19-07-2023 09:36 AM
بقلم : د. محمد أبو حمور
أطلق التعميم الصادر عن رئاسة الوزراء صافرة البداية لإعداد مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2024 مع اشتراط التقيد بالسقوف الأولية للوزارات والدوائر الحكومية، وتم تحديد الأول من شهر اب القادم حداً أقصى لتزويد دائرة الموازنة العامة بالموازنات المقترحة، وحتى الان يبدو أن الإجراءات تسير في اطارها التقليدي، فالمالية العامة ما زالت تواجه المصاعب المزمنة إياها بما فيها العجز وارتفاع الدين العام ومحدودية الحيز المالي المتاح للأنفاق الرأسمالي وطغيان النفقات الجارية والاعتماد المفرط على إيرادات الضرائب غير المباشرة، ?أضيف لها مؤخراً ضرورة العمل بتناغم وانسجام مع المبادرات الإصلاحية وخاصة رؤية التحديث الاقتصادي وجهود اصلاح القطاع العام، الامر الذي لا يتيح تجاهل صرف النفقات الرأسمالية خاصة تلك المخصصة للمحافظات ومشاريع الشراكة، كما أن تحسين الخدمات المتوخى من الإصلاحات الإدارية يتطلب انفاقاً أو إعادة توجيه الانفاق بما يعزز ويحقق هذه الغاية، ومن الواضح أن هذا جزء من المهمات غير السهلة التي ستواجه اعداد موازنة العام القادم.
يضاف الى هذه التحديات ارتفاع اسعار الفائدة وانعكاساتها على زيادة عبء خدمه الدين العام الداخلي والخارجي من الفوائد الواجبة الدفع والتي تظهر ضمن النفقات الجارية والذي بدوره سيزيد حجم الانفاق الجاري ويضغط على المجال المالي المتاح لمخصصات الانفاق الراسمالي وتقليل فرصة تبني مشاريع راسماليه يكون لها دور اكبر في تحقيق النمو الاقتصادي الحقيقي وبمعدلات افضل.
ومن التحديات المتوقعة إعادة تبويب الموازنة بما يتفق ومحركات النمو الأساسية في رؤية التحديث الاقتصادي وما يستدعيه ذلك من المساعدة على النهوض بالقطاعات الاقتصادية المختلفة، كما أن نسبة البطالة المرتفعة وتراجع مستوى معيشة المواطنين سوف تتطلب بذل عناية خاصة لتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، ناهيك عن جهود رفع مستوى الامن الغذائي ومشاريع التحول الرقمي وغيرها من الجوانب التي تؤكد الحاجة الى احداث تغيير في هيكل النفقات العامة مع ضبطها وترشيدها وتوجيهها نحو الأولويات، وهذا غير ممكن الا في حال مواصلة الإصلاحات المتعلقة ?مكافحة التهرب والتجنب الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية مع الالتزام بعدم زيادة الأعباء الضريبية على القطاعات الاقتصادية ذات العلاقة، كل هذه العوامل ستحمل في طياتها أثراً على الموازنة العامة في جانبي الإيرادات والنفقات.
توصف الموازنة العامة عادة بانها الخطة المالية للحكومة لسنة قادمة، الا اننا يجب أن نضيف بأن موازنة العام القادم 2024، وكما هي موازنة العام الحالي، يجب أن تمثل أداة للمساهمة في تحقيق الأهداف الوطنية للبرامج والرؤى الإصلاحية الهادفة لتحقيق نقلة تنموية نوعية تنهض بمستوى معيشة المواطنين وتحسن الخدمات المقدمة لهم، واليوم ونحن على مسافة تزيد عن أربعة أشهر على الموعد الدستوري لإقرار الموازنة العامة واحالتها لمجلس الامة من المهم أن نسعى الى تكثيف النقاش حول اعداد الموازنة والبرامج والمشاريع المرتبطة بها وأن نحرص عل? مشاركة مختلف الفئات والمؤسسات ذات العلاقة في هذا النقاش لترسيخ فكرة الشفافية وبما يحقق أفضل النتائج، خاصة وأن انقضاء النصف الأول من العام الحالي يتيح الحصول على معلومات وبيانات مالية تبين نتائج الأداء للموازنة الحالية مما يسمح باستخلاص العبر والدروس والمعالجة المسبقة لأي إشكالات قد تظهر مستقبلاً، وقد يكون من المناسب عقد بعض الندوات وورش العمل التي تتضمن الاطلاع على اراء أصحاب العلاقة بما فيهم ممثلو القطاعات الاقتصادية والمهنية المختلفة، وممثلو المحافظات الذين يستطيعون تحديد الاحتياجات المحلية للمواطنين.
معالجة مصاعب وتحديات المالية العامة لا يمكن أن تتحقق خلال سنة أو اثنتين لذلك لا بد من توفر رؤية وأهداف واضحة وخطوات عملية تخضع للتقييم والمراجعة المستمرة وفق اليات مساءلة ومحاسبة لمختلف الجهات التي يناط بها تنفيذ مشاريع أو برامج محددة مما سيؤدي بالتأكيد الى تعزيز جهود تحديث القطاع العام ومعالجة الترهل وللامبالاة وكل ذلك لا بد أن يتم التعبير عنه من خلال آليات الاعداد والتخصيصات المدرجة في قانون الموازنة العامة، وهذا سينعكس بالتالي على تحسين أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة التي بدورها ستساهم في تحقيق الأثر?الإيجابي على حياة المواطنين.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
19-07-2023 09:36 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |