15-07-2023 09:50 AM
بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
مصطلح (الأمن) مصطلح واسع وكبير، يندرج تحته الكثير من العناوين الرئيسة، مثل الأمن الوطني الداخلي والخارجي، الأمن السيبراني، الأمن السياسي، الأمن الديني، الأمن الصحي، الأمن الغذائي ... إلخ، إلّا أنّ الأمن الثقافي المدرج في منظومة (الأمن) ظلّ غائبًا عن الوجود لفترة طويلة.
ولما لهذا المصطلح من أهمية خاصة، فإنّ العناوين الفرعية التي تنبثق عنه كثيرة، مثل (ثقافة الدولة، ثقافة المجتمع، الهوية الثقافية، الاستراتيجيات الثقافية، الدبلوماسية الثقافية، حراسة الثقافة، صناعة الثقافة، تقنيات الثقافة، الفعل الثقافي، المؤسسات الثقافية، السياحة الثقافية، التشريعات الثقافية، المهرجانات والمؤتمرات الثقافية، وغيرها من العناوين).
الحاجة إلى الأمن الثقافي إذن ضرورة وليست ترفًا ولا زينة، خاصة أنّ مصطلح الثقافة ارتبط واختلط في الآونة الأخيرة في مفهوم واحد هو (الإبداع الأدبي)، أي الشعر والقصة والرواية وغيرها من ضروب الأدب، من دون أن ينزاح إلى الثقافة بمفهومها الشامل، وإلى دورها الحقيقي في البناء والتطّور، وصياغة الوعي الجمعي والارتقاء به، فالمواطن المثقف بتاريخه ومجتمعه وقيمه الإنسانية، هو من يبني ويبدع وينتج، بخلاف الجاهل الذي يهدم.
إنّ الفهم القاصر للثقافة، جعل السياسات الحكومية المتعاقبة تنظر إلى الثقافة أيضا نظرة قاصرة، وجعل صيرورتها مقتصرة على دعم محدود لبعض الأنشطة الأدبية، وبعض الأعمال الفنية، مثل المسرح والحفلات الغنائية، وغفلت - بقصد أو من دون قصد - عن أنّ حراسة الثقافة الوطنية في شقيها (المعرفي والسلوكي) هي أولى الأولويات، وكان لزامًا عليها أن تضع الخطط والبرامج والاستراتيجيات المدروسة من أهل الخبرة والاختصاص، لحماية الهوية الثقافية، ومنعها من الاندثار، في ظل فوضى حقيقية تعتري المشهد الثقافي الأردني، بوجود كمٍّ كبير جدا من المؤسسات الثقافية، التي صار يغلب على معظمها الطابع (العائلي)، من دون الالتفات إلى المحتوى الذي تقدمه هذه المؤسسات، أو الغايات التي تسعى لتحقيقها بلا حسيب أو رقيب.
لا بل إنّ الحكومات المتعاقبة تجاهلت المثقف الحقيقي، ووجّهت بوصلتها لما يسمى بـ (المؤثرين) من دون سياسة واضحة لاستغلالهم في إيصال رسائل ذات محتوى، أو مضمون فكري، أو ثقافي مجتمعي، أو تكريس الثقافة الحقيقة للدولة والأمّة، لإنتاج جيل فاعل مؤثر، مسلّحٍ بمعرفة حقيقية، وقادر على مواجهة المستقبل بكل تحدياته وتعقيداته.
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ المناهج الدراسية لا تُقدّم مادةً ثقافية قادرةً على البقاء والاستمرار، لجهة طريقة تقديمها الجافّة، والتي تُنسى بمجرد الخروج من الامتحان المدرسي، بخلاف النشاطات خارج المنهاج الدراسي، والتي تتميز بقدرتها على البقاء لفترات طويلة قد تمتد بامتداد عمر الإنسان.
في سلسلة المقالات القادمة، سنستعرض بشكل أعمق كل عنوان من العناوين الفرعية لمصطلح (الأمن الثقافي) للتأشير على المشاكل والأخطاء، ووضع حلول قابلة للتطبيق والحياة.
أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-07-2023 09:50 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |