15-07-2023 12:46 PM
بقلم : أ.د. يونس مقدادي
نعيش منذ أيام قليلة فترة امتحانات الثانوية العامة (التوجيهي) مع تمنياتنا لأبناءنا النجاح ولذويهم الصبر الجميل لتحملهم تبعات سنة التوجيهي بتفاصيلها النفسية والمادية والتي رسخت ثقافة مجتمعية يشوبها الأرهاق الأسري على أعتبارها بوصلة لمستقبل هؤلاء الطلبة لتمكينهم الانتقال إلى مرحلة تعليمية جديدة عُليا وضمن تخصصات علمية متنوعة وبيئة تعليمية مختلفة تماماً عن التعليم الثانوي.
ومنذ عقود طويلة مضت والحديث عن هواجس الثانوية العامة (التوجيهي) والمعدل التحصيلي وتأثيرهما الواضح على فكر وحديث المجتمع الأردني والذي لاينتهي بالرغم من بعض التعديلات التي أجريت مؤخراً على هيكل الثانوية العامة، ولكن ومن وجهة نظر أكاديمية يتسأل العديد من الأكاديمين في الجامعات عن علاقة معدل الثانوية العامة الأرتباطية كحلقة تعليمية أساسية مع حلقة التعليم الجامعي الواسع بمفهومه والقائم على الأختصاص في مجالات علمية متنوعة، مما أستوقف المهتمين بالشأن التربوي والتعليم الجامعي وغيرهم حول معرفة تفاصيل هذه العلاقة الارتباطية بالرغم من قناعتهم بعدم وجود أية علاقة ارتباطية سواء معلومات عامة وأساسية تحصل عليها الطلبة وتتعلق بمرحلة تعليمية أساسية وسقفها لا يتجاوز مستوى المساقات الاستدراكية وبعض متطلبات الجامعة الأجبارية، وهذا يقودنا إلى نتيجة بأن معدل الثانوية العامة لا علاقة له كمعيار وحيد للقبول الجامعي وفي تخصصات علمية وبغض النظر عن نوع الثانوية أو المعدل، وعلى سبيل المثال لا للحصر ما علاقة الثانوية العامة بمختلف مساراتها (العلمي، الأدبي،...الخ) بدراسة القانون أو هندسة الطاقة المتجددة أو الطب وغيرها. ومن هذا المنطق لا نرى بإن معدل الثانوية العامة إمتداداً أو إرتباطاً بالقبول في الجامعات.
قد نتفق إلى حدٍ ما بأن معدل الثانوية العامة ما زال هو المعيار الوحيد ولأسباب معروفة للجميع كمعيار لتحقيق العدالة والانصاف بين الطلبة وفئات المجتمع بمكوناته لغايات القبول في الجامعات وضمن مرجعية مركزية يتم توزيعهم على الجامعات وفقاً للطاقة الاستعابية والمقاعد الشاغرة في الجامعات، ولكن ومن وجهة نظر مستقبلية وتطويرية لا يجوز أن يبقى هذا المعيار وحيداً دون وجود معايير أخرى لغايات القبول في الجامعات ومنها امتحانات القدرات بأنواعها والمفاضلة وغيرها بالرغم من كلفتها ضمن مسؤولية الجامعات وعدم الأكتفاء بمعدل الثانوية العامة التحصيلي وحيداً وبحجة الطالب الشاطر شاطر وهذا ليس بقاعدة أن نُسلم به وغير مؤسسي ولا يعكس قدرات وميول ومواهب ورغبات الطلبة الحقيقية تجاه التخصصات العلمية المختلفة في الجامعات والتي يتطلع اليها الجميع لضمان مخرجات عالية المستوى تكون قادرة على المنافسة في سوق العمل في ظل محدودية فرص العمل إيماناً بمبدأ التعليم النوعي وليس الكمي.
ويرى المتابعين بأن سياسة القبول المباشر الأكثر عالمية، والتي تعتمد على شروط قبول خاصة بكل جامعة مع مراعاة الحدود الدنيا لضمان سلامة مدخلاتها ومخرجاتها وضمن سلسلة من الاجراءات والاختبارات، مما يمتع الجامعات بإستقلالية وضمن آطر تنافسية في القبول، وتحسين سقف المنافسة الأكاديمية بين الجامعات إنطلاقاً من مؤشرات السمعة الأكاديمية، وفرص التوظيف للخريجين والتي تُعد من مفاصل معايير التصنيف الأكاديمي. ومن هنا يتطلع الجميع إلى الثانوية العامة بأن تكون نواة لتحسين مدخلات الجامعات أسوة بدول الأقليم والعالم، وتناغماً مع توجهات وتطلعات صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني أبن الحسين المعظم وولي عهده الأمين حفظهم الله ورعاهم.