18-07-2023 08:47 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
أصدر مجلس التعليم العالي قبل أسابيع تعليمات خاصة تسمى «تعليمات تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في مؤسسات التعليم العالي لسنة 2023»، وذلك بالاستناد لأحكام المادتين (8) و(11) من نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في مؤسسات التعليم العالي رقم (68) لسنة 2022.
وتهدف هذه التعليمات مع النظام الذي صدرت بمقتضاه، إلى تنفيذ أحكام المادة (20) في قانون الأحزاب السياسية الجديد رقم (7) لعام 2022 التي أعطت الحق لطلبة مؤسسات التعليم العالي الأعضاء في الحزب بممارسة الأنشطة الحزبية داخل حرم تلك المؤسسات من دون أي تضييق أو مساس بحقوقهم.
ومن خلال استعراض ما تضمنته التعليمات الصادرة من نصوص تشريعية، نجد بأنها قد أفردت أحكاما تفصيلية لتنظيم العلاقة بين طلبة الجامعات الحزبيين وإداراتهم الجامعية، وذلك فيما يخص طلب عقد النشاط الحزبي، وكيفية تقديمه، والمعلومات الواجب توافرها فيه. فقد تضمنت التعليمات الجديدة أحكاما إجرائية إضافية تتمثل بضرورة إنشاء سجل خاص في عمادة شؤون الطلبة في مؤسسات التعليم العالي يُسمى سجل الأنشطة الحزبية، والذي يهدف إلى تجميع البيانات المتعلقة بالأنشطة الحزبية المحفوظة لدى العمادة.
كما توسعت التعليمات المستحدثة إيجابا في تنظيم ممارسة الأنشطة الطلابية الحزبية في الجامعات، وذلك من خلال النص صراحة على قيام مؤسسة التعليم العالي بتخصيص وحدة أو دائرة أو شعبة داخل عمادة شؤون الطلبة فيها، تُعنى بتنظيم الأنشطة الحزبية وحفظ سجلاتها والإجراءات المتعلقة بها.
تبقى الإيجابية الأهم في التعليمات المقرة حديثا أنها قد أعادت الأمور إلى نصابها القانوني فيما يخص استقلالية مؤسسات التعليم العالي وحقها في إصدار القواعد القانونية الخاصة بتشكيل مجالس الطلبة والاتحادات والنوادي الطلابية فيها. فقد نصت المادة (3) من التعليمات بالقول «تلتزم مؤسسة التعليم العالي بإصدار الأسس والإجراءات لتمكين الطلبة الحزبيين وغير الحزبيين من ممارسة حقهم في الترشح والانتخاب».
في المقابل، نجد بأن المادة (8) من نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في مؤسسات التعليم العالي لعام 2022 قد كرّست الحق لمجلس التعليم العالي بأن يُصدر تعليمات تلتزم بموجبها مؤسسة التعليم العالي بتشكيل مجالس طلبة أو اتحادات أو جمعيات أو نواد طلابية، وإتاحة الفرصة لجميع الطلبة الحزبيين وغير الحزبيين بممارسة حقهم في الترشح والانتخاب في أي منها.
كما ساهمت التعليمات الجديدة في تعزيز استقلالية الجامعات ومؤسسات التعليم العالي من خلال ما تضمنته المادة (4) منها، والتي تنص على أن «تتولى عمادة شؤون الطلبة الإعلان في بداية كل فصل دراسي عن الأماكن المخصصة لممارسة الأنشطة الحزبية ووسائلها وفقا للتشريعات النافذة في مؤسسة التعليم العالي».
في المقابل، فإن المادة (4) من النظام التنفيذي قد أحالت مسألة تنظيم الأمكنة والأوقات التي يمكن فيها إقامة النشاط الحزبي إلى تعليمات يصدرها مجلس التعليم العالي لهذه الغاية.
فعلى الرغم من أن التعليمات الجديدة قد قامت بتصويب الأوضاع وتكريس استقلالية مؤسسات التعليم العالي في إدارة شؤونها الإدارية الخاصة بها، إلا أن التساؤل يبقى مشروعا حول توافقها مع أحكام النظام الذي صدرت بمقتضاه.
ومن الإضافات التشريعية التي جاءت في التعليمات الجديدة، والتي تدخل ضمن إطار توضيح آلية تنفيذ النظام، تلك المتعلقة بالاعتراض على قرار عميد شؤون الطلبة برفض إقامة النشاط الحزبي لدى رئيس المؤسسة التعليمية. فقد اشترطت التعليمات وجوب تقديم الاعتراض وفق النموذج المعتمد من قبل مؤسسة التعليم العالي لهذه الغاية، والذي يجب أن يتضمن مجموعة من العناصر الأساسية أهمها اسم مقدم الاعتراض والنشاط الحزبي الذي تم رفض إقامته، وأسباب الاعتراض.
إن نموذج عقد النشاط الطلابي الحزبي قد اشترط نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الطلابية أن يقوم مجلس التعليم العالي باعتماده، في حين أن نموذج الاعتراض على قرار عميد شؤون الطلبة برفض النشاط قد قررت التعليمات الجديدة ضرورة اعتماده من المؤسسة التعليمية المعنية. وهذا ما يعزز من الاستقلالية المقررة للجامعات والمؤسسات التعليمية في مواجهة الإدارات المركزية، ممثلة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومجلس التعليم العالي.
إن المراجعة المستقبلية لنظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في مؤسسات التعليم العالي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تكريس استقلالية مؤسسات التعليم العالي وحقها في إدارة شؤونها الخاصة بها، وذلك بما يتوافق مع التعليمات الجديدة التي صدرت مؤخرا لتنفيذ نصوصه وأحكامه.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-07-2023 08:47 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |