17-07-2023 04:07 PM
بقلم : د.عبدالكريم الشطناوي
من وين نتلقاها؟:
من عالم العولمة والحوسبة ومما وراءهمامن أفكار متطرفة تهدف إلى إخراج الإنسان من آدميته،وتخلِّيَه عن كل قيمه ومثله العليا،ومن كل ما خصه الله تعالى عن سائر مخلوقاته (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم).
تفننتا بتبني حزم من الأفكار المنمقة ظاهرها رحمة وباطنها عذاب،توجتاها بشعارات الحرية
الديموقراطية،حرية الرأي،الرفق
بالحيوان،حقوق الإنسان،ثم بدأتا ببث سمومهما بمعاهدة سيداو،وأوغلتا حتى تُفقدا الإنسان عزته وكرامته،وأكثر من ذلك تجريده من وظيفته الأساسية التي سنها الله تعالى في (التناسل)والتي تهدف إلى:
عدم انقطاع النوع الإنساني وصون الإنسان من الوقوع في الخطأ،وفيه تتحقق للإنسان سعادة الدنيا ونعيم في الآخرة.
إلا أن العولمةوالحوسبةطرحتا
مفاهيم جديدة كالمثلية مسلكا وهي تمثل قمة الإنحراف في سلوك الإنسان مدعوما بقوانين
وضعية،وكذلك التمكين،المجتمع
النسوي،حق الطفل،حق المرأة...
ومما شجع على هذا هو تقدم العلم والتقنية،والإيغال بالمادية
وظهور مصطلح العلمانية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلى شل عقل الإنسان، تجريده من ذكائه الفطري الذي الذي يُسيِّر اموره ويحل مشاكله
وذلك باعتماده على ما اخترعه من آلات وتغذيتها بما اسماه بالذكاء الاصطناعي لتكتمل الصورة فيصبح الإنسان رهنا بالذكاء المجرد من الإحساس
والعواطف.
وهذا يقودنا إلى الحديث عن كل من الذكاء البشري والذكاء الصناعي.
فقد عَرَّف علماء النفس الذكاء البشري بتعريفات عديدة،وتكاد تجمع على أنه مصطلح يشمل القدرات العقليةالمتعلقة بالقدرة على التحليل والتخطيط وحل المشاكل وسرعة التصرف وبناء الإستنتاجات.
كما يشمل القدرة على التفكير المجرد وسرعة التعلم ويتضمن القدرة على الإحساس وإبداء
المشاعر وفهم الآخرين.
وهو يتشكل من خلال مزيج من القدرات الفطرية وخبرات التعلم مدى الحياة،حيث يمكن للبشرالتعلم والتكيف مع مواقف
وبيئات وتحديات جديدة لا يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام بها.
وفوق كل ذلك فهو موروث، خلقه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي به تتحقق للإنسان سعادة الدنيا ونعيم في الآخرة.
بينما الذكاء الاصطناعي مكتسب من صنع البشر،فإنه يعرف بأنه تقنية تحاكي الذكاء البشري على أداء المهام بشكل متكرر لتحسين نفسه استنادا إلى المعلومات التي يزود بها بين حين وآخر،ويتشكل من خلال خوارزميات التعلم لأجل
تحسين أدائه.
وإن استخدام هذا الذكاء قد يُوَلِّد معلومات خاطئةمن شأنها زعزعة استقرار وأمن المجتمع، وفي أسوأ الحالات فإن هذه الآلات قد تصبح بفعل ما تزود به من كم هائل من معلومات ذكية للغاية بحيث تتولى زمام الأمور،مماقد يؤدي الى انقراض
البشرية،وهذا ما دعا به بعض الخبراء إلى التحذير منه،وأكثر من هذا فقد دعا بعضهم إلى وجوب وقف ابحاث الذكاء الاصطناعي.
ومما لا شك فيه أن الفرق بينهما شاسع،وبسبب الذكاء البشري فإن الإنسان يمتلك القدرات المعرفية للتعلم والفهم وصياغة المفاهيم واستعمال المنطق بما في ذلك القدرة على التعرف على الأنماط،وفهم الأفكار والتخطيط،حل المشكلة
الإحتفاظ بالمعلومات،استخدام اللغة.
بينما الذكاء الاصطناعي لا يتوفرفيه مثل ماهو في الذكاء البشري،فهو محدودالقدرة على التكيف مع المواقف والبيئات الجديدة ولا يستطيع التعلم من التجربةوتعديل السلوك وفقا لها
وأكثر من هذا فإن الفرد بذكائه الفطري يتحكم بسلوكه وهو يؤثر ويتأثر بعواطفه وميوله. وهذا لا يمكن توفره في الذكاء الاصطناعي حيث لا أحاسيس ولا عواطف ولا مشاعر وإنما آلة بُرْمَجت وإن حصل فيها أي خطأ فربما تؤدي إلى كارثة،فما زلنا نذكر ونتذكر تلك السيارة (الهايبرد)التي تمردت وخرجت عن طوع سائقها في عمان لولا عناية الله تعالى،ومن ثمَّ عناية إدارة السير التي رافقتها حتى اوصلتها إلى شاطئ السلامة وبر الأمان .
وقد نشرت مقالةبعنوان(حضارة
القمع)بتاريخ٢/٥/٢٠٢٠بينت فيها
أن ما حصل من تقدم في العلم والتقنيةالهائل قدساعد الإنسان على أن يتحكم في الطبيعة،كما أن هذا التقدم عمل على تقدم ادوات الإنتاج وصار الإستهلاك منها وافرا متسعا.
وقداصبحت الآلة تقوم مقام الإنسان في كثير من ميادين العمل وصار تابعا لها واقتصر دوره على مراقبتها.
وهذا التقدم وفَّر للإنسان في الدول الصناعية دخلا مرموقا واوقات فراغ كثيرة ووفرت له حضارة زاهية أغرته مما دفعه إلى الإهتمام بها حتى صارت الآلة نفسها تتحكم في دخله ووقت فراغه،وهكذاصارالإنسان
خاضعا للمكننة والتنظيم الآلي وأصبح الإنسان يعيش حضارة زاهيةمما دعا الفيلسوف هربرت
ماركوز لوصفها بحضارة قمع، تقمع فيه تلك القوى الغريزية التي أشارإليها فرويدبمبدأ اللذة
القائمة على الحب والعاطفة
والمشاركة الوجدانية،وبمعنى أدق فقدأصبح مبدأاللذة خاضعا
لمبدأالواقع الذي فرضته المكننة
أكثر من اي وقت .مضى.
لقدكبت الإنسان غرائزه اللذية من أجل بناء الحضارة،وإرضاء المجتمع وإشباع غروره للتفوق
والتميز،وصارت حضارة اليوم تزيد من ذلك الكبت وذلك
بسيطرتها على شؤون المجتمع وعلى حركته وتنظيماته.
إن إنصراف العلماء إلى ميادين تخصصهم ومجالاتها إنصرافا
كليا أدى إلى حرمانهم من متعة
الحياة،كماخلق منهم أشخاصا لايكترثون،لايشعرون بأحاسيس
البشر وبمشاكلهم الإجتماعية.
نعم لقد خلق العلم والتقنية أناساأشبه بالآلة يعاملون الناس وكأنهم مجرد أرقام وأوراق.
وما يحدث في العالم من تنافس وصراع بين الدول المتقدمة ما هو إلا تأكيد على ذلك،فأصبح الشغل الشاغل لهم هو تحقيق التفوق في مختلف مجالات العلم والتقنية، صحية،
دواء وعلاج،إتصالات،وغزو للفضاء،وصناعات حربيةوغيرها
بغض النظر عما تلحقه بالإنسان من آلام وأوجاع إذ سيطرت نزعة الأنا على العلماء في سبيل تحقيق ما يودونه لإرضاء
غرورهم،ديدنهم هو العلم لأجل العلم دون مراعاة لما يترتب عليه من آثار سلبية نحو
الإنسانية.
وهذا ما يؤرقنا ونحس ونشعر به،نعايشه يوميا بصورة تسارع
شديد،والقادم أسوأ فالمؤشرات قاتمة،فها هي أمريكا تؤكد على أنه على جميع دول العالم إن أرادت إقامة علاقات مع الدول العظمى عليها أن تقبل بزواج المتلونين.
كما أن المانيا وقعت على قانون عدم وجود سفاح بين القربى،والحبل على الجرار.
ياااه إنها لعنة قوم لوط تلاحق دول الغرب الإستعمارية،وها هي
تفت عضده تهدد امنه واستقراه
وقد شلت فكره وعميت بصيرته
وصار رهينةهواجس السوداوية
وليت الأمر مقتصرا عليها،بل إنها تنثر سمها القاتل في الدول التي تدور في فلكها.
وبمزيد الأسف فإن بعضا من الدول العربية والإسلامية تحت ضغط الغرب،ترفع شعار المثلية الذي تحرمه شريعة السماء.
كان الله في عون الأجيال القادمة مما يُخبأ لهم من نوايا سيئة في المستقبل.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-07-2023 04:07 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |