حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 677

الإبحار في حالة عدم اليقين

الإبحار في حالة عدم اليقين

الإبحار في حالة عدم اليقين

30-07-2023 08:17 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. عدلي قندح
نعلم أن المشهد الاقتصادي عبارة عن شبكة معقدة من البيانات والسياسات والشكوك، فعند تحليل التوقعات الاقتصادية لبلد أو منطقة ما، يجب على صانعي السياسات والاقتصاديين أن يتعاملوا مع التفاعل بين البيانات الاقتصادية وعدم اليقين المتأصل الذي يميز النظام الاقتصادي العالمي. ومن بين العوامل المختلفة التي تؤثر على النمو الاقتصادي والاستقرار، يلعب تأثير الفارق الزمني time lag في تأثير السياسة النقدية دورًا حاسمًا في تشكيل مسار الاقتصاد.

وبما أن السياسة النقدية هي مجموعة الإجراءات التي ينفذها البنك المركزي للتحكم في المعروض النقدي وأسعار الفائدة وتوافر الائتمان لتحقيق أهداف اقتصادية محددة، وابرزها الاستقرار النقدي، ممثلا بالمحافظة على مستويات متدنية من التضخم، أقرتها التشريعات في الاقتصادات المتقدمة عند نسبة 2%. فتستخدم البنوك المركزية أدوات السياسة النقدية، مثل تعديل أسعار الفائدة أو تنفيذ سياسات التسهيل الكمي، للتأثير على الاقتراض والإنفاق وسلوك الاستثمار. وبمجملها تهدف هذه الإجراءات إلى استقرار الأسعار، والمساهمة في تحقيق العمالة الكاملة، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.

أحد الجوانب المهمة للسياسة النقدية هو الفاصل الزمني الذي يستغرقه ظهور آثارها في الاقتصاد. حيث يمكن تصنيف هذا التأخير الزمني على نطاق واسع إلى ثلاث فئات: أولها، تأخر الاعتراف: هذا هو الوقت الذي يستغرقه صانعو السياسة لتحديد التغيير في الظروف الاقتصادية التي تتطلب التدخل. يتضمن جمع وتحليل البيانات الاقتصادية، والتي يمكن أن تتأخر أحيانًا أو تخضع للمراجعات. وثانيهما، التأخر في التنفيذ: فبمجرد أن يدرك صانعو السياسة الحاجة إلى اتخاذ إجراء، يكون هناك فارق زمني بين تنفيذ تدابير السياسة النقدية وتنفيذها الفعلي. حيث يتأثر هذا التأخير بالعمليات البيروقراطية والاعتبارات السياسية وقنوات الاتصال. وثالثهما، تأخر التأثير: ويشير تأخر التأثير إلى الوقت الذي تستغرقه تغييرات السياسة المنفذة لممارسة تأثيرها الكامل على الاقتصاد. وعادة يحدث هذا التأخير بسبب عوامل مختلفة، مثل الوقت اللازم للشركات والمستهلكين لتعديل سلوكهم استجابة لتغيرات السياسة.

أما عدم اليقين فهو جانب دائم الوجود في المشهد الاقتصادي، وينشأ من مصادر مختلفة، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية، والاضطرابات التكنولوجية، والكوارث الطبيعية، والتحولات غير المتوقعة في معنويات المستهلك والأعمال. أما مسألة توفر البيانات الاقتصادية، مثل نمو الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات البطالة والتضخم، فهي رؤى مهمة للوضع الحالي للاقتصاد. ومع ذلك، يمكن أن يحجب عدم اليقين دقة وموثوقية هذه البيانات، مما يجعل من الصعب على صانعي السياسات اتخاذ قرارات مستنيرة.

ومن هنا نجد أن التفاعل بين الفاصل الزمني لتأثير السياسة النقدية وحالات عدم اليقين قد تخلق نظرة اقتصادية ديناميكية ومعقدة. فما بالك عندما تكون حالة عدم اليقين عالية، عندها قد يتبنى صانعو السياسات نهجًا حذرًا لتجنب تفاقم المخاطر المحتملة. في مثل هذه الحالات، يمكن أن يؤدي التأخر في التعرف على التغييرات السياسية وتنفيذها إلى ضياع الفرص لمواجهة التحديات الاقتصادية على الفور.

من ناحية أخرى، يمكن للتوقعات الاقتصادية المفرطة في التفاؤل أو التشاؤم أن تؤثر أيضًا على فعالية السياسة النقدية. إذا تصرف صانعو السياسات بسرعة كبيرة بناءً على بيانات غير كاملة أو غير دقيقة، فقد يؤدي ذلك إلى أخطاء سياسية قد يكون لها عواقب سلبية على الاقتصاد.

وبالنظر إلى الطبيعة المتشابكة للبيانات الاقتصادية وعدم اليقين، يجب على صانعي السياسات والبنوك المركزية تبني استراتيجيات حكيمة للتغلب على هذه التحديات بفعالية: ويكون ذلك من خلال تعزيز شفافية جمع البيانات الاقتصادية وتحليلها لتقليل عدم تناسق المعلومات وتزويد صانعي السياسات برؤى دقيقة في الوقت الفعلي عن حالة الاقتصاد. ومن خلال تعزيز قنوات الاتصال بين البنوك المركزية والجمهور لإدارة التوقعات وتقديم مبرر واضح وراء قرارات السياسة. علاوة على وضع وتقييم سيناريوهات اقتصادية مختلفة لفهم أفضل للتأثيرات المحتملة لتغييرات السياسات، خاصة في البيئات غير المؤكدة.

كثير من الاقتصاديين كانوا يتوقعون حدوث ركود اقتصادي في الولايات المحتدة نتيجة لحملة بنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع الفائدة لإبطاء النمو والقضاء على التضخم، إلا أن البيانات المتوفرة حتى الان تشير الى عدم وجود ركود، ولكن السؤال الذي يطرح هو «بما أن الفارق الزمني في تأثير السياسة النقدية لا يزال موجودا فهل يشير ذلك الى امكانية حدوث الركود مستقبلاً؟ نترك الاجابة لعامل الزمن.








طباعة
  • المشاهدات: 677
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
30-07-2023 08:17 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم