25-06-2023 11:10 PM
سرايا - تعمل الحكومات وشركات السيارات في أنحاء العالم على الترويج لـ شراء السيارات الكهربائية باعتبارها التكنلوجيا الأساسية لمكافحة التغير المناخي ووقف استخدام النفط ، فعلى سبيل المثال شاهدنا قبل فترة إعلان شركة جنرال موتورز وقف بيع السيارات التي تعمل على البنزين بحلول عام 2035 واستبدال الموديلات الكهربائية بها ، كما أعلنت شركة فولفو أيضاً أنها ستتحول إلى الموديلات الكهربائية بالكامل بحلول عام 2030
وفيما بدأت السيارات والشاحنات الكهربائية بالانتشار بشكل كبير فإن السؤال الذي يواجه هذه الصناعة : هلى السيارات الكهربائية فعلاً صديقة للبيئة منا يُروّج لها ؟
في الحقيقة يتفق السواد الأعظم من الخبراء أن السيارات الكهربائية هي أقل ضرراً على البيئة من السيارات التقليدية التي تعمل على الوقود ، ولكن في المقابل فإن هذا لا يعني أنها خالية من الأضرار على البيئة حيث يتفاوت تأثر السيارة الكهربائية على البيئة بشكل كبير بحسب طريق الشحن وطريقة التصنيع
وفي هذا المقال على موقع عرب جي تي عزيزي القارئ سنناقش أبز مخاوف دعاة حماية البيئة من السيارات الكهربائية وكيف يمكن التعامل مع هذه المخاوف وتخفيف آثارها
طريقة إنتاج الكهرباء صحيح أن السيارة الكهربائية لا تنتج أي انبعاثات بشكل مباشر ولكن لإعادة شحن البطارية فيجب أن تصل السيارة بشبكة الكهرباء المحلية ، والتي غالباً ما تعتمد بشكل كبير على حرق الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة الكهربائية ، ولكن هذا بالطبع يتفاوت بين بلد وآخر حيث قد تعتمد دول معية على مصادر الطاقة المتجددة بيننمت تعتمد أخرى على حرق الفحم الحجري على سبي المثال
ولتكون المقارنة أكثر واقعية فينبغي تضمين جميع العوامل ذات الصلة، والتي تتضمن الانبعاثات الناتجة عن تصنيع السيارات (الكهربائية والتقليدية) الانباعاثات الناتجة عن عملية تكرير وإنتاج البنزين ووقود الديزل ، هذا بالإضافة إلى كمية البنزين التي تحرقها السيارات التقليدية ، ومن أين تأتي الكهرباء لشحن السيارات الكهربائية
معهد ماساشوستس للتكنولوجيا قام بإجراء دراسة لهذه العوامل ، ووفقاً لهذه الدراسة فعند حساب الانبعاثات الناتجة عن شراء السيارات الكهربائية واقتنائها في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تجمع بين استخدام مصادر متجددة وأخرى تقليدية لتوليد الطاقة الكهربائية فإن السيارات الكهربائية تكون أكثر محافظة على البيئة أقل انبعاثات من سيارات البنزين بشكل عام ، ولكن في المناطق التي تعتمد على الوقود الأحفوري 100% لتوليد الطاقة الكهربائية يتضاءل الفارق بشكل كبير حتى أن بعض السيارات الكهربائية تصبح أكثر ضرراً على البيئة
فعلى سبيل المثال وباعتماد الفحم الحجري لتوليد الطاقة الكهربائية، يرتفع معدل انبعاثات بيك اب فورد اف 150 لايت الكهربائي بالكامل لتصبح أكثر انبعاثات من معظم السيارات التقليدية ومنها سيارة جيب جلادييتور على سبيل المثال ، وكذلك سيارة أودي اي ترون والتي تنتج انبعاثات أكثر من سيارة نيسان 370 زد
ولكن ومع باتجاه معظم الدول إلى استخدام مصار الطاقة النظيفة لتوليد الكهرباء فإن الكفة تميل لصالح السيارات الكهربائية بشكل عام
إشكالية المواد الخام كغيرها من البطاريات فإن بطاريات الليثيوم المستخدمة في معظم السيارات الكهربائية تعتمد على مواد خام كثل الكوبالت والليثيوم وغيرها من العناصر النادرة والتي ارتبط التنجيم عنها بعدة مخاوف بيئية وإنسانية ، وخاصة مادة الكوبالت والتي ينتج عن استخراجها الكثير من المخلفات والمواد الضارة التي تتسرب إلى البيئة
ومن جهة أخرى وجدت الكثير من الدراسات أن المجتمعات المحيطة بمناجم الكوبالت سجلت تعرضاً مفرطاً لهذه المادة وخاصة بين الأطقال ، حيث تقع 70% من مناجم الكوبالت في جمهورية الكونغو والتي يقوم فيها العمال ومنهم الكثير من الأطفال بمزاولة أعمال الحفر والتنقيب بأدوات يدوية دون أي حماية تذكر ، خاصة وأن عملية استخراج الكوبالت ينتج عنها إطلاق غاز أكسيد الكبريت الضار
أما مادة الليثيوم فيتم التنقيب عنها في أستراليا أو في الأراضي الملحية المنبسطة في الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي ، وتحتاج العملية إلى الكثير من المياه الجوفية لضخ المحاليل الملحية وهو ما يخفض من توفر الماء للمزارعين من السكان الأصليين ، الماء الذي يتم استخدامه في صناعة البطاريات يعني أن السيارات الكهربائية تستهلك ماءً أكثر بـ50% مما يحتاجه تصنيع السيارات التقليدية
وفي الصين فإن رواسب المواد النادرة هذه ، غالباً ما تحتوي على مواد إشعاعية يمكنها أن تتسرب إلى المياه والغبار
وفيما يحاول مصنعو السيارات والبطاريات الكهربائية تخفيض استخدام الكوبالت في صناعة البطاريات تمهيداً إلى الاستغناء عنه بالكامل إلا أن هذه التكنولوجيا ما زالت قيد التطوير
إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية بينما تقترب الأجيال الأولى من السيارات الكهربائية من الوصول إلى مرحلة نهاية العمر الافتراضي ، فإن هذا يعني تراكم الكثير من البطاريات التي تحتاج إلى حل
وكما ذكرنا عزيزي القارئ فإن معظم السيارات الكهربائية تستخدم بطاريات الليثيوم والتي تخزن قدراً أكبر بكثير من الطاقة مقارنة ببطاريات الرصاص لعادية ، ولكن وفيما تتم إعادة تدوير 99% من بطاريات الرصاص في الولايات المتحدة الأمريكية إلا ان 5% فقط من بطاريات الليثيوم تتم إعادة تدويرها
ويشير الخبراء إلى أن البطاريات التالفة تحتوي على عدد من المعادن والمواد المفيدة والتي يمكن إعادة استخدامها ، ولكن عملية إعادة البطاريات المستخدمة حالياً تستهلك الكثير من المياه وقد ينتج عنها غازات ضارة ، لذلك ينصح عدد من الخبراء وصناع السيارات بطريقة أخرى لإعادة تدوير بطاريات الليثيوم
فعندما تنخفض قوة البطارية بمقدار 80% على سبيل المثال سيؤدي هذا إلى انخفاض المدى الذي تقطعه عند شحنها بالكامل ، وهو أمر مفهوم، ولكن هذا لا يؤثر في المقابل على استخدامات أخرى ومنها غايات تخزين الطاقة في الأنظمة الثابتة
حيث تقوم العديد من شركات السيارات ومنها نيسان وبي ام دبليو وتويوتا باستخدام البطاريات القديمة للسيارات الكهربائية في أنظمة تخزين الطاقة وهو ما يوفر عليها الكثير من المال مقارنة باستخدام بطاريات جديدة ، ومن حهتها تقول شركة جنرال موتورز أنها تصمم بطاريات سياراتها الكهربائية بطريقة تلائم إعادة استخدامها لتخزين الطاقة وبهذه الطريقة يمكن الاستفادة من البطاريات لعشر سنين إضافية
وفي النهاية عزيزي القارئ فإن قرار شراء السياارت الكهربائية لا يعتمد فقط على كونها صديقة للبيئة أو لا ، فهنالك اعتبارات كثيرة مثل كلفة الوقود والمواصفات وغيرها الكثير مما قد يختلف بين شخص وآخر ، ولكننا أحببنا في هذا المقال أن نلقي نظرة عن قرب على الفكرة الأكثر انتشاراً عن فوائد السيارات الكهربائية وهي كونها صديقة للبيئة ، ونأمل أن نكون قد نجحنا في تقديم رؤية متوازنة ودون انحياز