حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 7301

وقِفوهم إنّهم مسؤولون، وقِفوها إنّها منصّاتُ تجهيلٍ لا تعليمٍ

وقِفوهم إنّهم مسؤولون، وقِفوها إنّها منصّاتُ تجهيلٍ لا تعليمٍ

وقِفوهم إنّهم مسؤولون، وقِفوها إنّها منصّاتُ تجهيلٍ لا تعليمٍ

02-08-2023 12:08 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.عماد زاهي نعامنة
مسلسل دراميٌّ مُبْكٍ مُحزنٌ ذاك الذي يتوالى عامًا فعامًا، مبتغيًا تعكيرَ صفوِ امتحانِ الثانويّةِ العامّةِ، فيزداد لهاثَ منصّاتٍ ومواقعَ ومراكزَ تجاريّةٍ تحسبُ نفسَها تعليميّةً شمّاء، وتطلق العنانَ للُعابِها، وتشحذُ أنيابَها المسمومةَ؛ لتنهشَ جيوبَ أولياءِ أمورِ طلبتِنا، وتعيثَ فسادًا في أدمغةِ أبنائِنا ذوي الثانويّةِ العامّة... َ

والطّامةُ الكبرى وجحيمها تنجلي حينَ تأتي الورقةُ الامتحانيّة على غيرِ ما كانوا يأفكون، ويتضاعف أزيزها حين تصدرُ النتائجُ على غيرِ ما يتمنّوْنَ، مُتنصّلينَ من سُحتهم وبهتانهم، فيلوكونَ وزارةَ التربيةِ والتعليمِ بألسنةٍ سليطةٍ حِدادٍ، ويجلدونَ إدارةَ الامتحاناتِ والاختباراتِ بسياطٍ غلاظٍ شِدادٍ، ويصبّونَ جامَ غضبِهم على مُعِدّي الأوراقِ الامتحانيّةِ، مُتناسينَ ما اقترفتْ أيديهم من سوء فِعلة وشرّ قِيْلة بما يدّعونه من مسمّياتٍ ما أنزل اللهُ بها من سلطانٍ، مثلِ: منصّة المليونِ، ومنصّة العلامة الكاملة (الفل).... ويمطرونَ الطّلبةَ بملخّصاتٍ هوجاءَ ومكثّفاتٍ عرجاءَ، وشروحاتٍ مُقزّمةٍ رعْناءَ، وغير ذلك ممّا لَفَّ لفَّها منْ هرطقاتٍ وأقاويلَ هلاميّةٍ ينفثها عددٌ منْ منتسبي تلك المنصّات ذوي البطولاتِ ا(لدونكيشوتيّة) الكرتونيّةِ.


... فأقولُ وما القولُ بالتّمنّي، ولكنْ تؤخذُ الأمورُ غِلابًا، يا طلبةَ الثانويّةِ العامّةِ، إيّاكُم والمنصّاتِ التّجاريّةَ الّتي تغرّرُ بكم وبأولياءِ أمورِكم، بتهريجِهم وتخريصِهم؛ وسأزجي في هذا المقامِ مواقفَ حيّةً لِما دارَ في أروقةِ طائفةٍ من تلكَ المنصّاتِ المشبوهةِ:
فإحدى المنصّاتِ التي تسمّي نفسَها تبجُّحًا (منصّةَ المليونِ) بثّتْ درسًا لأحدِ مدرّسيها يُصغّرُ فيهِ الاسمَ (عبير) على (عُبيِّرة) بإضافةِ تاءِ تأنيثٍ.. وهذا جهلٌ مطبقٌ وخطأٌ محقّقٌ وخطيئةٌ نكراءُ، وظلمٌ للطلبةِ ما بعدَه ظلمٌ.
هو أتخمَ جيوبَه بأموالٍ ليستْ منْ حقّه، ثمّ أدارَ ظهرَه وتولى، وتركَ الطالبَ وراءَه يتلوّى.

وأستاذٌ آخرُ على منصّةٍ ترى نفسَها منصّةً ما بعدَها أخرى راحَ يهذي ويهرفُ بما لا يعرفُ بأنْ لا شدّةَ على كلمة (أمانيّ)، وإنْ جاءت فهي للضرورةِ الشّعريّة- بمعنى لو كانتْ في غيرِ الشِّعرِ ما شُدِّدتْ - غيرَ مدركٍ أنَّ الأمانيّ (بتشديدِ الياءِ) جمعُ (أمنيّة)، وقد غابَ عنه قولُهُ تعالى: "وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ"...

وأستاذ منصّة آخرُ يعبثُ بتعليمِ أبنائِنا فيعلّمهم خطأً؛ إذ يقول: " للتّفريق بين لا النّاهية ولا النّافية: الأمر سهل جدًّا. لا+فعل يبدأ بتاء= لا ناهية.
لا+ فعل لا يبدأ بتاء= لا نافية"
أيّ تغريبٍ للتعليمِ، وأيّ تجهيلٍ يبغونَه، وأيّ تميّزٍ ذاكَ الذي يدّعيهِ القائمونَ على تلكَ المنغّصاتِ؟

ومنصّةٌ أخرى، لا يفرّقُ أستاذُها بينَ الفاعلِ نحويًّا واسمِ الفاعلِ صرفيًّا، ولا بينَ المفعولِ بهِ نحويًّا واسمِ المفعولِ صرفيًّا، مُشرِّقًا ومُغرِّبًا وكأنّه في تعليلةِ أو ليلةِ سمر، فقدْ ضربَ لمُتابعيه مثالًا مضمونُه: عَزَمَنا مختارُ القريةِ على طعام... هنا (مختار) اسمُ فاعلٍ؛ لأنّ مختار القرية هو الذي عزمنا..؟؟!! وأردف قائلًا: لمّا أكلنا وشبعنا وانبسطنا: شكرْنا مختارَ القرية على عزومته... فهنا مختار اسمُ مفعولٍ؛ لأنّنا نحن الذين شكرناه.... وزاد خطيئةَ شرحِه وفداحته بشناعةِ خطأ لغة حديثه ...

وآخرُ في إحدى تلك المنغِّصاتِ - ممّن يدّعي أنّه لا يُشَقّ له غبارٌ شارِحًا درسَ الاستثناءِ مخاطبًا طلبةَ الثانويّةِ العامّةِ: إذا طُلِب إليكم تمييزُ نوعِ الاستثناءِ المنقطعِ من غيرِهِ، فلا تختاروا أيّ جملةٍ سبقها نفيٌّ؛ فالاستثناء المنقطع لا يأتي في سياقِ نفيٍّ.
عجبًا، ثمّ عجبًا، وَيْكأنّه لا تعنيهم سوى المتاجرةِ بالعلمِ ولا يهمُّهم إلّا ما في جيوبِ ذويكم، قولوا لأمثالِ هؤلاءِ:
ما نوعُ الاستثناءِ في بيتِ المتنبّي:
وَلا كُتْب إلّا المَشرَفيّة عِنْدهُ وَلا رُسُل إلاّ الخَميس العَرَمْرَم ؟؟؟
بنصب (المشرفيّة) أي السّيف...
أليسَ الاستثناءُ في بيتِ المتنبّي السابقِ استثناءً منقطعًا؟!

ومنصّة أخرى يُعلّمُ فيها الشارحُ طلبتَه كيف يستدلّونَ على الاسمِ المنسوبِ (النّسبِ) قائلًا: إذا رأيتم في الجملةِ اسمًا ينتهي بياءٍ مشدّدة فاختاروه؛ فهو الاسمُ المنسوبُ...!!!
أما أنا فسأكتفي بمخاطبةِ هذا الشارحِ فأقول: يا رجلُ، أتّقِ اللهَ تعالى في ما تقدِّم للطلبة؟ وماذا تقولُ عن الاسمِ (محمِيٌّ) الذي ينتهي بياءٍ مشدّدةٍ في جملةِ (الوطنُ محْمِيٌّ بأهلِه المخلَصينَ)؟ وماذا ستقولُ للطلبةِ الذين غرّرْتَ بهم حينَ يتّبعون أباطيلَكَ، فيجيبونَ: إنّه اسمٌ منسوبٌ؟ وإجابتهُم تلكَ خطأٌ صُراحٌ؟ وهلْ ستتحمّلين أيّتها المنصّةُ المبجّلةُ نتيجةَ خطئِك الفادحِ، وكيف، وكيفَ وقد سبقَ السّيف العذل؟ أمْ أنّ لديكِ دفاعًا جاهزًا واتّهامًا مُعلّبًا مفادُه: الحقُّ على الوزارةِ، الامتحانُ صعبٌ، و، و.....؟!
أيّ تهريجٍ هذا؟ وأيّ تخريفٍ ذاك...؟!

وفي منصّة أخرى من منصّاتِ التّهريجِ أحزنَني حزنًا جمًّا حتى كادت تبيضُّ عيناي منَ الحزنِ - معلّمٌ للّغةِ العربيّةِ يحملُ درجةَ دكتوراة، واثنانِ معَه، لا يميزُ بينَ المبتدأ والمعطوفِ والمنادى المضافِ، ساخِرًا منْ ضَمِّ التّاءِ في جملةِ: "شبابُنا وشابّاتُنا مُبْتَغًى عُلاهُم" التي وردت في الورقةِ الامتحانيّة في دورةٍ امتحانيّة سابقةٍ، وراحَ يزمجرُ ويُرعِدُ، متسائلَا، كيف يخطئُ مُعدّو الأسئلةِ بهذا الخطأ؟ وكيف يكتبونَ النّحوَ وهمْ يرفعون المنادى المضافَ وهو منصوب، و ما زاد الطينَ بِلّةً استئناسُهُ برأيِ صحْبِه في البثّ المشؤومِ، فوافقوه على خطئِه، واشتطّوا في ردْحهم وسخريتِهم من وزارةِ التربية والتعليمِ... ولو تعقّلَ هؤلاءِ وأمثالُهم لتمنَّوْا أنْ تنشقّ الأرضُ تحتَ أقدامِهم وتغوصَ بهم إلى أعماقِ غياهِبِها؛ إذْ فاتَهم - سهْوًا أو جهلًا - أنّ ما ظنّوه إثمًا وجَوْرًا، ليسَ منادًى مضافًا، وإنَّما مبتدأ، في الوقتِ الذي لا يغيبُ فيه عنِ ابنِ الصفِّ الرابعِ مفهومُ المبتدأ، بلْ إنّه ليدركُه تمامَ الإدراكِ، فكيفَ بذاك الذي يحملُ درجةَ الدكتوراة ومؤازريهِ َمِمّنْ لفّوا لفَّهُ، ولكنّها، يا سادةُ يا كرامُ، عينُ السّخطِ، تلكَ العينُ البغيضةُ التي لا تُبْدي سوى المساوئِ، ولا ترنو إلّا إلى اغتيالِ الشخصيّاتِ الاعتباريّةِ في وزارةِ التربيةِ والتعليمِ وقادتِها الأوفياءِ وأبنائِها المخلَصينَ.

واختتامًا، وليس ختامًا، فإنّ ما قدّمْتُ لا يعدو غيضًا من فيضٍ، وإلّا فالأمثلةُ والشواهدُ تطولُ وتطولُ، ولو أردتُم لزِدْتُ، فلْيرعَووا، ويعلموا أنّ بضاعتَهم ستؤوب إلى كسادٍ، وتجارتَهم ستؤولُ إلى بوارٍ...
ولعلَّ في ما أسلفتُ قدْرًا كافيًا وبرهانًا ساطعًا للطلبةِ وأولياءِ أمورِهم وأطيافِ المجتمعِ المحلّيّ كافّةً؛ لكي ينبذوا تلكَ المنصّاتِ في العراءِ، وأنْ تضربَ وزارةُ التربيةِ والتعليمِ ومجلس النوّاب وغيرُهما من مؤسّساتِ الدولة بيدٍ منْ حديدٍ كلَّ مَنْ تسوِّلُ له يدُ الجهلِ واللّؤمِ العبثَ بمنظومتِنا التعليميّةِ التعلُّميّةِ الرائدةِ في وطننِنا الحبيبِ؛ ليعلو شأنُ المدرسةِ صرحًا علميًّا شامخًا، وقادتِها الأوفياءِ، ومعلِّميهما الغُيُرِ المخلَصينَ...








طباعة
  • المشاهدات: 7301
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
02-08-2023 12:08 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم