25-07-2023 09:19 AM
بقلم : الدكتور عماد نعامنة
أشاد الأكفياء المتخصّصون باللغة العربيّة والمخلصون لها تعليمًا وتدريسًا بالورقة الامتحانيّة لمبحث اللغة العربيّة (التخصّص) بورقتيه: الأولى والثانية، مُثْنين على اتّسامها بمواصفات الامتحان المقنّن جميعها، وتغنَّوا بكثير من محاسنها، ولا أودّ استقصاء ذلك الثناء؛ إذْ أعُدُّه واجبًا يقتضيه شرف المهنة وعِظم القَسم.
وليعلمُ كلّ ذي عِلم حصيف أنّ مُتَغيّايَ ومُبتَغايَ من هذا المنشور ليس إلّا تبديد الغموض وإزلة اللبس الذي وحل فيه نفر قليلون من أبناء اللغة العربيّة، فراحوا يتداولون أحكامًا مغلوطة وأقاويل مزعومة عقب امتحان الورقة الثانية لِلّغة العربيّة (التخصّص) جُزافًا وتسرُّعًا وعلى غير هُدًى ولا كتاب منير، مع تأكيدي أنّني لستُ في موقف دفاع عن وزارتي التي أفخر بها وأعتز وإنْ كنت أتشرّف بذلك وأزهو، وإنّما جاء حرفي هذا خدمةً للعربيّة التي شغفتني حبًّا – حتّى إننّي اعتمرتُ عن إمامها سيبويه مرّتين - وإفادةً لمن فاتته مِن المعلمين سعة الاطّلاع وعمق التحليل، وكذا إحقاقًا للحقّ المبين؛ وطمأنةً لأبنائنا الطلبة الأعزّاء الذين أرهقتهم تأويلات من زملاء فُضلاء، لا قِبَل لها من الصوابيّة، ولا أساس لها ولا قرار، حتى علَتْ وجوهم قترة، ومَرجعي في تبياني هذا ومُعتمدي الكتاب المدرسيّ ليس غير، فأقول وبالله التوفيق:
أولًا – الفقرة الثامنة والأربعون (48): توهّم المتوهّمون أنّ هذه الفقرة خطأ؛ لخلوّها من إجابة صحيحة؛ إذْ رأوْا أنّ البديل () ليس صحيحًا؛ ظنًّا منهم - وبعض الظنّ إثم – أنّ المشتقّ اسم الفاعل (مبتغيًا) لا يعمل في حالة المُضيّ، بدليل ورود كلمة (أمس) نهايةً الجملة في الفقرة ذاتها. وغاب عنهم أنّ ظرف الزمان (أمسِ) منصرفٌ إلى المصدر الميميّ (مَطْلب) لا المشتق (مبتغيًا)، فدلالة الجملة تكمن في كوني مُبتغيًا الحقّ في مطلبي الذي طلبته أمسِ؛ فالمطلب هو الذي احتواه ظرف الزمان (أمسِ) وليس ابتغاء الحق هو الذي قد وقع أمسِ، بمعنى أنّني ابتغيتُ الحقّ في مطلبي الذي طلبته أمسِ.
وإنْ قال قائل – ولعلّهم قالوا –: إنّ المشتقّ سُبِق بالفعل (كان)، وقد فاتهم يقين دلالة الكَون (الكينونة) فيها تمتدّ إلى الاستمرار في الحال؛ وإنْ دلّت في بدايتها على الماضي؛ فصحيحٌ قولنا تمام الصحّة: (كانَ زيدٌ ضاربًا عمرًا) بإعمال المشتقّ (ضاربًا) مع سبقه بالفعل (كان).
ثانيًا- الفقرة الرابعة الأربعون (44): أمّا في ما يتعلّق بالاسم المنقوص (مُنتم) في جملة (إنّي مُنْتَمٍ إلى مسقط رأسي حيث كنتُ) في هذه الفقرة (44) - البديل (أ) في النموذج (1) والبديل (ج) في النموذج (2) فإليكم البيان والتفصيل: لقد حاد أولئك النفر القليلون عن جادة الصواب حين عدّوا هذه الفقرة خالية من أيّ إجابة صحيحة؛ (مبتعدين) في ذلك عن المقرّر المدرسيّ – مرجِع الطالب ومعتمَد المُصحّح – مُتّكئين إلى مصادر خارجيّة، ولو اسقصَوْا ما ورد في درس الإعلال بالحذف في كتاب الطالب المدرسيّ، وتحديدًا الفقرة التي تبسط الإعلال في الاسم المنقوص (رامٍ) في جملة الكتاب (ص 94) لعادوا إلى رُشدهم، وفاءوا من غيّهم حامدين شاكرين؛ فالاسم المنقوص (منتمٍ) الذي ورد في الفقرة الامتحانيّة المذكورة - يا سادة يا كرام - متماثلٌ تمام التماثل مع الاسم المنقوص (رامٍ) الذي ورد في جملة كتاب الطالب المدرسيّ " رُبَّ رميةٍ من غير رامٍ) في الصفحة التي أشرتُ إليها سابقًا، ولم ترد في تلك الصفحة إطلاقًا أيّة إشارة لا من قريب ولا من بعيد إلى أنّ الإعلال فيها وقع لالتقاء الساكنين. في الوقت الذي لو رحنا نتأمّل الكتاب المدرسيّ لفحص البدائل الثلاثة الأخرى لوجدنا أنّ الكتاب المدرسيّ الذي هو مرجعنا ومعتمدنا – كما أسلفت – يشير إشارة صريحة غير قابلة للطعن والاستئناف إلى أنّ الإعلال بالحذف الذي وقع في كلماتها المستهدفة ( النموذج (1) البدائل: ب، ج، د، وفي النوذج (2) البدائل: أ، ب، د) قد طرأ على كلّ منها إعلال بالحذف؛ للالتقاء الساكنين، وللتدليل على ذلك فلننظر في المواطن الآتية من الكتاب المدرسيّ:
- الفقرة الأولى ص 95، وبالتحديد الكلمتان رقم (24و25) وردتا بالنصّ حرفيًّا : " لالتقاء الساكنين".
- الفقرة الأخيرة من ص 95 وبالتحديد الكلمتان رقم (37و38) وردتا حرفيًّا بالنصّ: "التقاء الساكنيين"
فيا ليت أولئك النّفر القليلون تريّثوا وتأمّلوا مضمون الجملة جيّدًا وأرجعوا البصر فيها كرّتين، إذنْ لسلموا من الوهن والظنّ، وما غرقوا في بحر لُجيّ من الخطل والزلل، ولَما علا صوتهم قدْحًا وذمًا وتشهيرًا. ولستُ أدري أَيظنّون أنّ مُعدّ الورقة الامتحانيّة – كائنًا من كان - ليس على قدْر من العلم والدراية والمعرفة والرواية؟ فليعلموا أنّ الله قد آتاه بسطةً من العلم وسعَة الحكمة.
ومستصفى ما سبق أنّ الورقة الامتحانيّة في اللغة العربية (تخصّص) بريئة براءة الذئب من دم يوسف – عليه السلام - من أيّ خطأ علميّ، وإنّي لمسؤول أمام الله والملك والمسؤول والوطن عمّا ذهبت إليه من تبيان وإفصاح، إحقاقًا للحقّ الذي راح يدسّه تحت الثرى واهِمون ملْبِسون؛ لحاجة في نفس يعقوب قضاها، أو لغاية في أنفسهم لا نعلمها، اللهُ يعلمها. وإنّي لأراها قابعةٌ في نظرهم بعين السخط إلى امتحان شهادة الدراسة الثانويّة العامّة بمباحثه جميعها، بل إلى وزارة التربية والتعليم بمنظومتها الرائدة ، ولو نظروا بعين الرضا لارتاحوا وأراحوا، وارعوَوا عمّا يخرصون؛ فقد صدق القائل:
وعينُ الرّضا عن كلّ عيب كليلة ولكن عين السّخط تبدي لك المساويا
فأيها الصحب الكرام من أبنائنا الطلبة، وأولياء أمورهم العِظام، لا تلتفتوا إلى كلّ ما يُقال ويُنشر ويُبَثّ، فكثيره سموم وافتعال وأوهام وظنون.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-07-2023 09:19 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |