31-07-2023 08:57 AM
سرايا - رغم التحديات التي تحيط ببيئة ريادة الأعمال إلا أن ثمة دوافع يمكن أن تسهل طريق النجاح أمام الشركات الناشئة في مرحلة التأسيس والإنطلاق في تحقيق المبيعات والتوسع والانتشار وفي جلب الاستثمار والتمويل والتحول إلى مشاريع اقتصادية منتجة ومؤثرة.
وأكد خبراء محليون أن هنالك عشرة عوامل ومفاتيح من شأنها أن تساعد الريادي في إنجاح فكرته وشركته الناشئة والخروج إلى الأسواق العربية والعالمية لا سيما مع صغر السوق المحلية، منها ما يتعلق بالريادي نفسه، أو فكرته، أو فريق العمل، أو البيئة المحيطة بريادة الأعمال.
يأتي ذلك في وقت تشير فيه الدراسات العالمية إلى أن 80 % من الشركات الريادية تتعرض للفشل بل تفشل تماما في عامها الأول وأن 90 % من كل الشركات الناشئة في جميع مراحل حياتها تفشل وتخرج من السوق وهي أرقام تنطبق على منظومة ريادة الأعمال الأردنية.
وبلغة الأرقام، يحتل قطاع ريادة الأعمال في الأردن المركز الرابع على مستوى الإقليم، مع وجود 17 مؤسسة تمويلية للمشاريع الريادية منها 14 صندوقا استثماريا خصصت مجتمعة 110 ملايين دولار للاستثمار في المملكة، وأكثر من 40 حاضنة ومسرعة أعمال في المملكة.
أرقام رسمية أخرى تظهر أن الأردن يحتضن 200 شركة ناشئة مسجلة، كما تظهر الأرقام أن العام 2021، شهد ارتفاعا في حجم الاستثمار في الشركات الناشئة في المملكة، إذ وصل إلى حوالي 120 مليون دينار، مقارنة بحوالي 20 مليونا في العام الذي سبقه.
العنصر البشري مهم في المراحل المبكرة
وقال الرئيس التنفيذي للصندوق الأردني للريادة (ISSF) محمد المحتسب "من اهم مقومات نجاح الشركات الناشئة هو العنصر البشري متمثلا في الريادي نفسه المؤسس وشخصيته فلا بد ان يمتلك " الكاريزما" التي تمكنه من تقديم فكرته للمجتمع والسوق والجهات الداعمة والمستثمرة، ويمتلك صفات الذكاء في التسويق والتعامل مع السوق ومواجهة تحديات البداية في المراحل المبكرة لعمل الشركة.
وقال المحتسب " العنصر البشري يظل دائما أهم من الفكرة نفسها، وتتواصل أهميته مع تقدم المشروع وبناء فريق العمل، الذي يجب أن يكون منسجما ثابتا على نفس الرؤية".
منتج يحل مشكلة حقيقة
أكد الخبير في مجال ريادة الأعمال نضال قناديلو إن من أبرز مقومات نجاح الشركات الناشئة في البدايات هو ان تقدم منتجا " يحل مشكلة في المجتمع أو الاقتصاد أو في أي قطاع كان"، بمعنى منتج يشكل أولوية قصوى لدى المستهلك سيدفع من اجل الحصول عليه واستخدامه.
وقال قناديلو "على الريادي ان يقوم بالتحقق من صحة وجدوى افتراضاته في البداية بأن هذا المنتج او الخدمة تحل مشكلة او تسد حاجة لدى المستهلك، وأن يتأكد من صحة الافتراض ومن ثم يقوم بالإنتاج والمضي في العمل ومتابعة التغذية الراجعة من الناس كلما تقدم في المشروع".
وأكد أن إيجاد منتج عليه طلب يساعد في نمو الشركة كما ويمكنها من استقطاب الاستثمارات مستقبلا.
الشغف والإصرار
وقال مدير مركز الابتكار والريادة في الجامعة الأردنية د.يزن الزين "أهم مقومات نجاح الشركات الناشئة هو مفهوم الشغف تجاه الفكرة والشركة وما تقدمه، وهو أمر يزود الريادي ويمده على الدوام بالحماسة والنشاط المتواصل غير المنقطع تحاه العمل والتطوير".
وقال الزين " بيئة ريادة الاعمال تطورت كثيرا مقارنة بسنوات سابقة فهناك العديد من الجهات الداعمة لريادة الاعمال والصناديق الاستثمارية الممولة وهناك مصادر كثيرة للارشاد والتوجيه، وكل ذلك قد لا ينجح الشركة إذا لم يمتلك الريادي الشغف بفكرته وشركته".
وأشار الزين إلى أن صفة "الشغف" تدفع الريادي للعمل بإخلاص ومن دون الارتباط بوقت معين، ويمده بالقوة لمواجهة كل التحديات باختلاف انواعها ومصادرها.
بناء فريق عمل متميز
من جانبه أكد المدرب في مجال ريادة الأعمال محمد الإفرنجي أن بناء فريق عمل قوي ومتميز يعتبر من أهم مقومات نجاح الشركات الناشئة.
ودعا الإفرنجي الرياديين لدى تأسيسهم شركاتهم الخاصة إلى القيام ببناء فريق عمل متميز متنوع المهارات ومتناغم بكيمياء وثقافة مشتركة لان لا أحد يستطيع بناء شركة ناشئة ناجحة بمفرده.
وقال "يحتاج الريادي إلى فريق من الأشخاص الموهوبين والملتزمين الذين لديهم شغف برؤيته ورؤية الشركة الناشئة ، وعليه أحاطة نفسه بأشخاص أذكى منه، يتحدونه ، ويساعدونه في تحقيق أهدافه".
وبين الإفرنجي أنه لدى اختيار الريادي لفريقه عليه ان يعتمد أسسا ومعايير مهنية وان يعطيهم الحافز للعمل في كافة مراحل الشركة.
بيئة ريادة أعمال مواتية
ترى الريادية رموز صادق صاحبة مشروع "مرايتي" أن وجود منظومة ريادة أعمال وبيئة ريادية واقتصادية محفزة على ريادة الأعمال هي من الأمور المهمة لنجاح الريادي في انشاء شركته وانجاحها.
وبينت صادق، التي تشرف على مشروع متجر إلكتروني واعد لمستحضرات التجميل والعناية بالبشرة ومنتجات ببصمة محلية، أن البيئة الاقتصادية الصحية لريادة الأعمال ستوفر شركاء ومؤسسات وصناديق استثمارية متحفزة للاستثمار في الشركات الناشئة، ستوفر قوانين وتشريعات داعمة ومتفهمة لعمل الريادي وحاجة الشركات الناشئة للنهوض في أول سنوات عمرها.
الخبرة
على صعيد متصل قالت صادق "الخبرة تعد أمرا مهما لنجاح الشركة الناشئة، فالخبرات التي يمتلكها المؤسس عادة ما تساعده في كل جوانب التاسيس والانطلاق والتقدم في المشروع".
وأكدت أن الدراسات العالمية تظهر أن الشركات الناشئة التي تنجح عادة ما يؤسسها رياديون من ذوي الخبرة بمعدلات اعمار تتجاوز الـ 35 عاما، والذين سبق لهم العمل أو جربوا تأسيس شركات ناشئة سابقا، رياديون جربوا وعملوا واختبروا الأسواق والأعمال.
المثابرة
المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة " ميس الورد" المتخصصة في العاب الموبايل نور خريس يرى أن المثابرة هي صفة مهمة للنجاح في عالم ريادة الأعمال، معرفا اياها بانها قدرة الريادي على متابعة الأهداف وتجاوز العقبات على الرغم من التحديات والفشل.
وقال خريس الذي نجح في قيادة شركته على مدار عشرين عاما في قطاع نام متسارع التطور مثل الألعاب الإلكترونية "دون المثابرة، لا تتحقق العديد من المشاريع الريادية أبدا، وخصوصا أن الكثير من رواد الأعمال يواجهون كثيرا من التحديات مثل المنافسة في السوق، والقيود المالية، والتقدم والتغير التكنولوجي، حيث تفشل العديد من المشاريع الجديدة في أول سنواتها بسبب هذه التحديات، وفقط رواد الأعمال المثابرون الذين يستمرون هم من يتمكنون من التغلب على هذه الصعوبات وتحقيق النجاح في النهاية".
وبين خريس أن المثابرة أساسية أيضا في مواجهة الفشل، إذ يتعرض رواد الأعمال لتراجعات وخيبات أمل في رحلتهم، وأن القدرة على الاستمرار رغم هذا الفشل، والتعلم منها، وإجراء التعديلات اللازمة هو ما يفصل رواد الأعمال الناجحين عن الآخرين، بدلا من الاستسلام، يعتبر رواد الأعمال المثابرين الفشل فرصة تعلم قيمة تقربهم من أهدافهم.
واكد ان المثابرة تعتبر ضرورية لبناء شبكة قوية وتأمين الموارد اللازمة كما يتطلب بناء عمل ناجح التعاون والدعم من الأفراد الذين يمكن أن يقدموا الإرشاد، والتوجيه، والاستثمار، أو أنواع الدعم الأخرى فرواد الأعمال المثابرين نشطين في البحث عن هذه العلاقات وتعزيزها، حتى في مواجهة الرفض أو التراجع.
وعلاوة على ذلك، قال خريس "المثابرة ضرورية للحفاظ على الدافع والمرونة خلال الأوقات الصعبة وغالبًا ما تكون رحلة الريادة مليئة بالارتفاعات والانخفاضات وهناك لحظات من الانتصار ولحظات من اليأس خلال أوقات الضغط أو الخيبة، إنها المثابرة لرواد الأعمال التي تبقيهم أكثر تركيزا على أهدافهم، مما يمكنهم من التقدم وتجاوز العقبات.
التكيف
أكدت المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة " أمهات 360" دينا عبد المجيد أن "التكيف" يعتبر واحدا من أهم أسباب النجاح للشركات الناشئة وخصوصا اننا نعيش اليوم في عالم سريع ومتغير، وهو مايتطلب من الريادي ان يكون قادرًا على التأقلم وتكييف عمله مع هذه التغييرات المستمرة.
وقالت عبد المجيد التي تدير منذ سبع سنوات منصة عبر الإنترنت وتطبيقا للهاتف المحمول يربط الأمهات حول العالم بأطباء وخبراء معتمدين، وتقدم محتوى ودورات مجانية باللغتين العربية والإنجليزية، إن "على الريادي أن يكون على استعداد لتغيير خططه واستراتيجياته وحتى المنتج إذا لزم الأمر".
وضربت مثلا "جائحة كورونا " التي شكلت أكبر تغير طرأ على حياة الناس كمفاجأة غير متوقعة، وقالت "بالنسبة لشركتنا فقد حولنا ورشاتنا من شخصية الى الكترونية ، كما اطلقنا التطبيق الهاتفي الذي ساعد على رقمنة خدماتنا منها برنامج الخصومات الذي يساعد الامهات على الحصول على أفضل المنتجات والخدمات بأقل الأسعار".
مهارات التواصل والمهارات الإدارية
قال الخبير والمدرب في مجال الابتكار والريادة د.ضياء قاسم "على الريادي أن يمتلك نوعين من المهارات لانجاح شركته الريادية ووضعها على المسار الصحيح، وهي مهارات التواصل والاتصال، والمهارات الإدارية".
وبين قاسم أن مهارات الاتصال ضرورية لتواصل الريادي وتفاهمه وتناغمه مع فريق العمل، وفي تحديد ادوار الفريق واعمالهم وتنسيقها بشكل يخدم اهداف الشركة الناشئة ورؤيتها، كما انها قد تلعب دورا هاما في تواصله مع الخارج ومع البيئة المحيطة بالشركة والشركاء والمستثمرين.
وأكد قاسم أن المهارات الإدارية، إدارة التسويق، إدارة الموارد البشرية، الإدارة المالية، هي من أهم روافع النجاح للشركة الناشئة لا سيما في البدايات، لافتا الى ان سوء الإدارة لموارد الشركة المالية مثلا قد يتسبب في خروجها من السوق كليا.
ويرى قاسم أن شركاتنا الناشئة لا يوجد ضعف فيها على مستوى المهارات التقنية ولكنها بحاجة الى تعزيز المهارات الإدارية التي عادة ما يهتم بها المستثمرون لدى توجههم لتمويل الشركات الناشئة.
تطويع التكنولوجيا يخفف التكاليف
قال المدير العام لـ"بيوند كابيتال" -الشركة المعنية بدعم الشركات الناشئة- تامر الصلاح " التكنولوجيا اليوم ساعدت الكثير من الرياديين في النجاح وخصوصا مع ما نعيشه اليوم من تحول رقمي في كل القطاعات" داعيا الرياديين لاستغلال كل وسائل التكنولوجيا في تأسيس اعمالهم او تسويقها وادارتها.
وقال "التقنيات الحديثة تخفف التكاليف على الرياديين في البداية تأسيس مشاريعهم وهم يحتاجون في هذه المرجلة الى السيولة بشكل كبير".
وأكد أن التكنولوجيا اليوم وشبكات التواصل الاجتماعي جميعها تساعد الريادي في الخروج إلى أسواق مجاورة والتوسع بأقل التكاليف لا سيما مع صغر حجم السوق الأردنية.