20-07-2023 12:03 PM
سرايا - قبل شهر من الآن أو أكثر بقليل كان البرد القارص يضغط على مزاج الاردنيين ويقلص من نشاطهم وحركتهم ما دفع الكثيرين الى الضراعة لله التعجيل بأيام الصيف التي دخلت بغتة بأشد ما تكون درجات الحرارة ولا عجب في ذلك اذا كنا نتحدث عن نهايات شهر تموز لتحل أمراض مشكلة الإجهاد الحراري أو ما يسمى بـ "ضربة الشمس" محل الأمراض الناجمة عن البرد الشديد.
ويربط مختصون بين التغير المفاجئ والمتطرف في درجات الحرارة وبين ظاهرة التغير المناخي وتبعات ذلك على صحة الإنسان، داعين الى مواءمة التشريعات مع المستجدات المناخية، في حين تبادر الجهات المختصة الى التوعية بمخاطر التعرض لأشعة الشمس المباشرة.
بيد أن هناك من تقتضي طبيعة مهنتهم العمل تحت أشعة الشمس في الأماكن المفتوحة ما قد يتسبب بما يسمى علميا وطبيا بـ "الاجهاد الحراري" أو "ضربة الشمس" وتداعياتها الصحية، وهو ما يوجب الالتزام بتطبيق تعليمات السلامة العامة التي تشدد عليها وزارة في كل مناسبة.
بين متخصصون أن "ضربة الشمس" أو "الإجهاد الحراري" قد يكون في بعض الحالات سببا للوفاة إذا لم يتم استدراك مسبباته بالوقاية منه مثل الركون الى الراحة كلما اقتضت الحاجة وشرب السوائل بانتظام، مؤكدين أهمية اتخاذ تدابير تضمن بيئة عمل آمنة في ظل ارتفاع درجات الحرارة مثل مراقبة درجات الحرارة باستمرار وزيادة فترات الراحة وتبريد المكان.
ويؤكد الطبيب أنس صبح أن "ضربة الشمس" حالة مرضية تنتج عن التعرض المباشر للحرارة لفترات طويلة ما يؤدي الى ارتفاع حرارة الجسم الداخلية فوق 40 مئوية وظهور أعراض قد تكون خطيرة على الحياة اذا لم يتم تداركها بسرعة.
وأشار الى أنه ينتج عن هذه الحالة الارتباك والعصبية والهذيان وتغير الحالة العقلية أو السلوك، إضافة للتعرق أو الجفاف الزائدين عن الحد الطبيعي.
وأضاف، إن من أعراض "ضربة الشمس" الشعور بالغثيان و التقيؤ في بعض الحالات واحمرار في الجلد وتسارع التنفس وارتفاع عدد ضربات القلب، والصداع الشديد.
مديرة جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان لندا كلش أكدت أهمية إيجاد تشريعات تتعلق بالتغير المناخي لحماية العاملين من آثاره السلبية، وتطوير سياسات وأنظمة الصحة والسلامة المهنية، بحيث تغطي جميع المخاطر التي تفرضها تداعيات هذه الظاهرة، الأمر الذي يكفل سلامة العمال ولا يعرض حياتهم للخطر.
وبينت أن آثار التغير المناخي على الأردن والتغيرات التي تجري على درجات الحرارة تؤثر على القطاعات كافة وبالأخص القطاع الزراعي، لافتة إلى أن التغير المناخي سيؤثر على العاملين خاصة النساء اللواتي يشكلن نسبة عالية من بين العاملين في الزراعة، وكذلك الرجال الذين يعملون في قطاع البناء والتشييد.
وحثت كلش على تعزيز معايير وشروط العمل اللائق بالشكل الذي يضمن التكيف مع المتغيرات التي يفرضها التغير المناخي، ويكفل حقق العمال ببيئة عمل لائقة، وتطوير سياسات وأنظمة الصحة والسلامة المهنية، كي تغطي جميع المخاطر التي تفرضها تداعيات التغير المناخي، وبما يحافظ على سلامتهم ولا يعرض حياتهم للخطر.
وأشارت كذلك الى أهمية تطوير منظومة الحماية الاجتماعية والارتقاء بالتأمينات الاجتماعية بالشكل الذي يواكب مرحلة الانتقال العادل لمواجهة تحديات التغير المناخي.
مستشار الصحة الصناعية صالح بدر أكد أن حماية العاملين في فصل الصيف، خاصة أولئك الذين يعملون في الأماكن المفتوحة تحت أشعة الشمس المباشرة هي مسألة قانونية وأخلاقية للحفاظ على صحتهم وسلامتهم، وضمانا لكفاءة إنتاجيتهم.
ولفت إلى ضرورة تضافر الجهود لتوفير بيئة عمل آمنة وصحية تعزز التوعية حول أمراض الحرارة والوقاية منها في مختلف القطاعات العمالية خاصة في ظل التغير المناخي غير المسبوق الذي يضرب الكرة الأرضية.
وأشار إلى عدد من الإجراءات التي يجب اتباعها للتقليل من أمراض الحرارة الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة، كارتداء الملابس الخفيفة والمريحة المصنوعة من أقمشة تسمح بتهوية الجسم، واعتمار القبعات العريضة لحماية الوجه والرأس من أشعة الشمس المباشرة.
ونصح بدر بشرب السوائل بانتظام وعدم انتظار الشعور بالعطش حفاظا على ترطيب الجسم وتجنب المشروبات التي تتسبب بفقدان السوائل من الجسم كالمنبهات.
ودعا الى تعديل فترات راحة منتظمة للعمال للتخلص من التعب والإجهاد الناتج عن الحرارة الشديدة، ناصحا بتقسيم المهام الشاقة إلى فترات قصيرة وتجنب العمل المكثف وتأمين مكان مظلل للاستراحة وتوفير تهوية جيدة في مكان العمل.
وحث على استخدام كريمات الوقاية من أشعة الشمس، لافتا إلى ضرورة مراقبة أصحاب العمل لدرجات الحرارة والرطوبة باستمرار واتخاذ التدابير الواجبة لحماية العمال عند الحاجة.
ودعا المركز الأردني لحقوق العمل "بيت العمال" في بيان أصدره في وقت سابق من هذا الشهر إلى حماية العمال من أخطار موجة الحر، وعدم التعرض للإجهاد الحراري خلال الأيام التي تسجل ارتفاعا ملحوظا بدرجات الحرارة في مختلف مناطق المملكة.
وأكد أن قانون العمل رتب على صاحب العمل مسؤولية توفير الاحتياطات والتدابير اللازمة لحماية العمال من أخطار العمل خلال موجات الحر الشديد.
وأوضح بأن التعرض للإجهاد الحراري قد يشكل خطرا على الحياة، وفي حال ملاحظة علاماته يجب أن يتم اتخاذ إجراءات الإسعاف الأولي ونقل العامل المصاب إلى منطقة أكثر برودة، وتبريده بالماء أو الثلج وشرب الماء، وإزالة الملابس غير الضرورية عنه.
وأشار البيان الى أنه مع صدور نظام عمال الزراعة عام 2021 أصبح بإمكان وزير العمل تحديد ساعات العمل التي يحظر تشغيل عمال الزراعة فيها في الظروف الجوية الاستثنائية عملا بالمادة 4 منه، كما جاءت تعليمات شروط السلامة والصحة المهنية في العمل الزراعي التي صدرت بموجب هذا النظام واضحة من حيث إلزام صاحب العمل باتخاذ الإجراءات والتدابير للوقاية من مخاطر الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.