05-07-2023 08:54 AM
بقلم : نيفين عبدالهادي
عن جنين مرّة أخرى، عن جنين مرّات ومرّات فهي المدينة الخارقة المدينة التي لم يصل لعظمتها العِلم حتى الآن، في اختراعاته لمدن ذكية وأخرى خارقة، فقد تجاوزت جنين كلّ هذا ووضعته خلف بطولات أبنائها وتقديمهم صورة مختلفة للمدن الذكية، المدن التي يستشهد أبناؤها لتحيا بكرامة وحرية.
ليس العدوان الأول على جنين، مدينة ومخيما، وكأن إسرائيل ترى أنها بذلك تحقق انتصارات وانجازات ومكتسبات، ولو أعادت قراءة المشهد بصورة أكثر دقة لرأت أنها تحقق الهزيمة تلو الأخرى، وأن كل شاب يستشهد نتيجة جرائمها يولد بعده مئات الشباب والمناضلين، المئات ممن لا يريدون من هذه الحياة سوى وطن وأرض وهو أبسط حقوق البشرية، وأكثرها أهمية لأي شخص.
أسمت إسرائيل عمليتها ضد جنين، عملية البيت والحديقة، فدمرت البيوت والحدائق، وشردت عائلات، فساروا من جديد في طريق الآلام يواجهون مصيرا مجهولا تختفي معالمه إلاّ من الرصاص الذي بات صوته هو السائد في جنين «مدينة ومخيّما»، تستفرد بشعب يصرّ على نيل حقه، ظنا منها أنها بذلك منتصرة، مغمضة عينها عن حقيقة أن جنين وليس هذه المرة بل قبلها وقبلها هي المنتصرة وهي التي تزرع في درب غدها ورودا معطرة بالحرية.
جنين اليوم أنتِ عاصمة الألق والقوة أنتِ المدينة الفاضلة، والذكية، جنين المدينة والمخيّم أنتِ من وجهت كاميرات العالم لجهتك وصوب بطولاتك، ووحدت وجهة بوصلة الإعلام عالميا، أنتِ اليوم تعيدين كتابة التاريخ بأحرف من نور، تكتبين بوضوح أن البقاء للحق ولو طال الزمن، تتجه لك عيون العالم وأنتِ الصامدة القوية الحاضرة في المشهد بكرامة وانتصار تعجز عنه أقوى وأكبر الدول، لقد اخترعت حياة وعالما خاصا بكِ وبكل أحرار هذه المعمورة، نعم فأنت جنين التي تقاوم وستقاوم حتى تنالي حرية منتزعة.
جنين تقاوم، ليست جملة من بطن الكتب، إنما حالة حقيقية تعيشها جنين المدينة والمخيم، تقف في وجه الاحتلال الإسرائيلي تواجه أبشع أنواع الجرائم والانتهاكات والترويع وإخافة الأطفال، والاقتلاع من الأرض، والتهجير من المنازل، كل هذا وأكثر، تقاوم بصمود خارق على مدى أيام، قوية غير شاكية ولا باكية، بل على العكس صامدة قويّة فهي صاحبة الحق ومن غير صاحب الحق قوي وصامد، لتضعنا جميعا أمام مأزق لغوي في التعبير عن عظمتها وعن ما تقدّمه من انتصارات قزّمت اللغة والمصطلحات وحتى من قوى ورقية ظنّها كثيرون أنها قوّة حقيقية.
العدوان على جنين المدينة والمخيم، لم يتوقف بإصرار إسرائيلي على المضي في جرائمها مغمضة عينيها عن كل الجهود العربية التي تبذل لوقف عدوانها وجرائمها، تمضي في جرائمها بتخبّط فهي لم تجن شيئا سوى زرع فتيل أزمات في فلسطين والعالم، وظلما لن تزول نتائجه سوى بزوال الاحتلال، وقهرا جعل من تحقيق السلام معجزة لهذا الزمن، عمليا لم تجن خسارات بمذاق العلقم..
دمار في كلّ مكان، شهداء، جرحى، معتقلون تجاوز عددهم العشرات، اقتحامات لعشرات المنازل، وجنين تقاوم، وتصمد في وجه أبشع جرائم البشرية، لتبقى جنين اليوم وغدا أيقونة المقاومة والصمود، وجنين مرة أخرى ومرات.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-07-2023 08:54 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |