حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1520

ماذا نستفيد من دراسة الفلسفة؟؟

ماذا نستفيد من دراسة الفلسفة؟؟

ماذا نستفيد من دراسة الفلسفة؟؟

31-07-2023 03:22 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.عبدالكريم الشطناوي
(تنويه: ترددت في تجزئة الموضوع إلى جزئين،ونظرا للحفاظ على وحدته وتوارد وترابط أفكاره،فقد قدمته كوحدة واحدة. معذرة منكم أيها الأحبة)


قبل الإجابة لا بد من إلقاء الضوء على مفهوم الفلسة بصورة موجزة لكي نوضح معناها وننقيه عما هو دارج
وشائع حولها.

بداية فإن كلمةالفلسفةيونانية الأصل مشتقة من مصطلح (فيلوسوفيا) وهو مُكوَّن من فيلو وتعني حب،وسوفيا تعني الحكمة،وبذلك فإنها تعني حب الحكمة،ويُنسَب هذا المصطلح إلى فيثاغورس الذي أطلق على نفسه لقب فيلسوف.

ولأنها مفردة غريبة عن لغتنا فإن وقعها على أذن السامع تأخذ مدلولين:
قريب: وهو مدلول شعبي  يتمثل بنظرة الناس إليها بنوع من الإستخفاف ووصف من يتحدث بعبارات غامضة وأفكار غير مألوفة بأنه يتفلسف.

  بعيد: مدلول علمي حيث أنها عند مفكري اليونان الأوائل تعني المعرفة الخالصة وأن هدفها هو البحث عن الحقيقة.
وفي هذا المقام أستذكر الفيلسوف ابن رشد(١١٢٦/ ١١٩٨م)الذي وضع كتابا بعنوان (فصل المقال في تقرير ما بين الحكمة والشريعة من الإتصال) ويعني بالحكمة الفلسفة، فهو يراها بأنها صاحبة الشريعة وأختها الرضيعة وغايتهما واحدة هي معرفة الحق (والحق لايُضَاد الحق،بل يوافقه ويشهد عليه).


يرى إبن رشد:أن الإدعاء بأن الفلسفة تؤدي إلى الإلحاد فهذا وهم باطل،ويقول(إنّ مَنْ مَنعَ النظر في كتب الحكمة ممن هو أهل لها،من أجل قوم من أرذل الناس قد يُظنُّ بهم أنهم ضلوا من قِبَلِ نظرهم فيها،مثل من منع العطشان شرب الماء البارد العذب حتى مات من العطش، لأن قوما شرقوا به فماتوا،فإن الموت من الماء بالشرق أمر عارض،ومن العطش أمر ذاتي ضروري).

ولقد تعرض ابن رشد لمحنة من الخليفة أبي يعقوب يوسف الموحدي الذي نفاه إلى مراكش وأمر بحرق كتبه.

   **يعتبر تعريف الفلسفة جزء من اهتماماتها،فهي تعنى أكثر من غيرها بوضع تعاريف وحدود للأشياء،وقد وُصِفت بأنها علم التعاريف.

     ولما كانت الفلسفة غالبا ما تتناول أشياء غالبا ما تكون غير مألوفة،هي افكار ومفاهيم وتصورات مجردة،فمن الوهلة الأولى لا تكون واضحة،هذا من جهة،ومن جهة أخرى فإن الفيلسوف يصدر عمله عن تفكيره واجتهاده الخاص،فمن المنتظر منه أن تكون أبحاثه تختلف عن أبحاث غيره من الفلاسفة،ولذلك قيل هناك فلسفات بعدد الفلاسفة،ومن هنا فإننا لا نكون أمام فلسفة واحدة وإنما أمام فلسفات كثيرة.
    تناولت الفلسفة في نظرتها الكون والإنسان يشيدها العقل
،ولذا فقد عَرَّفها المفكرون بأنها أم العلوم،وأنها أيضا البحث عن الحقيقة...
بعد هذه التوطئة فإنني أحاول إيجاز الفائدة من دراستها:
   ولما كانت الفلسفة نظرة إلى الكون والإنسان معا فقد جعلها ذلك تهتم بالتعريف بالأشياء ومعرفة طبيعتها وحقيقتها وهذا يجعلنا:
  *نجدها تقتحم المجهول ولا تخشاه بسؤالها الأكبر(لماذا،كيف
....؟)ولا تعطي الجواب النهائي لأن في ذلك نهاية للفلسفة بل نهاية للتفكير ذاته،فهي تطرح
(السؤال الدقيق)لتحصل على الجواب وبعد ذلك تطرح من الجواب سؤالا جديدا وهكذا كي تستمر عملية البحث،وقد عبر عن ذلك الفيلسوف الوجودي كارل ياسبرز بقوله:
(الأسئلةفي الفلسفة أهم من الأجوبة،إن كل جواب يصبح سؤالا جديدا).
    فالفائدة هنا إذن تتمثل في صياغة السؤال،فلو كنافي وقت النهار وتساءلنا:
   هل هذا الوقت وقت النهار حقا؟وهنا نصبح مضطرين في البحث عن دليل أو مقياس نستندعليه في حكمنا،نتساءل: ما علامة النهار؟هل هي ظهور الشمس؟لكنها ألا تختفي حين الكسوف،وفي تَلبُّد الغيوم،كما أننا عندما ندخل كهفا ومع ذلك نصر على أنه نهار؟
  قد يقول آخر: ان النهار وقت يقظة وعمل،فيجيبه آخر:لكننا ننام في النهار ونعمل بالليل.
   وهكذا فإننا ندخل في دوامة أسئلة لها أول،لا آخر لها ويصبح
حالنا حال المتنبي عندما قال:
وليس يصح في الأذهان شيء
    إذا إحتاج النهار إلى دليل
   وهكذا فإن هذا السؤال غير دقيق فقد أدخلنا في دوامة سين وجيم،مثل الجاجة من البيضة ام البيضة من الجاجة.
    هذا الحال غير مقبول عند الفيلسوف فلو أنه طرح نفس المشكلة فإن سؤاله:يكون هل هذا وقت نهار أم ليل؟فالسؤال هنا يتضمن جوابا وهو أن كلا منهما وقت أي زمان.
فالمشكلة هنا تأخذ طابعا عاما،
كما يتخذ البحث مجرى آخر  لمعرفةمعنى الزمن وهنا نطرح:
  هل نعني بالزمن مقدار حركة الكواكب أوتوالي حالات الشعور
هنا نكون أمام نوعين من الزمن:
   طبيعي: علمي خارجي.مثل تعاقب الليل والنهار والفصول الأربعة،والزمن الذي نقضيه أثناء سفرنا من اربد إلى عمان.
   نفسي: شعوري داخلي.مثل الفترة الزمنية التي نقضيها مع اعزاء في حالة سعادة وسرور، ولمتعتها فإننا نشعر بأنها سريعا لم نحس بالزمن الطبيعي الذي مر علينا.
وقد نطرح مثلا آخر:
      فلو تساءلنا عن مفهوم الأنا فالفيلسوف يرى بوجود نوعين له:
   سطحي: مشغول مع حوادث العالم الخارجي المرتبط بالزمن الطبيعي.
عميق:غارق في حوادث الشعور
،أي الزمن النفسي.
  * ولما كانت الفلسفة تختص في التعريف عن الأشياء،فإننا نجدُمثلا أن عالم العلوم لا يهتم بتعريف علمه ولا بتحديد معنى الكلمات التي يستخدمها مثل:
سبب،قانون،مادة...الخ ليس كسلا منه أو لعدم معرفته بها،
بل لأنه يعرف أنه ليس من إختصاصه بل من إختصاص الفيلسوف.
* كما أننا نجد صلتها بالعلم،
فقديما كان الفيلسوف عالما والعكس صحيح،وقيل بأن الفلسفة وراء العالم وأمامه، فهي تنطلق من نتائج العلم ليس من أجل إتمام عمل العالم
،بل ليطرح على ضوء تلك النتائج مشكلة أوسع وأشمل فتضع نتائج العلم نفسه موضع السؤال مما يدعو العالم للإجابة عليه ومن ثم يأخذ الفيلسوف الجواب ويطلق منه سؤالاجديدا
وهكذا يستمر البحث.
* ونجدها أيضا تُعَلِمُ كيف يفكر الإنسان،فهذا(كانت)الفيلسوف يقول:نحن لا نعلم الإنسان الأفكار إنما نعلمه كيف يفكر.
  كما نجد من سماتها الأساسية:
١) أنها تفكير نقدي تحليلي،فهي تعتمد تحليل الآراء والمعارف والتصورات،والنظريات،تحليلا نقديا من أجل كشف حقيقتها
أو زيفها ولذلك :
#فهي تنقد الأسس التي تقوم عليها تلك المعارف،فنحن يصلنا بعض الآراء منها الصح ومنها الخطأ،هنا فإننانستخدم أسلوب الشك المنهجي لنتأكد من صدق المعلومة وننطلق منها لتقويم ما تلقيناه من آراء ومعلومات وهكذا نكون قد تحررنا من الخطأ ونبني البنيان الصحيح.
#ومن ثَمَّ تتجاوز ذلك الى نقد  وتحليل المعرفة ذاتها فتبحث في إمكانية قيام المعرفة وفي الطرق التي توصل لها،وايضا
في تحديد شروطها وغيرهامما يدخلنا  في إطار نظريةالمعرفة.
كما أنها تهتم بالمهمة النقدية التحليلية:
   وهي التي تعني البحث في مناهج العلوم المختلفة: من رياضيات وطبيعيات وعلوم أنسانية،من أجل كشف الأسس التي تقوم عليها وبيان صلاحيتها ومدى تميز كل علم من العلوم بموضوعه ومنهجه،
وأيضا مدى ترابط وتداخل العلوم ببعضها،وهي كلها تدخل في إطار نظرية المعرفة
(الأبستمولوجيا).
٢) كما أنها تفكير تأملي تركيبي:
  والبحث الفلسفي علاوة  على أنه نقدي تحليلي فهو يسعى جاهدا الخروج من أبحاثه إلى بناء تأملي تركيبي متناسق متماسك يحرص فيه على وحدة الكل،حرصه على وضع كل جزء من أجزائه في مكانه المناسب،وهذه الخاصية تعرف بالشمولية(العمومية).
والتفكير الفلسفي يكون نطاق نشاطه واسعا غير محدود ومجال بحثه شاملا غير مقيد،
وهو يدرس التجربة ككل أو يدرس جانبا منها في علاقته بالكل.
هناك بعض المغالطات الشائعة والتي تتردد على الألسنةكقولنا:
لا يصلح العطار ما أفسده الدهر،
فهنا نرى أن الدهر هو الزمن وهو من مخلوقات الله لا ذنب له بما يجري حولنا،فالعطار هو الذي يرش عطره على الدهر فإن كان عطره رائحته زكية فهوكذلك وإن كان عطره فاسدا فرائحته نتنة،ولذا فالأصوب أن نقول:لا يصلح الدهر ما أفسده العطار.وأيضا عندما نطلق اسم
جامعة البلقاء التطبيقية على كل الكليات الجامعية من العقبة إلى عقربة فهنا مغالطة منطقية تتجلى بأن الجزء يساوي الكل، لكن لو أطلقنا على هذه الأجزاء إسم الجامعة الأردنية فإننا لا نقع في المغالطة المنطقية لأنها
تحمل إسم الكل،وغيرها كثير من الأمثلة.
والخلاصة فإن الفلسفة بحث شمولي في الكون والإنسان معا،سلاحها السؤال الكبير لماذا؟
     فهي تقتحم المجهول لسبر غوره ومعرفة كنهه والتعريف به بنظرةنقدية تحليلية،وتأملية تركيبية،لتمييز الغث والسمين من المعرفة الإنسانية وماوصل إليه من علوم بشتى أنواعها
    وهنا تتضح قدرة الفرد على محاكمة ما يصله من  معلومة ومعرفة ليتبين الصح او الخطأ منها.
  كما أنها لا تهتم بتعليم الأفكار أي تحفظيها وإنما تهتم بتعليم الفرد كيف يفكر،فتبتعد عن أسلوب التلقين في التعليم وتهتم في البحث والإكتشاف
في الأسس العامة للتفكير عامة والتفكير المنطقي خاصة،وحث الفرد على الجد والمثابرة في سبيل الوصول إلى المعلومة.
     وكم هو محزن عندما تجد معلومات خاطئة متداولة على صفحات شبكات التواصل فلو
دققنا النظر لَمَيَّزنا الغث من السمين،وهناك تغريدات كثيرة
تُحوَّل من وإلى،فيقرأ الواحد منا رأيا فيعجبه فيقوم على الفور بترويجه على علاته،وها نحن في جو محموم من فتاو وآراءتتبع الجهة العلانيةأو الملة
الفلانية.
         واستغفر الله العظيم.
( وقل رب زدني علما)
د.عبدالكريم الشطناوي.








طباعة
  • المشاهدات: 1520
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
31-07-2023 03:22 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم