حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 7085

(التعليم بين الواقع والمأمول في مئوية الدولة الاردنية)

(التعليم بين الواقع والمأمول في مئوية الدولة الاردنية)

(التعليم بين الواقع والمأمول في مئوية الدولة الاردنية)

27-07-2023 03:20 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.عبدالكريم الشطناوي
الأحبة: عذرا اقتضت الضرورة طول الموضوع

عندما نتناول مفهوم التعليم  لا من الإشارة إلى مفهوم رديف له وهو التعلم،وفي واقع الأمر فإن التعلم سابق على التعليم.

فالمولود يولد ولديه القابلية أو ما نسميه بالإستعداد لتعلم كل ما تقع عليه عيناه وتسمعه أذناه وتناله يداه،وتصله قدماه.

ويكون تعلمه في بداية الأمر بالمحاكاة والتقليد،وقد يكون تعلما مقصودا أو غير مقصود.
  
ويعرف التعلم بأنه:

تلقي الفرد للمعرفة والقيم  والمهارات من خلال تفاعله مع البيئة فيؤدي إلى إحداث تغير دائم في السلوك قابل للقياس.

وبمعنى آخر فإن التعلم هو كل فعل يمارسه الفرد بذاته ويقصد به إكتساب معارف ومهارات وقيم جديدة تساعده على الاستيعاب والتحليل والإستنباط.

وأما التعليم فإنه:
عملية منظمة يقوم بها المعلم  أو أية جهة أخرى لجعل الفرد المتعلم يكتسب المعلومات، والمهارات،والخبرات،كما يسعى المعلم من خلالها إلى توجيه الطلبة إلى تحقيق الأهداف المنشودة والمبتغاة.

ومن الجدير بالذكر أن نشير إلى أن التعلم يعني المجهود الذي يبذله المتعلم من أجل أن يكتسب المعلومات والمهارات. 

بينما التعليم يعني ما يبذله المعلم من جهد يهدف به توجيه ومساعدة المتعلم على إكتساب المعلومات والمهارات، ونتيجة التفاعل ما بين المعلم والمتعلم تحدث عملية التعلم والتعليم.

ولذلك فقد سبقنا التعلم على التعليم وندعوهابالعمليةالتعلمية التعليمية تأكيدا على أن محور العملية الأساسي هو(الطالب المتعلم).

ويمكننا تعريف عملية التعلم ايضا بأنها:عملية تفاعل ما بين قطبيها،المعلم والمتعلم وسداة (لحمة)هذا التفاعل هو المنهاج.

ومن الجدير بالذكر أن عملية التعلم والتعليم تتدخل فيها عدة عناصر وتلعب ادوارا أساسية حتى تحقق العملية غاياتها وأهدافهاالمنشودةوأهم هذه العناصر:

المعلم، المتعلم، المنهاج، أولياء الأمور، البيئة الفيزيقية للصف الوسائل التعليمية، البيئة الدراسية، أولياء الأمور، دورالعبادة، الأماكن الترويحية،وغيرها.

بعد هذه التوطئة للموضوع فإننا نعود إلى ما نحن بصدده(وهو التعليم بين الواقع والمأمول في مئوية الدولة
الأردنية ) من خلال العنوان فإنه لا بد  من الأخذ بعين الإعتبار واقع التعليم في الحاضر ووضعه في المستقبل.

*وحتى نقيم واقع التعليم
لا بد من استعراض الماضي لنرى أين واقعه من ماضيه؟

*حتى نتأمل مستقبل التعليم  لا بد من تقييم واقعه لنرى كيف يكون ما نأمله به في الم  ستقبل على ضوء واقعه حاليا.

(أ) ولما كنا بصدد تقييم واقع التعليم لنرى واقعه من ماضيه:
فإنه لا بد من استعراض الماضي لنرى أين واقع التعليم من ماضيه.
فإذا نظرنا إلى واقع التعليم في الأردن نجد أن قيام الدولة الأردنية كانت من مخرجات الحرب العالمية الأولى سنة ١٩٢١م أي بعد انهيار الخلافة العثمانية.

فقد وجد العرب انفسهم قد وقعواضحيةمؤامرةبين فرنسا و بريطانيا عرفت بإتفاقية سايكس بيكو.

وقد شكل الوضع الجديد في الوطن العربي صدمة  للعرب فقد وُعِدوا من  الغرب بدولة مستقلة،مما جعلهم لا يقرون هذا الوضع بل أعلنوا رفضهم له وجعلهم يعيشون ضمن تطلعات وطنية برفض وكره للإستعمار وويلاته،نتج عنها ثورات في أرجاء الوطن العربي رافضة الواقع الجديد الذي رسمه وعد بلفور ونفذته اتفاقية سايكس بيكو.

وقد زاد الطين بلة حصول نكبة فلسطين وقيام كيان صهيوني دخيل،مما ولَّد نقمة على هذا الوضع،ثم حدثت الثورة المصرية ثم العدوان الثلاثي على مصر  والثورة الجزائرية وكل هذا اذكى الشعور الوطني ضد الإستعمار والإحتلال لدى الشعب العربي من المحيط إلى الخليج،ومما أشعل الغضب أكثر ما تبعه من نكسة ١٩٦٧.


فكل هذه المتغيرات على الساحة العربية جعلت من المسؤولين آنذاك على قدر حمل المسؤولية في وضع المناهج للمدارس فكانت تنطلق من فلسفة عامة لكل دولة ومن فلسفة التربية والتعليم العامة وكان لكل مبحث ومادة فلسفة خاصة به.


ولقد جاءت المناهج ملبية لحاجات المتعلم والمجتمع كما أنها تغطي حاجات الوطن، تركز على بناء الإنسان وإعداده ليكون مواطنا صالحا لخدمة وطنه ومواطنيه،وذلك من خلال تركيزها على مقومات الإقتصاد من زراعة وثروة حيوانية وصناعة وإن كانت معظمها منتوجات زراعية وحيوانية،وأيضا الإهتمام بالصناعات التقليدية،وعلى سبيل المثال فقد كنا أثناء دراستنا في المدرسة نُمنحُ قطعة أرض بحديقة المدرسة ونقوم بزراعتها وتعهدها تحت إشراف معلم الزراعة والعلوم، وهكذا فما كنا نتعلمه نظريا من الكتب نقوم بتنفيذه عمليا.

وإذا تتبعنا عملية التعليم في الأردن بصورة خاصة،فإننا  نجدها مرت في عدة محطات:
أولاها :التعليم في ظل الخلافة العثمانية:
لما تأسست إمارة شرق الأردن ككيان سياسي سنة١٩٢١ فقد كان وضع التعليم كالآتي: 
*تقوم به مدارس محدودة،
وكانت الأمية متفشية بين الناس مما دفعهم إلى تعليم أبنائهم عند شيوخ المساجد،
وعرف بالتعلم عند الكتاتيب،
فيتعلم الطفل القراءة والكتابة والحساب مع التركيز على حفظ القرآن الكريم.
  *وعندما استقر وضع الدولة الأردنية بدأت حركة التعليم فيها حيية لقلة وجود معلمين مؤهلين،فكانت وزارة المعارف تبحث عن كل من لديه شهادة  إبتدائية وكل من يجيد القراءة والكتابة والحساب للإستعانة بهم في نشر التعلم والتعليم، كما أنها استقطبت معلمين مصريين.
  *وقد نشطت عملية التعليم في خمسينيات القرن الماضي وأنشئت دور المعلمين الريفية ومعاهد المعلمين في الضفتين لإعداد وتأهيل المعلمين،وبقي الإهتمام بها وتطويرها وعرفت  فيما بعد بكليات المجتمع.
كماأنها قامت بتأهيل المعلمين العاملين في الميدان وتدريبهم لإتقان عملية التعليم .
  *نشطت عملية بناء المدارس في كل قرية وبادية وحاضرة.
  * وقد تم  تغيير إسم الوزارة من وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم في العام الدراسي ١٩٥٦/١٩٥٧.
*كانت وزارة التربية والتعليم الأردنية سباقة في وضع قانون
لها،وقد أحدث قانون رقم١٦سنة
١٩٦٤خاصة نقلة نوعية كما أنه كان وراء إحداث نهضة في مسيرة عملية التعلم والتعليم، وحقق سمعة رائدة للأردن في هذا المجال.
  وقد كانت تجري عليه بعض التعديلات بين فترة وأخرى،
لمراعاة ما يستجد على ساحة العملية التربوية برمتها.
* كانت أسس النجاح والإكمال والرسوب توضع بدقة بحيث تراعي توفير فرص الدراسة للجميع على ضوء قدرات الفرد واهتمت ب :
.. مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة.
.. تحديد عدد سنوات الرسوب ومن لم يفلح بالدراسة يشق طريقه في الحياة بما يتلاءم وقدراته واستعدادته وميوله.
٠٠ لم يكن وجود لما عرف به لاحقا بالنجاح التلقائي.
  وبهذه الحالة فإن مقومات الإقتصاد من زراعة وتربية المواشي وغيرها،ومن صناعة وغالبيتها من نتاج الزراعة والحيوان،ومن حرف يدوية فإنها تجد الأيدي العاملة لها ممن لم يوفقوا بمواصلةعملية  التعلم والتعليم.
  *كانت المناهج توضع على  أسس مدروسة منطلقة من فلسفة التربية والتعليم لتلبية حاجات المتعلم والمجتمع
المحلي وتتناسب مع مرحلة مواصلة الدراسة الجامعية.
استمرت مسيرة التعلم والتعليم
تنمو بزيادة مطردة مع الحفاظ على جودة  مخرجاتها،
وقد تولدت فكرة إنشاء جامعات
وطنية لتوفير فرص الدراسة الجامعية فيها،فأنشئت الجامعة الأردنية سنة ١٩٦٢م وباشرت عملها سنة ١٩٦٥م ومن ثم تزايد عدد الجامعات الرسمية وتبعتها حركةتأسيس الجامعات الخاصة
سنة ١٩٩٠م.
  وهكذا اكتملت فرص التعليم بجميع مراحلها وقلت نسبة الأمية مما جعل الأردن يحتل مكانا متقدما في العالم.
   (ب) وحتى نتأمل مستقبل التعليم لا بد من تقييم واقعه الحالى لنتأمل ما يكون عليه مستقبلا:
      لقد بقيت عملية التطوير تنمو تصاعديا لصالح عملية التعلم والتعليم إلى نهاية عقد الثمانينيات من القرن الماضي حيث بدأ عمل الوزير ينحدر عن خط سيره،فتولى الوزارة بعض الوزراء،فمنهم من عزف  على وتر الجهوية،وآخر عزف على وتر العقائدية،وآخر عزف على وتر الشللية.
وبعدهم دخلنا عالم الحوسبة بصورة غير مدروسة،كما غزتنا العولمة والتي غايتها فرض هيمنة الدول القوية على الدول الفقيرة والضعيفة،فقد أثر هذا على المناهج،فبدأ سلم التعليم بالإنحدار متمثلا في تدني مستوى مخرجات عملية التعلم والتعليم.
وممالا شك فيه أننا دولة كُتِب  عليها الفقر وأثقلت بمديونية  كبيرة،ومما زاد الوضع سوءا
غياب التخطيط المدروس
علميا لدى بعض الحكومات المتعاقبة،فصارت تميل إلى الإستدانة من البنك الدولي،مع إهمال مقدرات البلد وبيعها،
إضافةإلى أننانعيش وسط جو ملتهب من الصراعات مع عدو مغتصب.
  والعولمة ظاهرها مختلف عن  باطنها فالدول الكبرى هدفها الأساسي هو الهيمنةعلى الدول الفقيرة واستغلال ما لديها من خيرات وإغراقها بديون فوق طاقتها.
      كما أننا استقبلنا الحوسبة ونحن لا نملك بنية تحتية كما أننا لم نُعِدْ كوادر مدربة لها،ولم  نُعِدْ أبناءنا لها حتى يصبح لديهم القدرة على استيعابها والتعامل معها.
ونتيجة لعدم التوافق بين ما لدينا من إمكانيات وقدرات مع ما فرض على مناهجنا أدى  ذلك إلى تدني المخرجات.
  وإذا أردنا أن ننقد بشفافية ما حصل ونبين أسبابه فربما نشير إلى ما يلي:
* تأثر فلسفة التربية والتعليم بحملة الشهادات الأمريكية، المتأثرة بالفلسفة البراغماتية
والمتحكم فيها النظام الرأس مالي،فصار الشعار(من حمل شهادة أمريكية فهو آمن)خاصة فقد تقلدوا مناصب عليا قيادية وصناع قرار في الدولةكماتولوا عملية التعليم في الجامعات،
والإشراف على وضع المناهج،
وهكذا بدأت عملية إدخال أفكار
إغتراب/إستلاب التعليم عن بيئتنا تدريجيا لتطبيعها بما لا يتلاءم  معنا.
  وبدأت عملية مقارنة الحال
ما بيننا وبين أمريكا،علما بأنه
لا يوجد وجه شبه للمقارنة
فالفوارق كبيرة بين الحالتين،
فالثقافة والإمكانيات المادية والبشرية والبيئية والفلسفية بشكل عام مختلفة تماما.
  أضف إلى ذلك :
* سيطرت النظرة الاقتصادية في تكلفة الطلبة على الدولة في حالة تكرار رسوبهم وإعادة  الدراسة في الصف لأكثر من سنة،مما جعل المسؤولين يمهدون للتنجيح التلقائي.
* وهذا أدى إلى تحديد عدد سنوات الرسوب بمرتين مع فتح مجال النجاح التلقائي
بعد استنفاده لعدد سنوات الرسوب بحجة إلزامية التعليم لعشر سنوات بغض النظر عن قدرة الطالب بمتابعة الدراسة.
  ونتيجة لهذا فإننا نلمس أن الإهتمام إنصب على الناحية الكمية على حساب النوعية.
* المناهج :
لقد أدخلت تعديلات في وضع المناهج بما يتناسب مع النظرة الاقتصادية وقد أصبحت سهلة بسيطة إلى درجة كبيرة.
  والجدير بالذكر أنه عند وضع المناهج ينظر إلى قدرات الطالب العقلية والعاطفية والجسمية والإجتماعيةوخاصة العقلية.
  وتشير الدراسات العلمية إلى أن التوزيع الطبيعي للقدرات الفكرية كالآتي :
... الموهوبين          ٢٧'٢
٠٠٠المتفوقين           ٧٣'١٥
٠٠٠العاديين             ٢٦'٦٨
٠٠٠بطيئي التعلم      ٥٩'١٣
٠٠٠المتخلفين فكريا  ٢٧'٢٦
  من الجدول أعلاه نجد أن أغلبية الناس عاديون اي في منطقة الوسط،ولذا فإنه في عملية وضع المناهج يجب أن تراعي مستويات ثلاثة في القدرات العقلية وتولي اهمية خاصة بالعاديين لأنهم يشكلون ثلثي المجموع تقريبا.


      ومن الملاحظ في العقود الثلاثة الأخيرة طرأت تعديلات على وضع المناهج الدراسية نحت منحى يميل إلى تبسيطها بصورة كبيرة بدون الأخذ بعين الإعتبار بأن الطلبة يصنفون إلى مستويات ثلاثة(ضعيف، وسط،قوي).

  كما أن المناهج قد فرغت من كثير من القيم العربية والإسلامية التي ترتكز على تعاليم ديننا الحنيف والتي بدورها تصقل شخصية المتعلم بشكل تحقق توازنا بين أبعادهاالأربعة: العقلية والعاطفية والجسمية والإجتماعية.

    وقد أدت التعديلات التي أدخلت على المناهج إلى حد تعالي صيحات الإستغراب والرفض لما يرسم ويقرر فيها من موضوعات دخيلة على عقيدتنا وثقافتنا،وإنها لجرأة خلت من الحكمة في طرح وتقرير موضوع (الجندر) في المنهاج.
      وقد حذف قبل ذلك بعض المفاهيم الأساسية التي تشكل دعائم تكوين شخصية متوازنه 
لأجيال مؤمنة بربها تعبده تأتمر بأوامره،متجذرة بحبها لوطنها وأمتها.

   وقد أقدم أحد وزراء التربية والتعليم(رئيس وزراء فيمابعد) على معاملة المناهج بلغة المال ورجال الأعمال وطرحها عطاء بملايين الدنانير أرساه على مؤسسة كولينز الأجنبية وقد برر هذا العمل بحجة إنشاء مركز لتطوير المناهج.

بينما في حقيقة الأمر أن إنشاء هذا المركز إن هو إلا إحدى جوائز الترضية التي عودتنا عليها حكوماتناالمتعاقبة
،مع العلم بوجود مديرية مناهج ناجحة تؤدي دورها على أكمل وجه،كانت مناهجنا قدوة لدول الجوار العرب تقتدي بها.
ونتيجة لهذه التعديلات فقد  صرنا نلمس إنحرافا صريحا في سلوكيات الشباب والتي هي عماد بناء الأوطان،وقد
زادالطين بلة ما فرض علينا في ظل جائحة كورونا(المفتعلة) بعدا عن التعليم .

*وقد أقدمت إحدى الحكومات على دمج كليات المجتمع  تحت مسمى جامعة،كماأنهاقد قضت على بعضها وخاصة كلية حواره مع أن لها تاريخ عريق وباع طويل على مدى نصف قرن في إعداد كوادر للتعليم مؤهلة ومدربة أفضل تدريب وقد رفدت بخريجيها ساحة الضفتين.

*ولقد جرى تعديل على أسس النجاح والإكمال والرسوب، فاشتملت مصطلحات عدة منها
: استنفد حقه في عدد مرات الرسوب،ينجح تلقائيا،وهذه بدورها فتحت الباب على مصراعيه أمام مستويات الطلبة
(قوي،متوسط، ضعيف)وهذا جعل الصفوف مكتظة وتقلل فرص مشاركة الطلبة فيحرم الطلبة المتفوقين من إبراز مواهبهم وأخذ الوقت الكافي.

  وإنني هنا أؤكد على ضرورة الإهتمام بذوي القدرات العقلية في متابعة دراستهم،وأما طلبة من يكون تحصيلهم دون النجاح يوجهون نحو مجالات أخرى كالزراعة والحرف اليدوية واي مهنة يهواها حسب قدراته العقلية والبدنية (ويجدر القول ان نجاح الفرد في الحياة لا يقتصر على نجاحه فقط في التحصيل الدراسي)وبذلك فإننا نرفد الزراعة والصناعة وتربية الحيوانات بالأيدي العاملة، وهذا يؤدي إلى تكامل في مقومات الإقتصاد: الزراعة، الصناعة، التجارة.


  ومما يؤسف له أن التعديلات في المناهج وأسس النجاح والإكمال والرسوب أدت بنا إلى زيادة في الخريجين وفي عداد العاطلين عن العمل،بينما من يزرع الأرض ويبني المساكن ويجهز ما نأكله وما نلبسه هي الأيدي العاملة الوافدة من الأخوة العرب والآسويين.


* لقد توسع الأردن كثيرا في مجال الإستثمار في التعليم سواء في المدارس الرسمية والأهلية وكذلك في الجامعات الرسمية والأهلية،على حساب العناية بمقومات الإقتصاد  (زراعة،تجارة،صناعة).


ولكن هذا التوسع في عملية التعليم لم يكن مدروسا،أدى إلى سعي الجميع بالحصول على الشهادة،طمعا بالحصول على الوظيفة،فجعل الفلاح يتخلى عن أرضه فباعها،كماأن البدوي باع حلاله،وصاحب الحرفة اليدوية تخلى عنها كل ذلك تم على أمل أن يحصل أولادهم على وظائف،وها نحن فقدنا أنفسنا وإذا بنا بلا أرض ولا حلال ولا حرفة،وخرجنا  من مولد الوظائف بلا وظيفة.


  كما أن سياسة الإستثمار في التعليم،قد أدى إلى تحويل الشعب إلى شعب ساع إلى وظيفة وجعل الشباب في عداد البطالة وطلبات توظيفهم على رفوف ديوان الخدمة تنتظر دورها،في الوقت الذي لا يوجد فيه شواغر للتوظيف.
    بل والأنكى من ذلك فإننا وصلنا إلى مرحلة توريث المناصب والمراتب والرواتب.
التوصيات:
****
   تنويه:
     لا بد لي إلا أن أنوه إلى أن ما قدمته من رؤية حول واقع  التعليم وما نأمله مستقبلا،قد  تناول موضوعا يقع في دائرة العلوم الإنسا نية،وهي علوم تدرس الواقع الإنساني بحوادثه المختلفة لتجلو ثوابته وتتفهم اتجاهاته.

   فالظاهرة التي تدرسها هذه العلوم هي ظاهرة إنسانية، فالدارس أو الباحث هنا هو الإنسان،والظاهرة المدروسة هي الإنسان ذاته،وهذا يعني وحدة الذات والموضوع في آن واحد،وهذا يميزها عن العلوم التجريبية حيث أن الدارس فيها مستقل عن موضوع الدراسة مما يعزز فرص توفر الموضوعية فيها أكثر من العلوم الإنسانية التي قيل فيها
(إنها كثيرة المناهج قليلة النتائج)ويعود ذلك إلى أن طبيعة الظاهرة الإنسانيةمعقدة مما يجعل دراستها تخضع لإجتهادات آراء وأفكار عديدة قد تكون متقاربة أومختلفة، وإن الإختلاف في الرأي ظاهرة صحية.

  ولما كنا بصدد وضع توصيات  لما نأمله،فإنني ومن خلال ما قدمته أرى ما يلي:
* وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب بغض النظر عن شهادته،وإنما يختار على ضوء الكفاءة والكفاية اللتين تؤهلانه لما يكلف به من أعمال.
*الإهتمام بكيان المعلم معنويا وماديا إيمانا بدوره في إعداد الأجيال ومنحه المكانة اللائقة به التي يستحقها لا منة عليه.
* تقييم واقع التعليم حاليا ووضع خطة تقويمية لتصويب وضع العمليةالتعلميةالتعليمية التربوية بشكل عام.
  *إعادةالنظر في أسس النجاح والإكمال والرسوب لتتماشى مع حاجات المتعلم والمجتمع المحلي والوطن.
* وضع المناهج بشكل تلبى فيه حاجات المتعلم والوطن.
* ان تشتمل المناهج على صقل شخصية المتعلم لتحقق توازنا بين أبعادها الأربعة العقلية والعاطفية والإجتماعية والج سمية.
* أن تهتم المناهج بالتركيز على اهم مقومات الإقتصاد المتاحة في البلاد واستغلالها.
* العودة إلى الإهتمام بإعداد كوادر التعليم وتدريبها لكي تحقق الأهداف المنشودة والمبتغاة للنهوض بالبلد.
* إعادة النظر بتشعبات المرحلة الثانوية والإستغناء عن بعض المسميات وتداخلاتها.
*إعادة النظر فيما عرف بعملية  الإستثمار في التعليم وبمخر
جاتها،وتحريرها من فكرة جني الأرباح المادية على حساب نوعية التعليم.
* إعادة النظر في تقييم بعض التخصصات المطروحة في الجامعات،فعلى سبيل المثال وليس الحصر فإن تخصص التربية الخاصة ينقصه وجود المختبرات السيكولوجية كما يجب ان تتوافر في مدرسيه الكفاءة والكفاية اللازمتين لتحقيق الأهداف،وأن لا يقتصر تدريسها كمساقات نظرية.
* زيادة الإهتمام بنوعية مخرجات عملية التعلم والتعليم وليس بأعدادها.

   وإنني إذ أقدم ما طرحته من آراء وأفكار إنما هي بمثابة اجتهاد خاص ينم عن تجربة طويلةفي ميدان العملية
التربوية،طالبا ثم طالبا معلما تحت التأهيل والتدريب،ثم معلما مدربا لإعداد وتأهيل المعلمين ما قبل خدمتهم، وأثناء خدمة البعض في ميدان التعليم،وقد أكون مصيبا أو مخطئا وفي كلتا الحالتين أنال إما أجريت أو أجرا واحدا وذلك أضعف الإيمان.

    والله من وراء القصد.








طباعة
  • المشاهدات: 7085
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-07-2023 03:20 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم