاركية كبيرة وباقي القطاعات في المُجتمع. وفي ضوء الأثر السلبي الكبير المُترتب على الحوادث والازمات المرورية على الطرق والفوائد الإيجابية الكبيرة لزيادة السلامة على الطرق باعتبارها أولوية هامة على أعلى مستوى في الدولة.
ومن هنا فان كافة اطراف المُعادلة المرورية سعت ومن خلال استراتيجية مرورية ناجعة إلى الاعتراف بأهمية السلامة على الطرق وبأنها منفعة عامة عالية القيمة سواء اقتصادياً ، أو اجتماعيا أو مادياً. ووضعت سياسات عابرة وبرامج لتحسين السلامة على الطرق وتنفيذها. وركزت الإرادة السياسية على القضاء على الوفيات على الطرق وإذا تم ضخ استثمارات قصيرة وطويلة الأمد على الصعيدين الوطني ودون الوطني، سيتم تحقيق تقدم كبير نحو تخفيض ما نسبته 50% من أعداد الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث الطرق. وتحييد الاسباب المؤدية إلى ارتفاع حوادث المرور ، والتقليل من الوفيات الناتجة عنها .ووئد الاسباب الموجبة لزيادة الازدحامات المرورية ، والازمات على الطرق الداخلية .وتعديل مستوى التمويل في جميع القطاعات من المؤشرات بالغ الأهمية على الإرادة السياسية، ومن المُهم أيضًا تخصيص هذا التمويل من أجل الأهداف المُتعلقة بالسلامة على الطرق ، بما في ذلك حشد الموارد المحلية التي تستفيد من أدوات التمويل المُبتكرة للجم مارد الحوادث المرورية وما يصاحبها من ارهاصات كبيرة .