03-08-2023 08:42 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
بعيداً عن موقف الـ «ضد» والـ «مع» الذي رافق مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، فإنّ علينا أن نقر بأنّ الحالة الحوارية التي رافقت القانون، سواءً على المستوى النخبوي أو الشعبي، هي حالة أردنية استثنائية، ذلك أن مشروع القانون خلق حواراً مجتمعياً جيداً يمكن البناء عليه، ونحن في مناخات مشروع التحديث السياسي.
وهذه الحالة الحوارية الأردنية، في طياتها بعض الملامح التي يجب أن يتم الحديث عنها، أو التأكيد عليها، وأبرزها الثقة بالقضاء الأردني، ومقدرته على تطبيق القانون، وتفسيره بعدالةٍ، وأن القوانين دائماً ما كانت تواكب المتغيرات سواءً الإقليمية أو الدولية، ومعها المتغيرات التكنولوجية بطبيعة الحال.
والأردن لديه تجربة عميقة في إقرار القوانين وإنفاذها، وحتى تغييرها لتكون مواكبة ولصالح الناس، ومن دلالات هذا الأمر، امتلاكنا لإرثٍ تشريعيٍ يمتد أكثر من قرنٍ من الزمان، إذ لدينا أكثر من مئة ألف صفحة بالجريدة الرسمية، منذ دشنت أولى أعدادها بمسمى الشرق العربي عام 1923م.
وحين كنت مديراً للمكتبة الوطنية، أكملنا عملية إتمام توثيق أعداد هذه الجريدة، ورقمنتها، لإيماننا بأن هذه التجربة هي جزء من تجربة الإقليم، وليس الأردن وحسب، وللثقة بمؤسستنا القضائية وأحكامها التي كانت دوماً ما تؤكد على الصالح العام.
فما جرى من نقاشِ حول القانون، مهما تعددت الآراء حوله، هو جزء من صيرورة أردنية، وحالة دوماً ما كانت حيوية، قادرة على صياغة التجربة، وخوضها، ومراجعتها، بعيداً عن مشاعر الحماسة والمبالغة التي يظهرها البعض سواءً بالدفاع عن وجهة النظر المؤيدة أو المعارضة، ذلك أنّ الأردن بني على دور الإنسان، وعلى المقاربات الممكنة، بين الجميع، وعلى القاسم المشترك الأكبر، ولم يكن يقتصر الحوار حول أيّ شأن على وجهة نظر واحدة.
إنّنا اليوم أمام حالةٍ حواريةٍ هي جزء من إرثٍ موصول، ويمكن دوماً البناء عليها في بناء حياةٍ عامةٍ نقيةٍ من أيّ شوائبٍ أو مرامٍ تهدف إلى التشويش فقط، ولربما ما يمكن الالتفات إليه، أننا وفي ضوء مشاريع التحديث، قد بدأنا نؤسس لحالةٍ تقطع مع حالة الجدل التي سادت مؤخراً، وننتقل إلى حالة الحوار المعقول، الذي يهدف إلى الصالح العام.
فأدوات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت ميزة في السنوات الأخيرة، رافقها سلبيات كبيرة، وتشويش يريد النيل من كل شيءٍ وكرست انطباعات تريد أن تحل مكان الحقائق، فساد شعور بالإحباط تستطيع أن تقرأ تفاصيله يومياً، عبر صفحات منصات «فيسبوك» وغيرها.
واليوم، فإنّ الحوار حول مشروع القانون، يؤسس لمشهدٍ جديدٍ، عنوانه كيف نتعاطى مع ما يدور في هذا الفضاء.. وقانون الجرائم الأخير، حرك المياه الراكدة التي كثيراً ما حاولنا تجنبها، ولكن النصوص الجديدة للقانون لا تعني بالنهاية أن الأمر انتهى.. فالدولة قوية بمؤسستها القضائية، وبدستورها، الذي كفل للناس حرية الرأي والتعبير، وحتى الحالة الحوارية في جوانبها كانت جيدة يمكن أن تؤسس لفضاءٍ وأسلوب جديد من الحوار وأساليب إدارته.. فالأردن دولة حيوية، وقد تأسس على شرعيةٍ ومشروعيةٍ محورها الإنسان، وفلسفة الحُكم قائمة على صون ?لناس وحقوقهم، وهذا ما أرساه ملوك بني هاشم عبر عمر دولتنا الممتد لأكثر من قرنٍ.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-08-2023 08:42 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |