16-07-2023 08:29 AM
سرايا - جمال عياد (ناقد مسرحي) بدأ العالم، عبر مؤسساته وبخاصة البحث العلمي، يشعر بالقلق، إزاء التطورات المتسارعة، في مضمار التطور التكنولوجي، بمفهومها العلمي، وبخاصة في نتائج تطوير تطبيقات متقدمة جدا، حول الذكاء الاصطناعي؛ (AI) واستخدامه في القدرة على محاكاة العقل البشري، وبالتالي الخوف مستقبلا، على قدرة هذ التطبيقات على تطوير نفسها، والسيطرة على البشر.
وقد تناولت هذا الموضوع، مساء الأربعاء الماضي، مسرحية قدمت وفق تقنية المونودراما (الممثل الواحد) بعنوان "2077- من يريد البقاء؟"، من كتابة بيان شبيب، وسيمون إيلفرن التي قدمها مسرح عشتار من رام الله، بالتعاون والشراكة مع ورشة بريج من ألمانيا، في ساحة مسرح أسامة المشيني، في جبل اللويبدة، ضمن فعاليات مهرجان الرحالة لمسرح الفضاءات المفتوحة، في دورته الثانية.
تناولت حكاية المسرحية، التي هي من فكرة وإخرج سيمون إيلفر، أحداثا جرت لمحقق يدعى هاري هاريسون، في مكان وزمان غير محددين، أصابته بالذهول، كونه لأول مرة يواجه أحداثاً تشوبها الغموض، مفادها سيطرة الروبوتات، على البشر، وبدأها بخطط عملية لإفنائهم قتلاً، والسيطرة على عالمهم.
البناء السطحي للعرض، انشغلت علاماته الدلالية؛ في إظهار تكليف لا بل إرغام امراة ثرية تدعى (لونغ) تمتلك سلطات هائلة، للمحقق هاريسون، على البحث عن ابن لها، خرج من قصرها، ولم يعد، ليكتشف المحقق لاحقا أن هذا الابن ماهو إلا روبوت متطور جداً خرج عن سيطرتها، أثناء إجرائها تجارب متسلسة على تطبيق ذكاء اصطناعي كانت تعمل عليه، وأن لديه طاقات هائلة، سوف يستخدمها لإفناء البشرية، لأنهم يستهلكون موارد كثيرة هو بحاجة إليها.
البناء العميق للعرض يحذر من نجاح تطبيقات الذكاء الصناعي مستقبلاً، في إنشاء لغة خاصة به لا يفهما البشر، وبالتالي يقصي هؤلاء البشر، بحيث لا يعودون يسيطرون على العالم، ويحل الذكاء الصطناعي محلهم، لأنهم دائمو الاستهلاك للموارد على هذه الأرض، التي هو بحاجة لها.
ولا بد من التذكير، بأن هذا المعطى الأخير بدأت ملامحه تظهر في نهاية عام 2017، عند استخدام "فيسبوك" الروبوتات في عملية الدردشة التفاعلية، إذْ أثارت المخاوف؛ بفعل أن هذه الروبوتات طورت لغة خاصة بها لم يفهمها أحد من الناحية البشرية، الأمر الذي معه أوقفت أل "فيسبوك" هذه العملية، حتى لا يحدث اختراق لقواعد البيانات دون إذن منها.
الأداء الذي قدمه إميل سابا، جاء بلاغياً بمعنى انه استطاع إيصال معنى الخطاب، بيسر وسهولة لنص المسرحية، الذي كتبه كل من بيان شبيب، وسيمون إيلفر، كاملًا إلى المشاهدين، لحسن توظيف صوته درامياً، لا سيما في طرح شخوص كثيرة، استطاع وعبر أدائه، أن يقنع معها هؤلاء المشاهدين، بأنهم يتابعون أُناسا مختلفين في الأمزجة والهواجس،يندفعون على الخشبة، رغم أن من قدم أداءهم هو شخص واحد.
السينغرافيا جاءت أيقونية عبر علامات بصرية، أوحت بها ملابس شخصية المحقق هاريسون في حركة أطراف جسده الخارجية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى علامات اخرى تخيلها المشاهد في سياق نظام التواصل بينه، وبين أداء هذه الشخصية، عبر الحضور القوي لتقنية الوصف في حواراتها.
كما في تبيانه لغرفة المحقق هاريسون، وقصر السيدة (لونغ)، وغيرها من الأمكنة الكثيرة المتعددة التي حوتها احداث هذه المسرحية.
بينما جاءت تقنيات البناء الصوتي، أساساً من اللغة المنطوقة لحوارات شخصية المحقق أساساً، وقد يختلف المرء حول مدى إيجابية أو سلبية مفهوم الذكاء الاصطناعي، إلا أن تطبيقاته بدأت فعلياً بإحداث آثار اجتماعية سلبية، بحلولها محل عمل الإنسان، في وظائف كثيرة، آخذة بالتزايد مع جريان الأيام، مما عمق من حجم البطالة في القارات الخمس.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-07-2023 08:29 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |