29-07-2023 12:20 PM
بقلم : د.باسم عيسى تليلان
ان الحق الأساسي لأي شخص خلقه الله تعالى هو حرية التعبير والرأي، فكيف للحياة أن تستقيم والعمل أن يتنظم وإن تتوافق أجزاء النظام الواحد في الدولة لتعبر القرون تلو القرون بالحفاظ على سيادة الشعب التي تمثل سيادة الدولة والنظام دون أن يتمتع أفرادها بحرية الرأي والتعبير. فان استقرار النظم السياسة يعتمد على مدى الانفتاح نحو الشعب ومنحه الحريات العامة وعلى رأسها الحرية الشخصية وحرية التعبير و بالرغم من ان الدستور الأردني كفل هذه الحريات بموجب المادة السابعة منه الا ان الحكومات تمارس سن قوانين تكرس الاحكام العرفية بقوالب ديمقراطية لإضفاء صورة للمجتمع الدولي تعكس شفافية تعاملها و تظهر إطلاق الحريات العامة وحق الحصول على المعلومة وسهولة التقاضي ضد الحكومة إلاّ أن التقارير الدولية تطال بعض ممارستها البعيدة عن شكل تلك الصورة بواقع ر بما يعتقل فيه الصحفيين ونشطاء الرأي ويجرموا بحزمة من القوانين فقد يجرم صحفي او ناشط على ذنب واحد بقانون المطبوعات والنشر والعقوبات أو الجرائم الالكترونية، فهل يعقل لحكومة تمارس الديمقراطية لعقود ان تقر قوانينًا بهذا الشكل؟
إنّ مؤشر التعددية السياسية مقياس مهم يعكس قدرة النظام السياسي على المشاركة وتوسيع طيف التمثيل السياسي للأمة وتفعيل دور الاحزاب عبر قانوني الانتخاب والأحزاب اللذان يؤثران بشكل جذري على تشكيل الحاكمية الرشيدة وترسيخ النهج الديمقراطي لدى النظام وهذا كله يبنى على مؤشر الحريات العامة فهي انعكاس مهم للتوجه السياسي للدولة إذ ينعكس تعامل الحكومة معها بمقدار ديمقراطيتها او قمعها للحريات العامة وهذا ما جاء في الاوراق النقاشية للملك و التي تضمنت "أن المسؤولية جلها في هذه الظروف تتمحور لتشجيع الحوار كشعب يسير على طريق التحول الديمقراطي وتشجيع قبول الرأي الآخر "واعتبر أن أهم ممارسات الديمقراطية هو كيف نختلف ضمن نقاشاتنا العامة و كيف نتخذ القرار؟ ودعا إلى أن احترام الراي الآخر الذي سيؤدي إلى تغيير نمط التفكير الذي يحول المجتمعات إلى مجموعات متنافسة على أساس أنا و الاخر
تقودنا الدعوة الملكية للحوار و التجمع و تنظيم اتخاذ مواقف موحده ديمقراطية إلى ذات المفارقة بين التوجه الملكي و المعاكسات الحكومية إذ إن الممعن ببعض المواد لقوانين منع الإرهاب وقانون الاجتماعات العامة و المطبوعات والنشر ومشروع قانون الجرائم الالكترونية يعلم أن هنالك تضاداً كبيراً بين دعوة الملك و تطبيق الحكومة، لا سيما بعد تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظمومة السياسية و اصدارها للوثيقة المرجعية التي اكدت على الحريات العامة وحقوق الانسان و الاعلام الحر المسؤول وجاء فيها "فإن إنضاج النموذج الديمقراطي يتطلب وجود إعلام حر مسؤول يجعل مهمة النقاش الوطني ميسرة
بالرغم من مخرجات اللجنة الملكية و الرأي الملكي في الاوراق النقاشية و التزام الحكومة الأردنية أمام الدول المانحة بالإعلان العالمي لحقوق الانسان وقد نص "لكل شخصًا حقِ التمتع بحرية الرأي والتعبير ، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقه في التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الاخرين ، بأي وسيلة ودون اعتبار للحدود" .
الا انها تقدم مشروع قانون الجرائم الالكترونية بصيغ لا تتناسب اطلاقا مع المرحلة محليا و دوليا و تخالف مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية و بالتزامن مع قانوني الاحزاب و الانتخاب الجديدين اللذان يتطلبان مزيدا من الحريات العامة لضمان نجاح التجربة على الاقل و التي لا يمكن ان تنسجم مع قانون يكمم الافواة و يقييد الحريات العامة .
فقد جاء مشروع القانون عبر وزير الاقتصاد الرقمي في الوقت الذي اغفل فيه ضبط الفضاء الالكتروني الاردني وصياغة محددات رسمية تمنع استغلال المواطن عبر العروض الوهمية او غير المقيدة بالمكان التجاري و التراخيص اللازمة لممارسة اعمالهم حماية لمواطنين كثر وقعوا فريسة الاحتيال ربما و ضياع الوقت و المال لا ان تتوجه الحكومة لتبحر عكس التيار و تغرد خارج السرب عبر طرح قانون يناهض القيم الديمقراطية ويكمم الافواه .
د. باسم تليلان
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-07-2023 12:20 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |